الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بالرغم أن القضايا البيئية والاجتماعية والحوكمة أصبحت رائجة لدى الشركات وجميع أصحاب المصلحة، وأصبحت المنظمات تدرك أن الاستدامة تتعلق بإدارة المخاطر وفرص النمو، وتطوير الحلول التي تحقق المتطلبات المستقبلية للمنظمة وتلبي احتياجات الكوكب والناس ، إلا أنه لا يزال هناك الكثير مما يتعين تحقيقه والعمل عليه. ويجب أن تؤخذ القضايا البيئية والاجتماعية والحوكمة في الاعتبار على جميع مستويات صنع القرار. ولان مجالس الإدارة تعتبر أعلى مستويات صنع القرار في المنظمات، فإن لها الدور الأساسي في قيادة استدامة المنظومة والإشراف عليها وتحفيز جميع المستويات للعمل عليها وتبنيها. لكن من المعتاد في مجالس الإدارة أن يتم مناقشة موضوع الاستدامة من قبل أعضاء المجلس في المنظمات الكبيرة فقط في سياق تقارير الاستدامة الخاص بالشركة. وهذا ليس الدور والوقت الوحيد الذي ينبغي تداولها على الطاولة ، بل إن المجلس بحاجة أن يدرك أن قضايا الاستدامة مرتبطة مع بعضه البعض ومترابطة تقريباً مع كل قرار يتم التصويت عليه فلا بد أن تتعلق الاستدامة وترتبط بجميع بنود جدول أعمال مجلس الإدارة، وليس فقط عندما تكون مطروحة للمناقشة بشكل محدد ومستقل.
الاستدامة في الشركات عبارة عن رحلة طويلة وشاقة، ومن السهل تحقيق التقدم دون استثمار كبير في بداية هذه الرحلة. لكن تواجه مجالس الإدارة في بعض الأحيان خيارات أكثر صعوبة و تحتاج جرأة أكبر عند الرغبة في الاستمرار والتصويت على التقدم في هذه الرحلة التي يتطلب الوضع فيها ضخ استثمارات أكبر على المدى الطويل ولا تؤتي ثمارها ولا يحين قطافها الا ربما بعد مغادرة أغلب الأعضاء مقاعدهم في هذا المجلس. فهذه الخيارات والقرارات أثناء هذه الرحلة تظهر قدر الإيمان بالاستدامة من قبل أعضاء مجلس الإدارة، والمواطنة المسؤولة لما هو أفضل للشركة والبيئة والمجتمع بعيداً عن المصالح الشخصية والوقتية. فمع ثورة الاستدامة والنداءات الوطنية وانتشار الممارسات الدولية إلا أنه يوجد عدد من مجالس إدارة الشركات المكلفين بتأمين مستقبل شركاتهم غالبا ما يعيقون هذا التوجة والنداء والاستمرار على الفكر القديم بالتركيز فقط على تعظيم القيمة على المدى القصير دون النظر إلى عواقب المستقبل البعيد. هذا الفكر الذي عفا عليه الزمن يتطلب حماية الشركة منه واجتثاثه واخلائه ومنح ثوار الاستدامة مقعدًا على طاولة مجلس الإدارة.
وما لا يغفل عنه أن الاستدامة اصبحت، مطلب من قبل الموظفين والمستثمرين والمشرعيين، وتعد مرتكزاً أساسيًا من حوكمة الشركات. فالشركات المقبلة على التحول تجد أن دمج الاستدامة وتواجدها داخل مجلس الإدارة تحدي كبير لا يستهان به. وهذا ما أظهرته مؤخراً دراسة EY عندما أشار حوالي 43% من المديرين وكبار المديرين في الشركات الأوروبية الرائدة إلى عدم التزام مجلس الإدارة بدمج العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة بشكل كامل لتحقيق القيمة على المدى الطويل يعتبر التحدي الأكبر. وأن السبب وراء هذا التحدي هو قلة التواصل والفهم المشترك ومعرفة الأولويات بين مجالس الإدارة والرؤساء التنفيذيين. إن الاستدامة في الشركات هو السعي المستمر لتحقيق اقتصاد مزدهر شامل يقود الى تميز مؤسسي. ولذلك ، يجب أن تحظى هذه الكلمة ويكون لها موطن في أدوار المجلس وجدول أعماله ورسائل اتصاله مع جميع أصحاب المصلحة. فمن الضروري كسر هذه الحواجز من أجل التحول وجعل الاستدامة في مجلس الإدارة من مجرد الالتزام في الامتثال فقط إلى ميزة استراتيجية مستدامة.
وعليه يجب وضع الرؤى اللازمة والتغييرات التنظيمية، فالأمر لا يتطلب مجرد شعارات تسويقية بل يتطلب وجود ممثل للاستدامة وحامي لها يجلس جنبا إلى جنب مع بقية اعضاء مجلس الادارة المختصين في المجالات الاساسية الاخرى لضمان بقاء أعضاء مجلس الإدارة مختصة و ملائمة لجميع التوجهات والتوقعات ورسالة واضحة لتعزيز النهج والتغيير والدور المستدام في تحقيق التنمية الشاملة المختلفة على المستوى الوطني والعالمي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال