الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الهيدروجين الأخضر ليس جزءًا فاعلا في مزيج الطاقة العالمي بعد، بسبب التحديات المختلفة التي تواجه الأبحاث العلمية والسياسات الحكومية وضخ الاستثمارات فيه، لكن إدراك حقيقة دوره الحيوي في تصاعد ملحوظ، خاصة في القطاعات الصناعية التي يصعب إزالة الانبعاثات الكربونية التي تصدر منها، مما يعني أن فرض تواجده التنافسي مسألة وقت، وليظل التساؤل فقط حول ما إذا كان دخوله في مزيج الطاقة العالمي سيكون في المستقبل المنظور أم البعيد؟
النقاشات حول هذا الموضوع متباينة ما بين التحفظ والتفاؤل، مما يجعل الإجابة القطعية لهذا السؤال تحدي في حد ذاته، فالتوقعات الاقتصادية متوقفة عند أن نسبة الهيدروجين (في العموم) في مزيج الطاقة العالمي لن تتعدى 22% في مجمل المصادر بحلول عام 2050 وهذا هو السيناريو الأفضل، وحاليا تقدر قيمة سوق الهيدروجين العالمية بنحو يقارب 243 مليار دولار، ولكن لن يصل لأبعد من 410 مليار دولار بحلول عام 2030.
لكن واقع الأرقام فيه إشارة مهمة متعلقة بوجود معدل نمو سنوي إجمالي ما بين 8 – 7%، وهذا بالطبع لأنواع الهيدروجين (دون الأخضر)، والمستخدم بشكل رئيسي في قطاعي التكرير والكيماويات، ويتم إنتاجه باستخدام الوقود الأحفوري مثل الفحم والغاز الطبيعي، ولو كان بالإمكان العودة إلى بدايات استخدام الوقود الأحفوري وحساب نسبة نموه السنوية لوضحت صورة توقعات نمو استخدام الهيدروجين، ولكن هذا غير ممكن لأن مثل هكذا إحصائيات لم تتوفر إلا مع بداية الألفية الثانية الميلادية.
أيضا، الحراك الفعلي في هذا التوجه فيه العديد من الإشارات القوية مثل الصين – أكبر مستهلك ومنتج للهيدروجين المعتمد على الوقود الأحفوري – الذي أظهر أنّ لديه خططاً كبيرة لإنتاج الهيدروجين الأخضر واستخدامه لإزالة الكربون في قطاعاته الصناعية خاصة في إنتاج الصلب والمواد الكيميائية، والإشارات الصادرة من أكبر اقتصادات العالم، أهمها من المملكة العربية السعودية التي تعمل على أن تكون الرائدة في صناعة الهيدروجين الأخضر، إضافة للأبحاث الجادة في أكبر الجامعات في أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا، بل استثمرت بعض هذه المؤسسات العلمية في تأسيس مراكز بحث متخصصة في الهيدروجين الأخضر.
ما بين نقاط التقييم – عامي 2030 و2050 – يظل الحديث عن الهيدروجين الأخضر كالخيار المربح الأول في مزيج العرض العالمي ولكن ليس قبل عام 2050، حيث إنه يحتاج لوقت حتى يتمكن من اكتساب ميزة انخفاض التكلفة وتطور المحللات الكهربائية بشكل منافس يجعله يصل لحصة أعلى بكثير من توقعات عام 2030، وهذا لا يعني بالضرورة أن تكلفة الهيدروجين الأخضر ستكون متساوية في كل مناطق إنتاجه، وأيضا لا يعني أن كل منطقة ستنتجه لأهمية الغاز للدول الغنية به في إنتاج الهيدروجين الأزرق.
لكن هناك من يرى – كما جاء في تقرير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا) في 2021 – أن تكلفة منشآت الهيدروجين الأخضر – وبسبب التسارع العلمي والاهتمام الاستراتيجي به – سوف يحظى بانخفاض لا يقل عن 40% بحلول عام 2030، مما يعني أن إنتاجه سيكون مربحا اعتبارا من هذا التوقيت.
معدل النمو السنوي الإجمالي التصاعدي لسوق الهيدروجين فيه دلالة على أن الهيدروجين الأخضر سيكون له مشاركة قيّمة في نسبة مزيج الطاقة العالمي في المستقبل المنظور وبمشاركة تنافسية ضخمة لاحقا، خاصة مع استمرارية ارتفاع مستوى وعي الحكومات والمجتمعات والمنظومات الصناعية بأهميته، واستمرارية تغير الأرقام في الاستثمار فيه نتيجة تقدم مخرجات الأبحاث العلمية في إيجاد أفضل التقنيات في إنتاجه ونقله وتخزينه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال