الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أشباه المواصلات هي عبارة عن مواد صلبة تمتلك خصائص كهربائية فريدة، إذ تُعد موصلة للكهرباء بشكل جزئي، مما يجعلها مناسبة لصنع الرقائق الإلكترونية، ومن أهمّ المواد المستخدمة في تصنيعها هي السيليكون، الذي يُعد عنصراً أساسياً في صناعة الإلكترونيات الحديثة.
تُشكل صناعة أشباه الموصلات والرقائق عصب الحياة في عالمنا المعاصر، إذ تُعدّ بمثابة القلب النابض الذي يُشغل الأجهزة الإلكترونية، ومحرك الابتكار الذي يدفع عجلة التقدم، و الرافد الاقتصادي الذي يُؤمن المورد المنشود.
تُستخدم الرقائق الإلكترونية في كلّ جانب من جوانب حياتنا اليومية، من الاتصالات إلى الصناعة، ومن المركبات إلى الطائرات ومن الهواتف الذكية إلى الحواسيب… بحيث تُساهم في تطوير تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي، وتُعد عنصراً أساسياً للأمن القومي، وتُستخدم في العديد من الأنظمة الحساسة، مثل أنظمة الدفاع والأسلحة، وتُعد عنصراً أساسياً للأمن القومي للدول، ومع ذلك تواجه هذه الصناعة تحديات، مثل التعقيد المتزايد والنقص العالمي والاعتماد على عدد قليل من الشركات المصنعة.
لولا هذه الشرائح الصغيرة لما كانت حياتنا بمستوى التطور التي هي عليه الآن، فهي المشغّل لأجهزتنا الكهربائية بمختلف أشكالها وأحجامها، ومن العناصر الرئيسية في صناعة وسائل النقل، كما تستخدم أيضاً في صناعة لوحات الطاقة الشمسية وغيرها الكثير.
تسبّب نقص الرقائق في إحداث دمار في العديد من الصناعات، لذلك تبذل الدول الصناعية الكبرى جهودا واضحة للاستثمار في صناعة أشباه الموصلات التي يعدّها البعض “النفط الجديد”.
قُدرت قيمة صناعة الرقائق وأشباه الموصلات عام 2023 بنحو 600 مليار دولار، ممّا يجعلها من أكبر الصناعات في العالم التي تُوظف ملايين الأشخاص، وتساهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي للعديد من الدول.
حدة التنافس المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين على الساحة العالمية، وباتت الرقائق الإلكترونية، المعروفة باسم أشباه الموصلات، محوراً رئيسياً في هذه المعركة، ورغم أن الولايات المتحدة تمثل 25 % من إجمالي الطلب عليها، فإن إجمالي قدرتها على تصنيعها لا يتجاوز 12%، بعد أن كان 37 % في التسعينات، وقد أثار هذا الواقع مخاوف بشأن التهديد للأمن القومي نظراً لجهود الصين للحصول على موطئ قدم كبير في هذه الصناعة الحيوية، وتسعى الولايات المتحدة جاهدة لإعادة تنشيط صناعة الرقائق المحلية، في حين تلجأ إلى فرض العقوبات للحد من تطلعات الصين للاكتفاء الذاتي في هذا المجال الحاسم.
خصصت الدول الكبرى بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عام 2023 مساعدات حكومية بما يقرب من 81 مليار دولار لإنتاج الجيل القادم، مما أدى إلى تصعيد المواجهة العالمية مع الصين بشأن الهيمنة على قطاع الرقائق.
تتنافس الدول والشركات في إنتاج رقائق أصغر حجماً وأرخص ثمناً وأسرع لأجهزة تكنولوجية أكثر قوة وبأسعار معقولة، ويضم عالم صناعة الرقائق شركات عالمية شهيرة إلى جانب موردين صغار يصعب معرفتهم خارج سوق تخصصهم الضيق، وتُعد رقائقهم من المدخلات الأساسية لمصنعي أجهزة التكنولوجيا والمعدات الصناعية.
إن أزمة الرقائق الذكية بالإضافة للصراع الأمريكي الصيني، جعلت الدول تعي أهمية الاعتماد على نفسها في إنتاج هذه الرقائق، فقد كشفت المملكة العربية السعودية عبر رؤيتها “رؤية المملكة 2030″، أن هناك فرصة ذهبية لدخول هذا السوق وبيع الرقائق الذكية للصين التي تحتاج الكثير منها لتغذية المصانع لديها، ولكن قبل أن تقوم بالتصدير يجب عليك الوصول للاكتفاء الذاتي من الرقائق الذكية.
ابتكرت السعودية في مارس 2022 برنامجًا، يُعدّ الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط ، يستهدف توطين تكنولوجيا صناعة الرقائق الإلكترونية، التي تعول عليها العديد من الصناعات، وفي مقدّمتها السيارات الكهربائية، كما وقعت أيضاً في يونيو العام الماضي مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية “كاكست”، وشركة الصين للطاقة الكهربائية والمعدات والتقنية، وشركة بكين لتقنية الإلكترونيات الدقيقة، مُذكرة تفاهم لإنشاء مركز لتصميم وتصنيع الرقائق الإلكترونية.
يسعى البرنامج السعودي لأشباه الموصلات (أس أس بي) للتركيز على خطة استراتيجية وطنية لتأهيل الكوادر البشرية في مجال تصميم الرقائق الإلكترونية وتوطينها وهو ما يتماشى مع أهداف المؤسسات المشاركة والمتوافقة مع رؤية المملكة ٢٠٣٠، وتتوقع المملكة العديد من الفوائد من توطين الرقائق الإلكترونية والقدرات التقنية لأشباه الموصلات في قطاعات متنوعة، كالاقتصاد الرقمي وصناعة السيارات والتصنيع الدفاعي
التوجه الاستراتيجي والتكنولوجي بعيد المدى، والتي رسمتها المملكة العربية السعودية لنفسها، سيجعلها لاعباً أساسياً في مجال التقنية والتكنولوجيا، وسيساهم بقوة في تنويع مصادر الدخل القومي، وسيخلق الكثير من الوظائف بطريقة مباشرة وغير مباشرة، وسيخلق جيلا يواكب التصنيع والبرمجة والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والروبوتات والدرونز، وما نشهده اليوم من نقلة نوعية في مستوى الخدمات الإلكترونية للجهات الحكومية، جعلت من السعودية «حكومة ذكية» توفر خدمات نوعية بكل كفاءة أدت لتسهيل حياة المواطن والمقيم والزائر.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال