الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
فبرايـر – 2006م – المملكة العربية السعودية – بدأ هبوط مدوي في أسواق الأسهم لم يكن مسبوق وفي الحسبان على الإطلاق. أنخفض السوق المتضـخم من مستويات العشرين ألف نقـطة الى السبعة الالاف نقطـة بنسبـة هبوط تُقدر بـ 75% من قيمتـة السوقـية في نهايـة العام، أستمر الحُطام حتى الأزمة العـالمية في 2008م، لتزيد الأوجاع بهبـوط جديد حتى مستويات الأربعة الالاف نقطـة. الهبوط العنيف أوجع الكثيـر من الأفراد الحالمـين في الثراء الخاطف بين ليلـة وضحاها، لكن تبددت الأحلام على ضفاف الفـجر ولم تمر الليالي بسلام. ليبقى فبراير وذكرياتـِه هو النحس والشؤم التي يُـطارد أسواق المال جيـل بعد جيـل لدى الأفراد حتى اليوم وبالطـبع سيستمر في المستقبـل حتى تعود الثـقة من جديد في السوق والمؤسسات المالية والهيئات التشريعيـة والتنظيميـة والشركات المدرجـة وجميع العـوامل الاقتصاديـة.
التشاؤم الطويـل وعدم الثـقة لدى المستثمرين الأفراد في السوق المالـية المستمـرة لعقـدين من الزمن سببـها الأبرز هو درجـة المخاطرة العالـية للأفراد التي كانت سبب رئيس في سقوط السـوق المـالي فبراير 2006م، وأعتمادهم بشكل كـبير على زخم التوجهات السوقـية والمستثمرين الأخرين وعدم دراسـة السوق والشركات المدرجـة أو التي على وشك الأدراج بشكل جيد، أيضًـا الأعتماد الكـلي على التداول في السوق الماليـة بشكل فردي وإنعدام الأعتماد على المؤسسات الماليـة التي تعمـل بشكل كامل على السـوق ومتابعتـه والألتزام بإستراتيجيات منتجـاتها الأستثمارية والقوانين التشريعية والتنظيميـة، كـل هذه العوامـل أثرت على القرار الأستثماري للأفراد في أثناء الأزمـة، ولازالت تعمل كعائـق لدى الكثيـر منهم على الرغـم من تطور السوق المالي المحلي والعالمي والأنظمـة الخاصة بهمـا التشريعية والتنيظمية والرقابيـة والدخول المتبـادل لكـبار القوم من شركات مالية وأستثمارية وسيادية عالمية ومحلـية.
لكي يستفيد المستثمرين الأفراد وخصوصًا من هم على مسافـة بعيدة من متابعة السوق وتحركـاته والعوامل المؤثرة عليـه بشكل جيـد وفعال من السوق المالية المحليـة بشكل خاص والعالمـية عمومـًا وكسر أغلال الوهم والتشاؤم القادمة من الماضي، لابـد من أن تزداد ثقتهـم في المؤسسات المالية التي تعمل في السوق المالي وتقدم منتجاتها الاستثمارية بأشكال متعددة للمستثمرين من صناديق أستثمـارية مغلقة ومفتوحة، متداولـة وخاصـة، وبأستراتيجيات مختلفة ومتنوعـة تناسب جميع أطياف المجتمع الأستثماري المحلي. هذه الثـقة تُتيح للأفراد تحقيق تنوع أستثمـاري جيد لمحافظهم وعوائد جيدة بمخاطـر أقـل على المدى القصـير وبالتأكيد على المدى الطويل وبدون تكرار أخطاء الماضي القريب.
ثقـة الأفراد في المنتجات الأستثمـارية التي تُقدمها المؤسسات المالية تأتي من خلال أن تلك المنتجات تقدم العديد من المزايا التي يصعُـب على الفرد تحقيقـها بالأستثمـار بنفـسه، وهي أن هذه المنتجـات تقدم تنوع أستثمـاري رهيب وبدرجات مخاطرمختلفة ومتعددة تناسب كل فرد ومستواه المالي والأجتماعي والعُـمري أيضًا. المنتجات المقدمـة تُعطـي مستوى مرتفع من التنويع بسعر أقل، على سبيل المثال، ليبني المستثمر محفظـة أستثمـارية من سهمين في قطاعين مختلفين، لكن سعر سهم واحـد منهم يساوي مبلـغ الأستثمار كاملًا، فأنه سيضطـر لأختيار سهم واحـد منهم ويترك الأخر، وبهذه الطريقـة فأن التنويع في المحـفظة يساوي صفر، وتُعتبر بذلك ذات مخاطر هائلـة. المنتجـات أيضًا لها سيولـة عالية مقارنة مع أمتلاك الأصول ذاتها، فأن الاستثمار في صندوق أستثماري، على سبيل المثال، يستمثر في أصول ذات سيولة منخفضـة، فأن الصندوق لديه القدرة على توفيـر السيولة اللازمـة بسرعـة مقارنـة أمتلاك المستثمر الأصل ذاته المكـون للصندوق. أيضًا تُـدار هذه المنتجـات من قِبـل مدراء ولجان إستثمارية تبتعد قراراتهم الاستثمـارية عن التأثر بزخم الأسواق والتوجهات المالية الشائعة، ولكنها عكس ذلك فهـي تُبنى من خلال قراءة دقيقة لجميع العوامل المحيطـة بالأستثمـار. المنتجـات الأستثمـارية المقدمة هي منظمـة ومراقبـة من الجهات التشريعية والتنظيمية وتحـمل شفافية عالـية لجميع المستثمرين تحت مظلتهـا. المنتجات الأستثمارية تقدم كل تلك الخصائص بمقابل مادي من أصل الأستثمار وبالطبـع هذا مايتجنبـه المستثمـر الفرد في أغلب الأحيان.
الأستثمار الفردي يقدم للمستثمر تحكم وسيطـرة أعلى، فالأستثمار في منتـج أستثماري تحـت ظل مؤسسة مالية يحد من عملية أختيار الأصول للمنتج، حيث يكون الفرد مُجبر على اقتناء الأصول التي يختارها من يُديـر ذلك المنـتج، ولكن الإستثمـار الفردي يعطي الحرية في أختيار نوع الأصول وعددها ووزنها. وأيضًـا لايدفع المستثمر رسوم عالـية مقابل أنه يُدير أصوله بذاتـه مقارنة من أن يُديرها كيان أخر عنـه، ولكن على الرغم من هذه الحرية والتكاليف المنخفضـة يبقى المستثمر الفرد عاجز بذاته وبإجتهاده في التداول عن تحقيق ما سوف يعمل علـى تحقيـقه منتج أستثماري ذو نفـس أستثماري طويل وهيكـلة تنظيمية متماسـكة ومشاعر مجـردة من كل تأثير أو إنحيـاز.
مع مرور الوقت تزداد المؤسسات المالية التي تعمل على أدارة المنتجات المالية على المستوى العالمي والمحـلي، في الولايات المتحدة، على سبيل المثـال، أرتفعت الأصول المُـدارة للمؤسسات المالية في 2022م بضعف ونصف مقارنـة مع ماقبل الأزمـة المالية الخانقـة 2008م وتحديدًا عام 2005م. في السوق المالي المحلي أزدادت عدد المؤسسات المالية بشكل هائـل حيث تجاوزت 120 مؤسسة. العدد الكبيـر للمؤسسات يُتيح للمستثمـر أختيار المدير والمنتج الأستثماري المنـاسب له ولا ينحصر أختياراتـه على عدد قليل. بالأضافه الى ذلك فأن القطاع التشريعي والتنظيمي العالمي تطور بشكل هائل بعد سقوط عام 2008م، حيث تطورت الكثير من الأوراق والمؤسسات المالية لتتجنب الوقوع في المحظور من جديد وتكرار التاريخ الأقتصادي المؤلـم. ولأرتباط السوق المالي في الاقتصاد المحلي والعالمي من المتوقع من أن تشهد السوق المالية المحلـية صعود على الأقل على المدى الطويل تزامـنًا من التطور الهائل في كل الجوانب الأقتصاديـة المحليـة، ليتمكن المستثمـر الفرد من مواكبـة هذا التطور، لابد من أن يكون على قدر مرتفع من الثقـة في المؤسسات المالية وكل الجهات الداعمـة لها والتقليل من الأعتماد على ذاتـه، وستكون بذلـك هي طريق ” العبـور ” السهل للحرية الماليـة والإستثمـار.
من الممكن القول بأن المنتجات الإستثمارية الأن في الاسواق المالية هي الملجأ الآمن للمستثمرين الأفراد، ولكن بعض المستثمرين يريد خوض التجـربة والتلاعب مع الأسواق وتياراتهـا العاصفـة بنفـسه دون قارب للعودة والنجاة من أجل التجربة والأستمتاع، والأسواق قادرة على تحقيق أمـاني هولاء المستثمرين، فهي سيـدة التلاعب منذ الكساد العظيم والتاريخ من قبلـه خير شاهـد على هذه السيدة المــاكرة.
اقتباس اقتصادي: ” لا تبحث عن الإبرة في كومة القش. فقط قم بشراء كومة القش! ” – جون بوجل
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال