قراءة (5) في الحوكمة البيئية للشركات (OECD)

أوردت منظمة OECD  في الفصل السادس من مبادئها التوجيهية فصلاً خاصاً بالبيئة في ست صفحات عن واجب الشركات في حماية البيئة؛ إذ كثيراً ما يُنظر إلى الشركات متعددة الجنسيات على أنها شركات رائدة في مجالات تخصصاتها، لذا فاحتمال تأثيرها البيئي وارد، فجاء هذا الفصل ليرسم الأطر العامة التي ينبغي لهذا النوع من الشركات أن تأخذه في الاعتبار؛ نظراً لما تؤديه من دور رئيسي في النهوض بالاقتصادات المستدامة، وذلك لجعلها صديقة للبيئة من خلال الحد من آثار أنشطتها على البيئة، وتقديم حلول ناجعة للتحديات والتهديدات البيئية العالمية والإقليمية والمحلية.

 وهذا المقال يسعى في  تقديم فكرة عامة عن الجوانب البيئية التي يجب على الشركات العناية بها، وعن مراعاة القوانين الدولية الصادرة في شأن البيئة، وعن كيفية حوكمة الشركات، وفوائد ذلك.  

أولاً، فيما يتعلق  بالمسائل البيئية التي تهتم بها السياسات العالمية، فهي تشمل: 

تغير المناخ، فقدان التنوع البيولوجي، تدهور النظم الإيكولوجية البرية والبحرية والمياه العذبة، إزالة الغابات، تلوث الهواء والماء والتربة، التصحر، سوء إدارة النفايات ومنها المواد الخطرة، التأثيرات على الصحة والسلامة، وأي تأثيرات على الموظفين، والمجتمع، أو على سبل العيش أو حقوق حيازة الأراضي. ويدخل في مسائل البيئة احترام معايير رعاية الحيوان بما يتماشى مع قانون اليابسة الخاص بالمنظمة العالمية لصحة الحيوان(WOAH).

ثانياً، أمّا عن القوانين والاتفاقيات في شأن البيئة، فقد صدر  في ذلك ما يلي:  

إعلان ريو بشأن البيئة والتنمية، وخطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030. وهو يتوافق أيضًا مع اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، واتفاقية باريس، واتفاقية التنوع البيولوجي، وإطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي، وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وخطة الأمم المتحدة الاستراتيجية للغابات 2017-2030 ، وإعلان قادة غلاسكو لعام 2021 بشأن الغابات واستخدام الأراضي التي تسعى إلى وقف فقدان الغابات وتدهور الأراضي بحلول عام 2030. واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. 

 إضافة إلى ذلك، فثمة معايير في هذا الشأن، مثل: معيار ISO بشأن أنظمة الإدارة البيئية، ومعايير الأداء البيئي والاجتماعي لمؤسسة التمويل الدولية، والمنهج الاستراتيجي للإدارة الدولية للمواد الكيميائية (SAICM) حيث تعتبر هذه الأطر والمعايير التنظيمية المعترف بها سبيلاً جيّداً لفهم ومعرفة المسائل البيئية. 

ثالثاً: حوكمة الشركات بيئياً: 

 من أجل المحافظة على البيئة بجوانبها المختلفة، فإن على الشركات  إنشاء إدارة متخصصة في البيئة، تسمى بـ “الإدارة البيئية” وتختص هذه الإدراة بما يلي: 

1. تحديد وتقييم الآثار البيئية الضارة المرتبطة بأنشطة الشركة. 
2. وضع أهداف قابلة للقياس لمعالجة الآثار البيئية الضارة الناتجة أو المرتبطة بأنشطة الشركة.
3. تجنب ومعالجة آثار أنشطة الشركة على البيئة، مع الأخذ في الاعتبار التأثيرات التراكمية لمنتجاتها.  
4. العناية الواجبة على أساس المخاطر فيما يتعلق بالتأثيرات البيئية الضارة على التنوع البيولوجي في المتنزهات الوطنية والمحميات والمناطق المحمية الأخرى، مثل: مواقع التراث العالمي الطبيعي التابعة لمنظمة اليونسكو، والمناطق المحمية باتفاقية التنوع البيولوجي.
5. تزويد الناس وموظفي الشركة، وأصحاب المصلحة؛ بمعلومات كافية عن التأثيرات البيئية المرتبطة بأنشطة الشركة. فذلك مما يسهم في طمأنتهم بسعي الشركة تسعى لحماية البيئة من أي تأثير سلبي بسبب أنشطتها. 
6. استخدام نفوذ الشركة للتأثير على كيانات أخرى تتسبب أو تسهم في آثار بيئية ضارة، ومن ثم التعاون لمعالجتها مع عدم الاحتجاج بعدم اليقين العلمي كذريعة في تأجيل اتخاذ التدابير. 
7. الحرص على التنمية المستدامة، بما في ذلك تنفيذ الأولويات والأهداف الوطنية للتنمية المستدامة. 
8. توفير التعليم والتدريب المناسبين للموظفين في المسائل المتعلقة بالبيئة والصحة والسلامة، بما في ذلك إدارة المواد والنفايات الخطرة وغير الخطرة.

رابعاً: آليات حماية البيئة وتطويرها ووسائل ذلك العملية:

1. الانتقال العادل للطاقة، مثل: استخدام الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا (الأتمتة والرقمنة).
2. تطوير وتوفير المنتجات أو الخدمات التي ليس لها آثار بيئية سلبية، وآمنة في الاستخدام، وقابلة للإصلاح، وإعادة تدويرها أو التخلص منها بشكل آمن، مع أهمية أن يكون إنتاجها بطريقة سليمة بيئيًا باستخدام الموارد الطبيعية على نحو مستدام، والتقليل – ما أمكن – من مدخلات الطاقة، والتلوث، وانبعاثات الغازات الدفيئة، و النفايات، وخاصة النفايات الخطرة. 
3. دعم الشركات باعتماد أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة، من خلال كفاءة استخدام الموارد، والاقتصاد الدائري والنماذج الأخرى. 
4. تشجيع الشركات على الإدارة المستدامة للأراضي والغابات، بما في ذلك التشجير وإعادة التشجير، واحترام معايير الرفق بالحيوان. 
5. حث المجتمع على انتقاد سلوك الشركات ضد البيئة، باستخدام وسيلتي الإبلاغ والشكوى.

خامساً: فوائد الحوكمة البيئية: 

اهتمام الشركات بحماية بالبيئة مع ما يجلبه ذلك من تجسن بيئي بشكل عام؛ فإنه يُصاحب ذلك فوائد اقتصادية لها، مثل: خفض تكاليف التشغيل، والتأمين، والحفاظ على الطاقة والموارد، وتقليل رسوم الامتثال والمسؤولية، وزيادة الاستدامة، وتطوير مهارات الموظفين، وتعزيز رضا العملاء، وتقوية العلاقات المجتمعية والعامة. 

ختاماً: كثيراً ما تحاول الشركات أن تلقي باللائمة على الحكومات فيما يتعلق بالبيئة وتهديداتها، وأن ذلك خارج نطاق مسؤولية الشركات، غير أن المبادئ التوجيهية لــِ OECD  تقول عكس ذلك.