الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مع مرور الزمن وتطور العلوم والنظريات العلمية تزداد العوامل التي تعمل على تفسير وتحـليل الواقع والمحاولة في الاستفادة من هذه العلوم في الوصول الى أقصى مراحل المنفعة النفسيـة والمجتمعـية والأهم بالتأكيد المنفعة الاقتصادية وهي المحرك الرئيـس لكل حركة تطور على مدى التاريخ. كانت الخمسينات الميلادية من القرن الماضي هي بداية عقود الزمـن الذهبية للترابـط الرهيب للإحصاء مع الصناديق الاستثمارية، العائمـة في فوضى لا تنتهي قبـل ظهـور هذا الترابط الذي حل كثـير من العشوائية، بدأت الحكـاية من الأمريكي ماركيوتـز في نظرية “المنحنى الفعال” الخاصة به والتي تُعتـبر التدخل الإحصائي الأبرز الذي مهد الطريـق لتدخلات رائعـة حتى اليوم وبالتأكيد ستستمر إلى الغـد لعـلم ” الجوكـر” الإحصاء في مجال المـال والاقتصاد.
المعرفة في الإحصاء من أهم الجوانب التحليليـة للمستثمرين الإفراد على وجه الخصوص في الصناديق الاستثمارية الخاصة والعامـة بسبب التنوع الهائـل للصناديق في الأسواق المالية والأصول المختلفة لها ودرجات التفاوت الكبيـر في المخاطـر والعوائد. الهدف من تحليل الصناديق الاستثمارية بالتحليل الإحصائي والكمـي هو مساعدة المستثمرين على تحديد ما إذا كانت الصنـاديق من الممكن أن تحقق أهدافهم الاستثمارية، بالإضافة الى أنه يمكن من خلالها تحديد العوامل التي من الممكن تحسينها وتطـويرها في عملية الاختيار المناسب للصناديق. سنتـطرق على بعض المؤشـرات الإحصائية التي يجب على كل مستثمر في الصناديق الاستثمارية معرفتها وتفسير نتائجهـا بشكل جيد لمساعدته في أتخـاذ القرار الاستثماري المناسب المتوافق مع الخطـة الزمنية الخاصـة به ودرجة تحمل المخاطـر لديه وبالتأكـيد المتوافق مع العـوائد المرغوبة التي يسعـى لتحقيقهـا.
المؤشرات الإحصائية التي من خلالها يمكن تحليل الصناديق الاستثمارية عديدة، ولكن معرفة العوامل الرئيسية الأربع التالـية سيساعد بشكـل كبير على أتخـاذ القرار الاستثماري المناسب للمستثمـر وهي الأداء، التذبذب، الترابط والعامـل الأخير هو العائد الإضافي لكل وحدة من المخـاطر. ما هذه العوامل الإحصائية وكيف يمكن قياسها وماهي أهميتها للمستثمرين هو حديث النقاط التالية:
الأداء: يعتـبر أهم عامل إحصائي يـركز عليه المستثمرين، تقيــيم أداء الصندوق الاستثماري لفترة زمنية معـينة أو منـذ إنشاء الصندوق ومقارنته مع المؤشر الإسترشادي الخاص به والصناديق الاستثمارية المماثلة وكم العائد الأضافي المحقق (ألفــا) مقارنة مع المنافسـين ومدى مرونة الأداء مع الأزمـات والتحركات الاقتصادية العالمية أو الخاصة التي تخـص دولة الصندوق أو الشركة المـشغلة له هي أبرز العوامل التي لابد للمستثمر النظـر لها للوصـول الى تحليل أداء جيـد وشامل وغير متحـيز. أيضـًا من المهـم اختيار الفترة الزمنيـة المناسبة لمقارنة الأداء بشكل جـيد، ليس من المنطق مقارنة أداء صندوق استثماري تم أنشاؤه – على سبيل المثـال – فترة كورونـا مع صندوق أخر في فترة ما بعد الجائـحة، فلابد من تحديد فترة واحـدة عادلة للمقـارنة بين أداء الصناديق.
التذبذب: عامـل التذبذب هو العامل الثاني المهم الذي يأتي بعـد الأداء لترابطهم القوي مع بعضهم البعـض، فالتذبذب العالي يولـد أداء عالي والعكس صحيح. لابد من أن المستـثمر يعمل على مقارنة مدى التقلب للصناديق الاستثمارية التي لها استراتيجيات استثمارية متشابهـة مع بعض البعض. من أشهر مقاييس التذبذب للصناديق الاستثمارية هي الانحراف المعياري وبيتا. الانحراف المعياري يقيس مقدار تشتت عوائد الصندوق مقارنة مع متوسط عوائد الصناديق في السوق، أما بيتا فهي تقيس مدى حساسية تحرك عوائد الصندوق مع السوق بشكل كامـل.
الترابـط: الترابط هو مصطلح يعـتبر جوهر نظريات المحافظ والصناديق الاستثمارية منذ نشأته في مجال المالـي على يد الرائـع حامل نوبـل مطلع التسعينات الميلادية ويليام شـارب، وهو مصطلح يقيس مدى ترابط الأصول داخل الصندوق أو المحفظة الاستثمارية مع بعضها، فكلما كان الترابط منخفض كلما كان التنويـع في الأصول أعلى وبالتالي تحقيق عوائد أعلى بمخاطر أقل. لابد من أن المستثمر يعمل على تحليل مدى ترابط الأصول في الصندوق الاستثماري، فليس من الجيد أن يركـز الصندوق على سبيل المثال على القطاع التكنلوجيـا – كما هو الحال الان في أغلب الصناديق الاستثمارية في السوق الأمـريكي – فالتنويع بين القطاعات والأصـول يحقق أداء قوي في المدى الطويـل يعجـز تركز الاستثمار في قطاع أو أصل مـا على تحقيقـه.
العائد الإضافي لكل وحدة من المخـاطر: العوائد ترتبط بشكل تام مع المخـاطر ويعتبرون رِفـاق التتابع على الإطلاق، فارتفاع العوائد لابد من أن ترتفع معه المخاطر، لذلك بدأ شـارب في عملية تحليل هذا التتابع وتحديـد مؤشر إحصائي يعمل على ذلك، ليتوالى بعد ذلك ظهور مؤشرات عديدة تعمل على نفس الطريقة. نسـبة شارب ” مؤشـر شارب ” يعمل على تحديد كم من العائد حققه الصندوق أضافي (ألفــا) مقارنة مع المخاطر الكلية التي تم أخذها لتحقيق هذا العائد الإضافي – بمعنـى أخر – عندما تكون نسبة شارب عالـية لصندوق استثماري مقارنة مع أخر فهذا يشير الى أن الصندوق يحقق عائـد أعلى بمخاطر أقل، لذلك فهو اكثـر كفاءة من الأخر. نسبة شارب تعمل على مقارنة العوائد بالمخاطر الكلـية (مخاطر السوق بالإضافة الى مخاطر أصول الصندوق ذاتهـا) وهـذا أثار فـضول العلوم المالـية والعلماء لاستحداث نفس المؤشـر، ولكن بمقارنة العوائد بمخاطر مختلفة مثل مخاطر السوق فقط أو بمخاطر أصول الصندوق فقط أو حتى بمخـاطر ذات التباين السيء كما فعـل سورتيـنو.
العوامـل الأربع الرئيسيـة المذكورة هي نقاط الاختيـار الجوهـرية لكل الصناديق والمحافظ الاستثمارية، ولكن تحت مظلتهـا العديد من التفاصيـل شديدة الأهمـية والتعـقيد سيطـول الحديث عنها، ولكن بفهم رؤوس الأقلام للركائز الأربع سيتمكن المستثمر الفرد باتخاذ قرار استثماري جيد وعقلانـي وغير متحيز لأي عوامل خارجية ويكون بذلك على يقين ” بالاختيـار “. الإحصاء والعوامـل الوليدة منـه هي وقود كـل العـلوم ولن تبـقى كما هي في علوم المال على الدوام، يومـًا ما سيظهـر بشيء جديـد يترك عوامل الإحصاء الحالـية أرث قديـم.
اقتباس اقتصادي: ” الاختبار الوحيد ذو الصلة بصحة الفرضية هو مقارنة تنبؤاتها بالخبرة.” – ميلتون فريدمان
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال