الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
سرعان ما أصبحت الصين واحدة من أكثر المستثمرين الأجانب نشاطا في المملكة العربية السعودية، وخاصة في دفع عجلة التصنيع المحلي في المملكة. وفقا لأحدث البيانات من بنك الإمارات دبي الوطني، ارتفعت استثمارات الصين في السعودية إلى 16.8 مليار دولار في عام 2023، مع التركيز بشكل أساسي على المجالات الرئيسية مثل السيارات والمعادن وأشباه الموصلات، بزيادة تزيد عن عشرة أضعاف مقارنة بعام 2022. هذا القفزة لا تعكس فقط عمق واتساع التعاون الاقتصادي بين البلدين، بل تعكس أيضا مدى توافق تنويع الاقتصاد السعودي مع استراتيجية الصناعة العالمية للصين.
وفي إطار برنامج “رؤية 2030″، تعمل المملكة العربية السعودية بنشاط على تعزيز استراتيجية التصنيع المحلية، بهدف تعزيز بناء وتحسين السلسلة الصناعية المحلية وتحقيق التنويع الاقتصادي. والهدف هو زيادة مساهمة التصنيع في الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 900 مليار ريال بحلول عام 2030.
وتلعب الشركات الصينية دوراً حيويا في هذه العملية، ليس فقط من خلال تعزيز التنمية الصناعية المحلية عبر الاستثمار المباشر، بل وأيضا من خلال نقل التكنولوجيا وتدريب الكوادر، مما يساعد في تسريع عملية توطين صناعة السعودية.
بالإضافة إلى إنشاء المصانع بشكل مباشر في السعودية، توفر الشركات الصينية أيضا دعما قويا لتطوير الصناعة التصنيعية السعودية من حيث إمدادات خطوط الإنتاج وبنائها. على سبيل المثال، تتعاون شركة “سينوما سي.دي.آي” الصينية مع شركة “أسمنت الشرقية” السعودية لإنشاء خط إنتاج جديد بمصنع الشركة بطاقة انتاجية تبلغ 10 آلاف طن كلنكر في اليوم. كما تتعاون شركة “تشنغدا” الصينية مع شركة إنوكيم السعودية في إنشاء المجمع الأول والأكبر في المنطقة لرماد الصودا وكلوريد الكالسيوم إضافة إلى خطوط إنتاج السيراميك التي أنشأتها العديد من الشركات الصينية في السعودية.
في هذا السياق، استجابت العديد من الشركات الصينية لدعوات الاستثمار وتأسيس المصانع في السعودية. في مايو عام 2023، وقعت أرامكو السعودية وشركة باوستيل وصندوق الاستثمارات العامة اتفاقية لإنشاء أول مجمع متكامل لتصنيع الألواح الفولاذية في المملكة. وفي يونيو عام 2023، خلال الدورة العاشرة لمؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين، وقعت وزارة الاستثمار السعودية اتفاقية بقيمة 5.6 مليارات دولار مع شركة هيومان هورايزونز الصينية لتطوير صناعة المركبات الكهربائية محليا. في سبتمبر عام 2023، أعلنت شركة جي سي إل تكنولوجي، ثاني أكبر منتج عالمي لـ”البولي سيليكون”، عن إنشاء أول مصانعها الخارجية في السعودية من شأنه أن ينتج 120 ألف طن سنويا. وفي أكتوبر من نفس العام، وقعت شركة (TCL) تشونغهوان لتكنولوجيا الطاقة الجديدة المحدودة وشركة الرؤية للصناعة في السعودية اتفاقية لبناء مصنع رقائق السيليكون الشمسية في السعودية.
هذا التعاون لن يساهم فقط في تحسين المستوى الفني وكفاءة الإنتاج في الصناعة السعودية، بل سيخلق أيضا الكثير من فرص العمل للبلدين. مع الاستثمارات الضخمة التي تقوم بها السعودية في مجالات البنية التحتية والسياحة والطاقة، سيستمر الطلب على مواد البناء والمعدات الآلية والمنتجات التكنولوجية المتقدمة في النمو. يمكن للشركات الصينية أن تستفيد من مزاياها الخاصة وتشارك بنشاط في البناء الاقتصادي والترقية الصناعية للسعودية.
تواجه التعاون الصيني السعودي تحديات وفرص متزامنة. حيث تتمثل التحديات في الاختلافات الثقافية وسياسات الوصول إلى الأسواق والمعايير الفنية وحماية الملكية الفكرية. وفي الوقت نفسه، مع تغير الوضع الاقتصادي العالمي، يحتاج التعاون بين الطرفين أيضًا إلى التكيف المستمر مع بيئة السوق الجديدة واتجاهات التطور التكنولوجي. وفي المستقبل، وبمساعدة قوة الصناعة الصينية، من المؤكد أن برنامج “صنع في السعودية” سيتجه أيضًا نحو مستقبل أكثر ازدهارا واستدامة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال