الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أولاً: أعلم رعاك الله أن الثبات على القمّة أصعب من الوصول لها ، وأن الدنيا إنما تؤخذ غلابا ، وأنه من المستحيل ان تنال شيء دون تعب وكدح ، فالنعيم لا يُدرك بالنعيم – جمال بندر
تُعد ثقافة الامتثال القانوني أحد الركائز الأساسية التي يُبنى عليها نجاح واستدامة المنظمات بمختلف أوصافها، حيث أن قيام المنظمات بتبني ثقافة الامتثال القانوني داخلها وخارجها يساهم في رفع مستوى التطور والتقدم في إجراءاتها وخدماتها وتقليل المخاطر القانونية التي قد تواجهها ، فـ مع المتغيرات العديدة التي تمر بها مختلف القطاعات تظهر أهمية ثقافة الامتثال القانوني لتواكب التزايد المستمر في سن القوانين واللوائح المحلية والدولية بكافة القطاعات وبالإضافة للتطورات التكنولوجية المستمرة والمتزايدة بشكل سريع ، فإن انعدام ثقافة الامتثال القانوني بالمنظمات يعرضها للكثير من المخاطر القانونية كالعقوبات المالية وفقدان السمعة والثقة لدى عملائها.
ومن التحديات التي تواجه المنظمات في بناء ثقافة الامتثال القانوني تحدي (التعقيدات القانونية) وهي تتمثل في القوانين واللوائح التي يجب على المنظمات الامتثال لها بحسب تخصصها ومجالها، وتزداد هذه التعقيدات مع التطور التكنولوجي الحديث والتغييرات الاقتصادية المتزايدة على الصعيد المحلي والدولي، وكما أن التباين بين القوانين واللوائح المحلية والدولية لهُ دور في تزايد حجم هذه التعقيدات ويخلق العديد من التحديات التي ينبغي على المنظمة التحوط لها ووضع خطط وحلول ملموسه لتفادي الوقوع في مثل هذه التعقيدات أو للتعامل معها بما لا يؤثر على أعمال وإجراءات المنظمة ، ومن الحلول الناجحة لمواجهة هذا التحدي هو (اعتماد نهج مبتكر في تنظيم العمل) حيث يجب العمل على اعداد استراتيجية وطرق جديدة ومبتكرة كالرفع من مستوى الابتكار القانوني بالمنظمة من خلال الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة كعمليات التحليل البيانية القانونية للخروج بتوصيات ونتائج أكثر دقة ووضوح وكفاءة وكذلك تقديم الاستشارات القانونية للموظفين بالمنظمة من خلال التقنية الحديثة كالدردشة الآلية واعتماد تقنيات الأمن القانوني المبتكرة لحماية المنظمة وضمان امتثالها للمعايير والقوانين المحلية والدولية الخاصة بمجالها والمتعلقة كذلك بالخصوصية والأمان، ومن أهم الحلول هو إدخال الذكاء الاصطناعي في تحليل المخاطر القانونية والتنبؤ بالتغييرات القانونية المستقبلية والعمل على إيجاد حلول لتلك التغييرات والتخطيط المبكر لها.
ومن التحديات أيضا هو تحدي (ثقافة المنظمة) وتُعد ثقافة المنظمة من أكبر التحديات التي يواجهها الراغبين في بناء ثقافة الامتثال القانوني بها حيث أن تغيير القيم والمعتقدات والسلوكيات القديمة التي بُنيت عليها المنظمة واعتادت عليها أمر صعب في حال عدم رغبة قياداتها بالتغيير وبناء ثقافة امتثال قانوني رصينة، فسوف يجد من أراد التغيير والبناء السليم مقاومه من أطراف داخل المنظمة بمختلف مناصبهم نتيجة اعتيادهم على الأسلوب والقيم القديمة، فيجب أن يتم تبني هذه الثقافة المهمة من قيادات المنظمة ليسهل انتشارها وتطورها وامتثال الموظفين بها لهذا التغيير والعمل على إنجاحه، فمن الحلول لهذا التحدي هو قيام الإدارة القانونية وادارات المخاطر والامتثال بمهامهم المناطة لهم وهي حماية المنظمة والعاملين بها من المخاطر القانونية بكافة اشكالها وصورها وتعزيز الشفافية والموثوقية بالمنظمة ورفع من مستوى الامتثال لأعمال وإجراءات المنظمة ويكون ذلك عن طريق فحص وتقييم السياسات والإجراءات المتبعة في المنظمة والتحديث المستمر لها وتطويرها وإضفاء عليها الصرامة والوضوح، وبالإضافة لتحليل القوانين واللوائح ذات الصلة بنشاط المنظمة وتحديد المتطلبات القانونية لتحقيق أعلى معايير الامتثال لها.
إن ثقافة الامتثال القانوني هي مسؤولية مشتركة بين جميع أفراد المنظمة وإن تبني هذه الثقافة سوف يساهم في تعزيز من سمعة المنظمة والوثوق بها واستدامتها على المدى البعيد، فجيب أن يتم التحديث بشكل مستمر و دوري لهذه الثقافة لضمان تماشيها مع التطورات القانونية والتنظيمية والتكنولوجية المستقبلية.
أخيراً: يقول ابن هاني الأندلسي :
ولم أجدِ الإنسانَ إلاّ ابنَ سعيهِ
فمن كان أسعى كان بالمجد أجدرا
وبالهِمَّةِ العَلياءِ يُرقى إلى العلى
فمن كان أرقى هِمّةً كان أظهرا
ولم يتَأخَّرْ مَن يريد تقدُّماً
ولم يتَقَدَّمْ من يريد تأخُّرا
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال