الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في المناظرة الأولى التي حصلت في 27 يونيو 2024، بين مرشح الحزب الديمقراطي (الرئيس الحالي جوزيف بايدن) ونظيره مرشح الحزب الجمهوري (الرئيس السابق دونالد ترمب)، تم التطرق لحزمة من القضايا التي تهم الناخب الأمريكي بشكل أقرب للسطحية، وهذا يرفع من وتيرة قلق العالم الذي يريد أن يعرف كيف سيتناول الرئيس القادم القضايا المرتبطة بشكل أوسع باستقرار الولايات المتحدة الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الداخلي، وتأثيرها الفاعل على المسرح الجيوسياسي العالمي وهي تحديات مربكة في عالم غير مستقر.
الاقتصاد الأمريكي هو الأكبر في العالم وبأضخم نسبة دين عام في تاريخ البشرية (34 ترليون دولار)، ولا شك في أن له تأثير على اقتصادات كافة الدول، خاصة فيما يتعلق بالتضخم والفائدة التي يتناولها الاحتياطي الفيدرالي من خلال سياساته النقدية وهي منظومة مستقلة عن الرئاسة، وأيضاً على استثمارات الأفراد في السوق الأمريكي، وتأثير الضرائب عليها وهو أمر يتناوله الكونجرس الأمريكي وله الكلمة الفصل.
في هذا التحدي، يريد العالم معرفة كيف سيدير الرئيس القادم معالجة الآثار الاقتصادية التي ترتبت بسبب جائحة “كوفيد-19″، وعملية السيطرة على الدين العام المتزايد، واستمرار التعافي الاقتصادي خاصة في سوق العمل والإنتاجية، وأيضا التعامل مع الجهات المسؤولة عن إدارة معدلات التضخم المرتفعة (الاحتياطي الفيدرالي)، والحفاظ على استقرار الأسواق المالية التي يمكن للضرائب أن ترهقها (الكونجرس الأمريكي)، والمهم هنا معرفة إن كان هناك إعادة نظر في السياسات الاقتصادية والضريبية للنهوض بالاقتصاد الأمريكي المنعكس على الاقتصاد العالمي.
التحدي الثاني المتمثل في كيفية التصدي للانقسامات السياسية والاجتماعية المتفاقمة داخل الولايات المتحدة وهو ملف في غاية الحساسية، والحاجة ماسة لمعالجة هذه الانقسامات، والتصدي للتطرف السياسي الحاصل والذي عمّق الفجوة الاجتماعية في الداخل الأمريكي، مما يتطلب تحقيق مصالحة وتوافق وطني في لحظة حرجة في تاريخها.
التحدي الثالث يتمثل في كيفية تعامل الرئيس القادم مع قضايا التغير المناخي، وما هي خططه للحد من انبعاثات الكربون وتعزيز الاستدامة البيئية، وتشجيع الاستثمار في الطاقات المتجددة والتكنولوجيات الخضراء، فالرئيس الحالي (المرشح الديمقراطي) لم تكن الاستثمارات في الطاقة المتجددة في عهده كما هو المتوقع بالرغم من التزامه بما جاء في مؤتمر باريس بخصوص التغير المناخي والانحباس الحراري، فما زالت الولايات المتحدة من أكثر الدول المنتجة للتلوث الكربوني في توليد الكهرباء بسبب استخدام الفحم وإن انخفضت نسبة استخدامه لصالح مصادر الطاقة النظيفة، أما المنافس الرئاسي (المرشح الجمهوري) فقد انسحب أثناء رئاسته السابقة من أي التزامات في هذا الموضوع لأنها كانت ستسبب – حسب قوله في المناظرة – خسارة أموال طائلة تتحملها الولايات المتحدة بمفردها دون الدول الأخرى.
التحدي الرابع هو عن كيفية التصدي للتوترات الجيوسياسية والأمنية من خلال علاقات الولايات المتحدة الدولية والمعقدة مع قوى عظمى مثل الصين وروسيا، والتي تتطلب إحياء دبلوماسية تعدد الأطراف لبناء توافقات دولية، وأيضا المشاركة بالوساطة الفاعلة في حل النزاعات المنتشرة في مناطق مثل الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية، من خلال دور عادل وقوي للضغط على الأطراف المتنازعة لتحقيق تسويات سياسية، ومواجهة التهديدات الأمنية المتطورة مثل الإرهاب والجريمة المنظمة والهجمات الإلكترونية، والحفاظ على دور الولايات المتحدة كقوة عالمية رائدة، وتعزيز التعاون الأمني مع الحلفاء والشركاء الدوليين.
التحديات كثيرة ومعقدة، فإلى أي مدى سنرى المتنافسين على الرئاسة المقبلة يتطرقون لهذه الملفات المهمة للعالم والداخل الأمريكي في مناظرتهم القادمة في سبتمبر 2024، والتي بالضرورة تحتاج عرض رؤية استراتيجية بنهج متوازن وفعال في إدارة مصالح الولايات المتحدة الداخلية والخارجية في أهم أربع سنوات قادمة في عمرها؟.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال