الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لايختلف إثنان على أهمية التعليم وأهمية التحصيل الدراسي والحصول على شهادة جامعية وأذكر قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب السابق ، حين أصدر أمراً تنفيذياً بتوجيه تعليمات لفروع الحكومة الفدرالية، بالتركيز على المهارات بدل الشهادات الجامعية في إختيار الموظفين الفدراليين.
مما أثر نقاش وجدل حول الفرص الوظيفية بين التأهيل الاكاديمي والخبرة ، لكن يجب أن لا نغفل عن أهمية المهارات والانشطة اللامنهجية في صقل وتأهيل الطلاب لتهيئتهم لدخول سوق العمل.
مع تطور سوق العمل وظهور مجالات جديدة وكذلك النمو في السوق ، قد يكون من الصعب تصديق وجود نقص في الوظائف. ولكن وفقًا لعدد الخريجين ، فإن كثرة المتقدمين المؤهلين أكاديميًا تجعل المنافسة بين الخريجين قوية.
ونتيجة لذلك ، تبحث الشركات عن مرشحين جاهزين لمكان العمل يمكنهم البدء في العمل ، بالاعتماد على مهاراتهم وخبراتهم القابلة للتطبيق ، بدلاً من أولئك الذين تخرجوا حديثًا من الجامعة.
يبدو أن كثير من البرامج الجامعية لايمكن أن تكون وحدها مفتاح جاهز يخولك للحصول على الوظيفة المناسبة ، لأن المنهج الدراسي وحده لا يتماشى مع التغييرات الجذرية في سوق العمل ، اذ أن الشركات تمنح الأولوية للمهارات والقدرة على التواصل بشكل جيد.
وأذكر قصة حدثت لي أيام الدراسة في الجامعة وكان توجية من إثنان من الدكاترة الاعزاء، لنا نحن الطلاب في لقاء في بداية التحاقنا بالجامعة وكان هذا التوجيه من معالي الدكتور خضر بن عليان القرشي ومعالي الدكتور خالد بن بكر حين كانا يشجعوننا على ضرورة الانخراط والعمل في الانشطة اللامنهجية لما لها من أثر كبير ومهم على صقل قدرات الطالب الجامعي وتهيئته لسوق العمل.
وكذلك موقف أخر في الجامعة مع العزيز والفاضل الدكتور عبيد العبدلي حين طلبنا منه تأجيل موعد تسليم بحث بسبب تزامن موعد التسليم مع إمتحانات نصف الفصل وقال لنا : هل أعطيتم الخطة الدراسية في بداية الفصل الدراسي لكل مادة وهل كان مذكور فيها تواريخ الامتحانات و تاريخ تسليم البحث؟، قلنا : نعم، قال : إذاً ليس لكم عذر طالما عندكم علم من شهر ونصف ، وهنا في الجامعة نعلمكم إدارة الوقت والتعامل مع ضغوط العمل وأستطيع تأجيل موعد التسليم يومين ولكن حين تتخرجون وتعملون في إحدى شركات الوطن الكبرى وذكر مثل ارامكو أو سابك أو أي شركة أخرى ، هل تستطيع تأخير تقديم عمل لمديرك وهو يريد إنجاز العمل بسبب مهمة ضرورية وخرجنا من عنده مقتنعين وكان درس لاينسى حين رفض طلبنا بلباقة وتوجيه وإقناع وفعلاً عملنا تحت ضغط الامتحانات وسلمنا البحث في وقته.
فإن مثل هذه التوجيهات والممارسات داخل الجامعة هي جزء مهم من تعلم المهارات التي يحتاجها كل شخص في حياته العملية بعد تخرجه من الجامعة .
كان الحصول على شهادة جامعية الطريق السريع لكسب الوظيفة. و عملت هذه الطريقة بنجاح نسبي لأكثر من 50 عامًا. لكن هذه الطريقة لم تعد تعمل بشكل متزايد في العديد من المجالات اليوم.
حين كان عدد خريجي الجامعات السعودية بإعداد قليلة ولايغطي سوق العمل في منتصف الثمنيانات الميلادية ، فقد كانت الدولة تعطى كل خريج ٥٠ الف ريال مقابل العمل في قطاع التعليم لمدة سنتين كحد أدنى وذلك بسبب نقص أعداد المعلمين السعوديين.
بينما تضاعفت أعداد الخريجين إلى مستوى أعلى فأصبحت المنافسة والبحث عن المهارات الاضافية المكتسبة والخبرات هي المزايا الإضافية لكسب الوظيفة.
حدث هذا التحول في حوالي جيل واحد. إذن ما الذي قد يحمله المستقبل للتعليم؟ ما المطلوب للحصول على وظيفة ؟
أن أرباب العمل لا يركزون بالضرورة على نتائج دراسة معينة بقدر ما يركزون على المهارات التي يمتلكها الخريج، والأكثر طلبًا هو القدرات الشخصية مثل التفكير النقدي والإبداع وحل المشكلات والتواصل والقيادة.
يريد أصحاب العمل على وجه الخصوص موظفين يتمتعون بمهارات جيدة في التعامل اللفظي والاجتماعي وحل المشكلات والتواصل.
قد ذكر لي أحد مدراء الموارد البشرية في إحدى الشركات الوطنية الكبرى أنهم عندما يستقطبون حديثي التخرج وأثناء استعراضهم للسير الذاتية ، قال : عندنا معيار مهم وهو أن أي طالب يعمل في فترة الصيف لمدة معينة خلال المرحلة الجامعية ولو كان معدله أقل فإنه يعطي مؤشر إيجابي لحرصه على العمل وحين نقابلهم نجد أن لديهم مهارات جيدة مكتسبة من خلال الاحتكاك في العمل الصيفي وفي كثير من الاحيان نفضلهم حتى على أصحاب المعدلات العالية الذين ليس لهم أي سابقة عمل أو نشاط لامنهجي في الجامعة .
لذلك حتى من يتخرج من البكالوريس ويلتحق بالدراسات العليا بدون إكتساب خبرة كافية لن تكون عامل مساعد له في الحصول على فرص وظيفية إلا في المجال الاكاديمي، فإن المزيد من التعليم لا يساعد بالضبط في الواقع على تحسين الفرص الوظيفية إلا في حالات معينة، قد يؤدي الحصول على شهادت الدراسات العليا إلى جعل الأمور أسوأ ويعتبر الشخص مؤهل بزيادة ( over qualified ).
لذلك تحرص الجامعات المتميزة بتدريب طلابها على الاحتكاك بالشركات أثناء الدراسة الجامعية من خلال مد جسور تواصل بين طلابها والقطاع الذي يخص تخصصهم ، وأيضاً الطلاب المتميزين من يحاولون الإلتحاق بالعمل الجزئي أو خلال فترة الصيف ويحرصون على حضور اللقاءات والندوات والمؤتمرات التي تزيدهم معرفة وعلاقات وأيضاً تحسن من مهارات التواصل لديهم وهذا يقودهم لفرص عمل أفضل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال