إدارة الحج

انتهى موسم الحج بزمن مخصوص ومكان معلوم، انتهى وقد أدى الحجاج مناسكهم في راحة وطمأنينة وبيسر وسهولة، انتهى موسم الحج بفضل من الله وتوفيقه ثم بعمل دؤوب مستمر لا يتوقف من دولة ورجال أخلصوا لله في أداء واجبهم تجاه مسلمي العالم كافة قاصدي بيت الله الحرام، انتهى موسم الحج ولكن إدارة الحج وظائف ومهام وأعمال لا تنتهي ولا تتوقف، إدارة الحج إدارة تفوق الإدارة الدولية والإدارة المحلية بمراحل، لأنها تشملها جميعاً، إدارة تتعامل مع الدول والمؤسسات والمجتمعات والأفراد، إدارة تتفاعل مع مختلف الثقافات والعادات والتقاليد، إدارة تشرف على جميع الوزارات والهيئات والمؤسسات من أجل خدمة ضيوف الرحمن، إدارة تؤمن بالتخطيط الدائم والمستمر، إدارة تخطط للجو والأرض والبحر، التكامل هو نسقها، والتنظيم الذاتي هو ديدنها، والتعاون هو قوتها، والالتزام هو جودتها وتميز خدماتها.

لقد حققت إدارة الحج نجاحاً يفوق إدارة الحشود بمراحل، لأن إدارة الحشود لا تمثل إلا جزءاً بسيطاً منها، ونحن أمام مفهوم حديث ونموذج تطبيقي متميز في الإدارة هو إدارة الحج الذي يشمل الوظائف التالية:

• وحدة الأمر والتوجيه:

يتميز مفهوم إدارة الحج بأن وحدة الأمر والتوجيه هي قيادة حكيمة رشيدة تفتخر بخدمة الحرمين الشريفين، وتسخر فكرها وجهدها وطاقتها وإمكاناتها المادية والبشرية من أجل أن ينعم الحاج بكل سبل الراحة الممكنة لأداء مناسك الحج بيسر وسهولة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وبتوجيه ومتابعة من ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، قيادة تملك رؤية مستقبلية شاملة تطويرية، التخطيط للحج لديها عملية مستمرة لا تتوقف.

• التخطيط الدائم والمستمر:

تعمل كل الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة وغير الربحية (الخيرية) وفق رؤية مستقبلية رؤية 2030، رؤية عرابها الأمير محمد بن سلمان، يؤمن بأن التخطيط عملية مستمرة لا تتوقف، نعم انتهى موسم الحج وعاد الحجاج لذويهم، لكن التخطيط لمواسم الحج القادمة مستمر، تخطيط يوظف كل التجارب السابقة والخبرات المكتسبة والتفوق الذي تحقق كأحد الأسس والمنطلقات للتخطيط للمستقبل، تخطيط يواكب مستجدات وتطورات العصر التقنية والتكنولوجية واللوجستية من أجل تطوير العمل وتسهيل الإجراءات وتقديم خدمات رفيعة المستوى.

• التنظيم الذاتي:

إن وجود الخطط المتماسكة والواقعية والمتميزة هو الركيزة الأساسية للانطلاق نحو العمل والإنجاز، وهذا لوحده لا يكفي، بل يجب أن يصاحب عملية تنفيذ الخطط والبرامج والمشاريع تنظيم قوي وجيد يضمن نجاح الخطط، تنظيم ذاتي يحقق التكامل والترابط والتسلسل لمراحل الخطط والأعمال، تنظيم ذاتي يجعل كل الوزارات والمؤسسات تعمل بتناغم مع بعضها البعض، وبخطوات واضحة ومحددة بدقة.

• الإشراف التكاملي:

إن وجود وحدة الأمر والتوجيه، والتخطيط الجيد، والتنظيم الذاتي، يؤدي إلى تكامل الإشراف على إدارة الحج بين كل القيادات المدنية والعسكرية، وبغرفة تحكم تشرف ميدانياً على كل أعمال وحركات الحجاج على مدار 24 ساعة دون توقف، وتزود بكل البيانات والمعلومات وبتحديث فوري ومستمر، مما يعني ضمان تكامل الإشراف على إدارة الحج من كل القيادات المعنية من خلال متابعة دقيقة ومستمرة وبأحدث الأجهزة والتقنيات.

• الانضباط التنفيذي:

إن جوهر نجاح خطط ومشاريع وبرامج ومبادرات إدارة الحج هو التنفيذ السليم والصحيح والدقيق من كل العاملين في الإدارة الوسطى والتنفيذية لجميع الوزارات والمؤسسات والهيئات، والتنفيذ الجيد والمتقن يتطلب انضباط والتزام بتنفيذ الخطط المرسومة كما ينبغي، انضباط في الرحلات الجوية التي تنقل الحجاج من دول العالم المختلفة، انضباط في استقبال ضيوف الرحمن بالحفاوة والترحيب، انضباط في حركة المواصلات والتنقل من وإلى مكة والمشاعر المقدسة، انضباط في الأماكن المخصصة لكل الوفود، انضباط في الخدمات الصحية وتقديم الإسعافات اللازمة عند الحاجة، انضباط في رحلات القطار، انضباط في كل حركة ونشاط وعملية تقدم لضيوف الرحمن وحجاج بيت الله.

إن إدارة الحج مفهوم إداري حديث ونموذج تطبيقي مميز يدرس في الجامعات ويحتذى به