الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
منذ قيام الدولة السعودية، وتوليها إدارة الحرمين الشريفين، وهي تبذل كل ما يمكن بذله من الجهود المالية والأمنية والصحية لرعاية الحرمين ورعاية ضيوفه. ولعلنا رأينا قبل بدء موسم الحج، الحملات الإعلامية المكثفة وبلغات مختلفة من قبل حكومة المملكة حول اشتراطات الحج واهمها وجود تصريح للحج إذا كان الحاج من حجاج الداخل، او تأشيرة الحج إذا كان من حجاج الخارج.
الهدف من هذه الاشتراطات هو ضمان سلامة الحجاج، وهذا ما جعل موسم حج هذا العام من انجح مواسم الحج على الرغم من تعدد التحديات التي واجهت الحكومة السعودية، وهنا يبرز سؤال قانوني هام وهو، لماذا المملكة تفرض مثل هذه الاشتراطات في حين أن الحج فريضة دينية بحتة؟
للإجابة على هذا السؤال، لابد من تقسيم إجابة هذا السؤال الى ثلاثة اقسام، وهي: مبدأ السيادة، المسؤولية الإدارية، مسؤولية الشركات.
أولا، مبدأ السيادة، تملك المملكة مثلها مثل أي دولة معترف بها في العالم مبدأ السيادة على أراضيها، والهدف من هذا المبدأ هو ان الدولة مسؤولة عن أراضيها وعن سلامتها وسلامة سكانها وزوارها، مهما اختلفت اجناسهم واعراقهم ومذاهبهم واديانهم.
وبناء عليه، فمسؤولية ولي الامر خلال موسم الحج هو توفير جميع التسهيلات المادية والمعنوية لحجاج بيت الله الحرام مع حماية امنهم وتقديم الرعاية الصحية في حال الحاجة لها على أكمل وجه من اجل إتمام مناسك الحج من دون أي تحديات يصعب على الحاج تجاوزها. ونظرا لان المملكة تكاد تكون هي الدولة الوحيدة التي تملك خبرة إدارة وتفويج ملايين الناس القادمين من كل بقاع الأرض لأداء فريضة دينية و ركن من اركان الإسلام خلال مدة زمنية محددة وفي مساحة تعتبر صغيرة مقارنة بعدد الحجاج، فقد وضعت عدد من الاشتراطات والتي كان ابرزها تصاريح الحج، او تأشيرة الحج للحجاج من خارج المملكة. الهدف من هذا الشرط الرئيسي هو معرفة معلومات الحجاج وأماكن اقامتهم وذلك للتأكد من تقديم جميع الخدمات التي وفرتها الحكومة السعودية للحجاج لإتمام مناسك الحج بسلام، بعيدا عن كل ما يخل بأمنهم او صحتهم او ما يمكن ان يشتت الحاج عن هدفه الأساسي.
وجود شرط التصريح لحجاج الداخل وتأشيرة الحج لحجاج الخارج ليس الهدف منه منع من استطاع اليه سبيلا من أداء فريضته، او تحميل الراغب بالحج بأعلى من طاقته المادية، وانما الهدف هو حماية الحاج اثناء أداء الفريضة، ولا تعتبر هذه الرسوم باهظة الثمن. اما فيما يتعلق ببقية المصاريف التي يتكبدها الحاج، فالمملكة ليست من تفرض هذه الرسوم وانما شركات السياحة المسؤولة عن حملات الحج هي من تضع تسعيرة الحملة وهي من تتحمل ارتفاع تكلفة على حجاج الخارج.
ثانيا، قواعد المسـؤولية الإدارية مبنية على ثلاثة اركان رئيسية، وهي الخطأ والضرر والعلاقة السببية. وفق تصريح المتحدث الأمني لوزارة الداخلية، فان عدد الوفيات في موسم الحج لهذا العام هي ١٣٠١، ٨٣٪ منهم ممن لا يحملون تصريح الحج، بمعنى، ان الوفيات ممن لم يحملوا التصاريح هي ١٠٧٩ رحمهم الله جميعا.
ومن اهم الأسباب التي أدت الى وفاتهم عدم وجود حملات تأويهم وتتولى إدارة تنقلاتهم، مما اضطرهم الى السير على الاقدام لمسافات طويلة جدا تحت اشعة الشمس اللاهبة، خصوصا ان فترة الحج هذا العام تزامن معه ارتفاع درجات الحرارة، ونظرا لعدم وجود ارقام او بيانات واضحة لهؤلاء الحجاج نظرا لعدم حصولهم على تصاريح للحج، فكانت النتيجة تعرض هؤلاء الحجاج للإجهاد الحراري الذي أدى الى وفاة بعض منهم وإنقاذ من تمكنت الحكومية السعودية من إنقاذه من خلال تقديم الرعاية الصحية. ارتباطا بمبدأ السيادة والذي نتج عنه فرض قانون الحصول التصريح او تأشيرة الحج، وعند تطبيق أركان مبدأ المسؤولية المذكورة أعلاه، فالحكومة السعودية قامت بحملة إعلامية واسعة النطاق متعددة اللغات فيما يخص شرط التصريح، وفيما يخص حملات الحج الوهمية، و التوضيح بان الهدف من هذه الاشتراطات هو المحافظة على امن وسلامة ضيوف الرحمن. وبناء عليه، فان الخطأ من قبل الحكومة السعودية غير موجود ومنتفي في قضية الحجاج، وهذا يعني عدم وجود اية مسؤولية قانونية على الحكومة السعودية نظرا لأنها اتخذت جميع ما يمكن لضمان سلامة الحجاج، و فرضت العقوبات و الغرامات على المخالفين الذين قد يمارسون أي تصرفات قد تؤثر على سلامتهم او سلامة الحجاج الاخرين.
يبقى السؤال، على من يقع الخطأ؟
هنا يمكن ان تُثار النقطة الثالثة من هذا المقال الا وهي شركات السياحة في البلدان التي اتى منها الحجاج المخالفين لأنظمة الحج التي عملت على التغرير بالرغبين في الحج، واحضار الى مكة المكرمة مع عدم الالتزام بالأنظمة و القوانين التي كان من الواجب عليهم الالتزام بها. غالبا، الحجاج المخالفين لأنظمة الحج، هم أُناس بسطاء، يصدقون ما يتم تداوله في اوساطهم الاجتماعية و وسائل التواصل الاجتماعي اكثر مما يقوله القانون والنظام و المنطق، وللأسف، يعتاش على بساطتهم اشخاص لهم اهداف شخصية. في قضية الحج، المستفيد من هؤلاء البسطاء هم شركات لديها أطماع مادية، جعلتهم يرتكبون العديد من الجرائم بحق هؤلاء المتوفين. اهم هذه الجرائم هي التغرير، مخالفة القانون السعودي، النصب والاحتيال والذي أدى الى مقتل من وثقوا بهم. فعند تطبيق اركان المسؤولية على هذه الشركات، فنجد ان الخطأ واضح وضوح الشمس، والضرر لا يخفى على عاقل، اما العلاقة السببية فهي نتيجة التغرير والتحايل والنصب ومخالفة القانون أدى الى تعرض الحجاج المخالفين لظروف صعبة لم يتمكنوا من تحملها مما جعلهم يفقدون ارواحهم.
لذلك، المسؤولية القانونية تقع بشكل مباشر على شركات السياحة، كما تقع المسؤولية أيضا وبشكل غير مباشر على الوزارات المختصة بالشؤون الدينية في تلك الدول، حيث ان وظيفتها الأساسية هي توعية أبنائها قبل موسم الحج بضرورة التزامهم بالاشتراطات التي تفرضها المملكة.
المملكة كما يعلم كل من يقرأ هذا المقال، قامت بدورها بشكل متكامل فيما يخص التوعية الإعلامية باشتراطات الحج محليا ودوليا، ولكن قد لا يستمع أبناء هذه الدول لحملات التوعية التي تنشرها المملكة بين الراغبين في الحج نظرا لتأثر أبناء هذه الدول بما يُنشر في وسائل التواصل الاجتماعي من حملات مغرضة ضد هذه الاشتراطات، ولكن لو ان الجهات المختصة في الدول التي اتى منها الحجاج المخالفين قامت بدورها التوعوي، بكل تأكيد سوف ينصاعون ابناءها لهذه لحملات التوعية التي تقوم بها الجهات المختصة في دولهم. بالإضافة الى دور الدول التي تنتمي اليها شركات السياحة المسؤولية في قضية الحجاج الى ملاحقة شركات السياحة المخالفة لاشتراطات الحج والرقابة عليها ومحاسبتها قضائيا عن كل الجرائم التي ارتكبتها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال