الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أولاً: لم يدرك الكثيرون ممن فشلوا في حياتهم ، كم كانوا قريبين من إدراك النجاح ، حين يأسوا من الاستمرار في المحاولة – توماس اديسون
تواجه العديد من المنظمات بمختلف المجالات تحديات عديدة في سبيل تحقيق أعلى معايير النزاهة والشفافية ، ولكون أن النزاهة والشفافية هي الأسس التي تُبنى عليها الثقة واستقرار للعمل ونجاحه على المدى البعيد واستمرار المنظمة ، وتساعد في اتخاذ القرارات الصحيحة بناءً على معلومات دقيقة وصحيحة ، وهذه التحديات تمثل عقبات تعيق المنظمة عن أداء مهامها وتقديم خدماتها على أكمل وجه ومما يميز المنظمة الناجحة هو أن تكون جميع الإجراءات والخدمات المقدمة من قبلها على مستوى عالي من الشفافية والنزاهة والمساواة ، ولتحديات القانونية في هذا المجال أمثلة عديدة منها:
حيث أن بعض المنظمات لا تقوم بتوضيح طرق الإبلاغ عن حالات الفساد الواقعة بداخل المنظمة ، وإن كانت هذه الإجراءات متوفرة تكون التوعية بها والتشجيع عليها بشكل غير ممنهج ويغلب على موظفين تلك المنظمة عدم اطلاعهم عليها ومعرفته بطرق الإبلاغ الرسمية، فمن الحلول لهذا التحدي هو أن يتم سن سياسات وإجراءات داخلية للإبلاغ عن حالات الفساد بشكل واضح ودقيق أو تطويرها في حال وجودها وذلك عن طريق استخدام التقنيات الحديثة الآمنة وعالية التشفير مما يصعب الوصول للمعلومات المتوفرة بها، بالإضافة إلى التوعية الدورية للموظفين والمستفيدين من خدمات المنظمة بأهمية الإبلاغ عن حالات الفساد وتشجيعهم على ذلك.
ويمثل هذا التحدي مشكلة قانونية وإدارية كبيرة حيث يجب التعامل معه بجدية واكثر صرامة، فإن اتخاذ القرارات الغير موثقة في بعض الحالات داخل المنظمة دون وجود توثيق رسمي بها يوضح الأسباب والمعايير التي بُنية عليها تلك القرارات ، فمن الحلول لهذا التحدي أنه يجب على أصحاب القرار بالمنظمة تطبيق سياسات داخلية تتطلب توثيق كافة القرارات الهامة والغير هامة مشتملة على أسباب ومعايير اتخاذ تلك القرارات ، والأمثلة عديدة في بعض الحلول التقنية الحديثة التي تستخدم في توثيق القرارات (كنظم إدارة المحتوى ECM والذي يوفر وسيلة مركزية لإدارة وتخزين الملفات والوثائق والمستندات بشكل آمن ومنظم ويحدد الصلاحيات للوصول لها وتتبعها).
إن الضعف الذي تقع به بعض المنظمات في سوء إدارتها لصراعات المصالح التي تقع داخلها أو ترددها في اتخاذ القرارات الصحيحة تجاهه تلك الصراعات يمثل تحدي كبير في تحقيق النزاهة والشفافية داخلها ، فقد نجد أن بعض المنظمات تنعدم بها سياسات وإجراءات إدارة صراعات المصالح أو عدم تفعيلها مما ينتج عنه وجود العديد من حالات تضارب المصالح الغير مكتشفه وانعدام السياسات الصارمة الواضحة في إدارة تلك الصراعات ويتحمل الضعف القانوني بتلك المنظمة المسؤولية الكبرى لما قد ينتج على أثر ذلك من قلة إجراءات الإفصاح وتضارب المصالح والتداخل الأنشطة الشخصية والمهنية بين المسؤولين بتلك المنظمة، فمن الحلول القانونية الحديثة لهذا التحدي هو وجود تطبيق الإبلاغ السري والذي يستخدم لتمكين الموظفين والعملاء والمعنيين الآخرين من الإبلاغ عن التجاوزات والمخالفات بشكل سري وأمن ومن تلك التطبيقات نظام (WhistleB) وهو نظام إبلاغ سري يتم استخدامه من قبل المنظمات لتمكين الموظفين والأعضاء من الإبلاغ عن المخالفات والسلوكيات الغير أخلاقية أو الغير قانونية والتي تقع داخل المنظمة ويتميز هذا النظام بالسرية والأمان وتقدبم الخدمات الاستشارية للمبلغين والمسؤولين داخل المنظمة ويقوم بإعداد التقارير والتحليلات الدورية تحديد المخاطر التي يحتمل أن تواجهها المنظمة، ويتوافق هذا النظام مع متطلبات الامتثال القانوني المحلية والدولية.
من أهم مجالات مكافحة الفساد المالي والإداري الحديثة هو وجود نظام أمن سيبراني متوافق مع التحديثات الدورية للمتطلبات المحلية والدولية بالأمن السيبراني حيث أنه ظهر لنا في الآونة الأخيرة حالات عديدة من الاختراق والهجمات والتلاعبات عن الأمن السيبراني وهذا يدل على ضعف أنظمة الامن السيبراني بالمنظمة وعدم قيامها على مستوى عالي من الأمان والحماية، فإن ضعفها سبباً في حصول الاختراقات للبيانات وتسريب المعلومات الحساسة للمنظمة مما يؤثر على ثقة العملاء والشركاء بتلك المنظمة وإجراءاتها وخدماتها الأمر الذي سيؤدي إلى تعرضها لمشاكل قانونية وغرامات بموجب أنظمة حماية البيانات، كذلك ضعف إدارة الأمن السيبراني بالمنظمة سبب في حصول التلاعب بالأسواق والتداول غير المشروع حيث تستغل عصابات الجريمة المنظمة ضعف أمان النظام المالي للمؤسسة فيتم على أثر ذلك التلاعب بأسعار الأسهم أو تنفيذ عمليات تداول غير قانونية مما يثير الشكوك حول النزاهة والشفافية في السوق المالية، فمن الحلول لهذا التحدي تطبيق تقنيات الحماية المتقدمة وذلك باستخدام تقنيات حديثة كالحوسبة السحابية وتحليل البيانات الضخمة لتحديد ومنع الهجمات السيبرانية المحتملة ، كذلك تحقيق أعلى درجات الامتثال للقوانين واللوائح المحلي والدولية المتعلقة بحماية البيانات والأمن السيبراني.
إن رحلة تحقيق النزاهة والشفافية للمنظمات متطورة ومتجددة بشكل دوري ومستمر والتحديات سوف تظهر بشكل متزايد وذلك لعدة أسباب من أبرزها التطور التقني الهائلة والاعتماد على هذا التطور في أعمال وإجراءات المنظمات ، فمن الأولى على تلك المنظمات أن تقوم بشكل دوري على تحديث إجراءاتها وسياساتها لسدة الثغرات التي قد تظهر ، وأن تعمل على خلق ابتكارات قانونية حديثة تتوافق مع القوانين واللوائح المحلية والدولية المعنية بهذا الشأن لتكون على أتم الاستعداد في مواجهة تلك التحديات وحلها لتفادي تأثيرها عليها.
أخيراً: يقول محمد بن عثيمين:
وَلَيسَ يَبني العُلا إِلّا نَدىً وَوَغىً
هُما المَعارِجُ لِلأَسنى مِنَ الرُتَبِ
وَمُشمَعِلٌّ أَخو عَزمٍ يُشَيِّعُهُ
قَلبٌ صَرومٌ إِذا ما هَمَّ لَم يَهَبِ
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال