الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بعيدا عن أنواع الهيدروجين الملوثة مثل البني المنتج من الفحم أو الرمادي الذي له انبعاثات كربونية منطلقة، هل سيكون المستقبل للهيدروجين الأزرق المنتج من الغاز الطبيعي وذو كربون محجوز، أو الهيدروجين الأخضر الخالي تماما من الانبعاثات الكربونية، ومن سيكون الأعلى تنافسية ضمن مزيج الطاقة العالمي؟
يُشتق الهيدروجين الأزرق من الغاز الطبيعي عبر عملية إعادة تشكيل الغاز بالبخار، ويظهر هذا النوع أكثر تنافسية – في الوقت الراهن – من الهيدروجين الأخضر لعدة أسباب رئيسة وعلى رأسها تكلفة الإنتاج، فتقنية الهيدروجين منخفض الكربون تسمح بإنتاجه بكفاءة وفعالية، مع إمكانية التقاط ثاني أكسيد الكربون الناتج من اشتقاق الهيدروجين والقدرة على تخزينه واستخدامه في أي منطقة جغرافية أو جيولوجية، وهذا يعني أنه خيارا صديقا للبيئة حول العالم، ويدعم تعزيز البنية التحتية للغاز الطبيعي واقتصادات الدول الغنية به.
أما الهيدروجين الأخضر الذي يمكن استخدامه – كالأزرق – في محطات الطاقة، والنقل، والصناعة، فإنتاجه خالي تماما من الكربون والانبعاثات بسبب استخدام الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية من خلال تحليل الماء في إنتاجه، وهذا بالطبع يجعله خيارًا صديقًا للبيئة أكثر من الهيدروجين الأزرق، مما يدعم اعتباره الخيار الأكثر اهتماما وبامتياز لكي يكون المصدر الهيدروجيني الأهم للطاقة في المستقبل، والمتوقع – مع انخفاض تكلفة إنتاجه ونقله وتخزينه – أن يكون قادرا على توفير ما لا يقل عن %25 من احتياجات الطاقة عالميا بحلول عام 2050.
بالنظر في عالم الهيدروجين حول العالم، تنتج الصين وتستهلك أكثر من 24 مليون طن من الهيدروجين سنويًا، و يعتبر الهيدروجين للصين موضوع استراتيجي ضمن خطته الاقتصادية لمستقبل مزيج الطاقة الذي يحتاجه في الصناعات خاصة الكيميائية والتعدينية والنقل، وقد أفصح عن خطط جريئة في العمل على إنتاج الهيدروجين الأخضر، ولكن يظل موقفه ملتبس بسبب استخدام الهيدروجين البني بشكل واسع، ولا توجد أي معلومات حول نيته للتوقف عن إنتاج هذا النوع الملوث، كما أن مستهدفه المعلن في استخدام الهيدروجين بحلول عام 2050 في حدود 5 – %10 بكل أنواعه.
ولا يختلف الأمر في الاتحاد الأوروبي الذي أصدر استراتيجية الهيدروجين الوطنية في عام 2020، معتبرا الهيدروجين الأخضر الهدف الأساس، ولكن المتوقع ألا يتعدى استخدامه – ومعه الأزرق – نسبة %13 من مجمل مزيج الطاقة التي تحتاجها القارة العجوز بحلول عام 2050.
إلا أن الهيدروجين الأخضر سيكون مستهدف الدول التي تعمل على تنمية اقتصاداتها بعيدا عن النفط والغاز، وقد أعلنت دول مثل المغرب ومصر وناميبيا في إفريقيا وتشيلي في أمريكا الجنوبية – على سبيل المثال – عن نواياها في أخذ هذا المنحى بجدية، وهذه نقطة في صالح النزعة الجادة نحو الهيدروجين الأخضر.
لا شك في أن الهيدروجين – سواء كان أزرقًا أو أخضرا – يُعد مصدرًا مهمًا للطاقة المستدامة في المستقبل، ومتوائم مع متطلبات مؤتمر باريس للمناخ، وغالبا سيكملان بعضهما البعض رغم التنافس الذي سيكون بينهما، وما حقيقة أن دولا كبرى تسعى للقيادة والريادة في إنتاج وتصدير النوعين مستقبلا مثل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، وتنافسهم المملكة العربية السعودية على نفس الأهداف (إنتاج الأخضر من خلال أكبر مشروع عالمي في “نيوم” وإنتاج الأزرق من خلال توظيف عملاق الطاقة العالمي “أرامكو” لحقل الغاز الضخم “الجافورة”) إلا قرينة قوية تدعم سيناريو تكاملية منافستهما لمصادر الطاقة الأخرى مستقبلا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال