الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
التوريد الأخضر هو عملية شراء المنتجات والخدمات التي تقلل من الآثار البيئية، وهي تكتسب زخمًا عبر القطاعات المختلفة. تدرك المنظمات أن قوتها الشرائية يمكن أن تحدث تغييرًا إيجابيًا كبيرًا، بدءًا من تقليل البصمات الكربونية إلى تشجيع ممارسات الأعمال المستدامة. ولا يمكن التقليل من أهمية التوريد الأخضر في عصر يتسم بتحديات بيئية ملحة.
أظهرت دراسة حديثة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) أن الشراء العام يمثل في المتوسط 12% من الناتج المحلي الإجمالي في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) وما يصل إلى 30% في الدول النامية. نظرًا لهذا الأثر الاقتصادي الكبير، فإن قدرة التوريد الأخضر على التأثير في ديناميكيات السوق هائلة. من خلال إعطاء الأولوية للمنتجات والخدمات الصديقة للبيئة، يمكن للحكومات والشركات دفع الموردين إلى تبني ممارسات خضراء، مما يخلق تأثيرًا متسلسلًا عبر الصناعات بأكملها.
إحدى المجالات الرئيسية التي يحدث فيها التوريد الأخضر تأثيرًا هو قطاع الطاقة. على سبيل المثال، التزمت مدينة سيدني بتلبية جميع احتياجاتها التشغيلية من الكهرباء من مصادر متجددة. هذه الخطوة لا تدعم فقط صناعة الطاقة المتجددة المحلية، بل أيضًا تقدم نموذجًا قويًا للمدن والشركات الأخرى لتحذو حذوها. في العالم التجاري، تعتبر شركة أبل رائدة في التوريد الأخضر، حيث تستخدم الألمنيوم المعاد تدويره في منتجاتها وتضمن أن جميع مواقع التجميع النهائية تعمل بالطاقة المتجددة. هذه الجهود ساعدت أبل على تقليل بصمتها الكربونية بنسبة 35% منذ عام 2015.
علاوة على ذلك، لا يقتصر التوريد الأخضر على الطاقة فقط؛ بل يمتد إلى مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات. تغطي معايير التوريد العام الأخضر للاتحاد الأوروبي (GPP) قطاعات مختلفة، بدءًا من البناء إلى معدات تكنولوجيا المعلومات المكتبية، مما يؤكد على أهمية تكاليف دورة الحياة والأداء البيئي. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي شراء معدات تكنولوجيا المعلومات ذات الكفاءة العالية في استهلاك الطاقة إلى توفير كبير في التكاليف على المدى الطويل.
فوائد التوريد الأخضر متعددة الجوانب. اقتصاديًا، يمكن أن يؤدي إلى توفير التكاليف من خلال تحسين الكفاءة وتقليل النفايات. بيئيًا، يقلل من التلوث، ويحافظ على الموارد، ويخفف من آثار تغير المناخ. اجتماعيًا، يدعم الممارسات الأخلاقية ويعزز المسؤولية الاجتماعية للشركات. على سبيل المثال، يهدف مشروع “جيجاتون” لشركة “وول مارت” إلى إزالة “جيجاتون” من الغازات الدفيئة من سلسلة التوريد الخاصة بها بحلول عام 2030. من خلال هذه المبادرة، تشجع وول مارت الموردين على تقليل الانبعاثات، مما يعزز ثقافة الاستدامة التي تفيد المجتمعات والكوكب.
رغم هذه الفوائد، تبقى التحديات قائمة. التكاليف الأولية العالية للمنتجات الخضراء والحاجة إلى أنظمة تحقق وشهادات يمكن أن تكون عوائق. ومع ذلك، مع نمو الطلب وتقدم التكنولوجيا، من المتوقع أن تنخفض التكاليف، مما يجعل المنتجات الخضراء أكثر سهولة. تساعد مبادرات مثل علامة الاتحاد الأوروبي البيئية وبرنامج Energy Star لوكالة حماية البيئة الأمريكية المستهلكين في التعرف على المنتجات الخضراء والثقة بها، مما يسد الفجوة بين النية والفعل.
في الختام، يعد الشراء والتوريد الأخضر أدوات حيوية في مكافحة تدهور البيئة وتغير المناخ. من خلال اتخاذ خيارات مستدامة، يمكن للمنظمات أن تكون قدوة، تؤثر على اتجاهات السوق، وتساهم في كوكب أكثر صحة. ومع زيادة الوعي وتطور الممارسات، فإن التوريد الأخضر لديه القدرة على أن يصبح المعيار، مما يدفع مستقبلًا مستدامًا للجميع.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال