الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الهيدروجين الأخضر طاقة متجددة، وغير منتج للكربون كالفحم، وبلا تبعات كارثية كمصادر الطاقة النووية، وهو موضوع استراتيجي في منظومة الطاقة العالمية، ولكن انتاجه وتخزينه ونقله مكلف جدا في المرحلة الحالية، مما جعل البعض يطرح تساؤلات حول مدى قدرته ليكون أحد مصادر الوقود المهمة مستقبلا، إذ أن بعض الدراسات تتنبأ بأن الهيدروجين بشكل عام (وليس الأخضر فقط) وبسبب تحديات كبيرة في الوقت الراهن، متوقع ألا تتعدى نسبته حدود 22% في مجمل مصادر الطاقة بحلول عام 2050.
لا يزال اقتصاد الهيدروجين الأخضر بشكل عام في بدايته، وإن كان يشهد حراكا كبيرا في الحديث عنه دون الاستثمار فيه، وقد جاء على وكالة “بلومبرغ” العام الماضي أن هناك تسارعا في تطور قائمة المشاريع في الهيدروجين ولكن يظل الاستثمار فيه يعاني من محدودية ملحوظة.
أيضا، هناك مواجهة تنافسية كبيرة من الغاز، الذي له استخداماته الثرية في توليد الكهرباء وإنتاج البتروكيماويات وأيضا في إنتاج 95% من الهيدروجين (الأزرق) الذي يرافقه احتباس للكربون المنتج معه وتخزينه أو تحويله، وهو أمر في غاية الأهمية للعديد من الدول التي تملك مخزونات هائلة من الغاز، وغالبا لن تتنازل هذه الدول عن فرص الاستثمار المهولة فيه.
ومع واقع أن عملية نقل الغاز أسهل وأأمن وأرخص بكثير من نقل الهيدروجين الأخضر عبر القارات، أُلمِح إلى أن تحديا كبيرا يواجهه وهو من سيشتريه بسبب التكلفة العالية، ولكن هذا التساؤل يطرح في ظل تناسي أن الأبحاث والتطور التقني في تقدم متسارع، وقد سلط الرئيس التنفيذي لشركة “أرامكو” الضوء في مناسبة سابقة على هذه المسألة عندما ذكر بأن التكلفة العالية للهيدروجين الأزرق – على سبيل المثال – تحتم إيجاد عملاء واتفاقيات شراء مسبقة قبل التوسع في الاستثمار فيه، ومجمل القول هنا هو أن التقنية في طريقها للتطور لخفض التكلفة، وأيضا أن تصنيع الهيدروجين سيكون لمن له السبق في تملك تقنياته الحديثة.
لكن أمام الشك في وضع الهيدروجين الأخضر مستقبلا، من المهم إدراك أن العالم وخاصة الدول الصناعية أو ذات التعداد السكاني الكبير التي تولد كهربائها من الفحم (الهند 73%، الصين 65%، اليابان 31%، المانيا 28%، الولايات المتحدة 24%)، ليس أمامهم بد سوى أن يترجموا التزامهم بمقاومة الاحتباس الحراري الذي يتشدقون به باستبدال الفحم بمصادر طاقة أخرى للحفاظ على البيئة، وهذا يعني التحول لمصادر طاقة نظيفة التي من أهمها الهيدروجين الأخضر في المستقبل.
تقنيات إنتاج وتخزين ونقل الهيدروجين الأخضر تتطور بتسارع عالي، ليكون لهذا النوع من الوقود النظيف جدا مكانته المهمة مستقبلا ضمن منظومة مصادر طاقة – تراعي تنوع ظروف اقتصادات العالم وامكانياته واحتياجاته – بالمشاركة مع النفط الذي عكف ما يقارب القرن من الزمن حتى تمكن من أن يصل إلى تكلفة منخفضة، وجعله المصدر الأرخص والأكثر موثوقية في أسواق الطاقة، وأيضا الغاز المتوفر وهو مصدر موثوق للطاقة وصديق للبيئة، وأيضا أساس تصنيع الهيدروجين الأزرق الذي سيكون ضمن هذه المنظومة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال