وقود الطيران المستدام Synthetic Aviation Fuel  (SAF)

بدأت الاجازة الصيفية وحان الوقت لحجز تذاكر الطيران. و بينما انت تحجز تلاحظ كلمة انبعاثات كربون اقل. فما معنى ذلك؟ باختصار هذا يعني ان محركات الطائرة تصدر انبعاثات اقل من الغازات الدفيئه كالكربون والنتروجين و ما الى ذلك بسبب التالي: اما طائرة حديثة فهي اكثر كفاءة في حرق الوقود، رحلات مباشرة اواقصر، رحلة ذات طلب ومعدل اشغال عالي، او ان شركة الطيران تستخدم وقودا مستدام. فما هو هذا الوقود؟ 

يعد وقود الطيران المستدام Synthetic Aviation Fuel  (SAF) الخيار الأكثر جاذبية اليوم لصناعة الطيران للحد من انبعاثات ثاني اكسيد الكربون والمشاكل المتعلقة بالتغيير المناخي. كان اول ظهور بشكل تجاري لهذا النوع من الوقود بكاليفورنيا بالولايات المتحده الأمريكية عام ٢٠١٦. ويهدف الوقود الجديد إلى منافسة الكيروسين الأحفوري باعتباره مصدر وقود نظيف وبديل للوقود التقليدي. قدر الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) أن SAF يمكن أن يساهم في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي يحتاجها الطيران بنسبة 65٪ في عام 2050. 

يمكن إنتاج SAF من مصادر مختلفة بما في ذلك الطحالب والتخمر الميكروبي والدهون الحيوانية والنفايات البلدية مثل الخشب والسماد. وحمأة مياة المجاري والمحاصيل غير الغذائية مثل نبات الجاتروفا. ويمكن تصنيع SAF ايضا عن طريق استخدام غاز ثاني أكسيد الكربون الملتقط، وهي طريقة ملائمة لاستخدام “اعادة تدوير” ثاني أكسيد الكربون الذي تم التقاطه مباشرة من الجو مثلا من عملية (DAC) Direct Air Capture او من الصناعات التي يصعب تخفيض انبعاثات الكربون منهاHard-to-Abate  مثل صناعات الأسمنت والصلب. ويتضمن المفهوم إنتاج الميثانول الاخضر (e-CH3OH) من خلال الجمع بين ثاني أكسيد الكربون المحتجز “المذكور اعلاه” والهيدروجين الأخضرالناتج من التحلل الكهربائي للماء، ومن ثم تحويله إلى SAF عالي الجودة من خلال تفاعل فيشر تروبش (FT) أو عملية مماثلة بمساعدة محفز كيميائي خاص. يعد هذا المسار التوليفي بديلاً أكثر جاذبية لأنه يتجنب المنافسة مع المحاصيل الغذائية وإمدادات المياه وإزالة الغابات من اجل الأراضي الزراعية. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي هذا إلى تنويع الخيارات لمواجهة التحديات المتعلقة بمحدودية توفر المواد الأولية.

عند استخدام SAF لابد وأن يتبع هذا الأداء معايير السلامة الصارمة واللوائح التي شكلتها الهيئات التنظيمية العالمية للطيران مثل معايير ASTM الدولية والمعروف ببند (D7566). واللذي ينص على التالي :يجب أن يكون وقود SAF متوافقاً للمزج مع وقود الطيران التقليدي والمعروف ب(Jet A-1)، وأن يكون من مصدر غير غذائي، وأن يعمل بكفاءة دون أي تعديلات. 

يمكن أن يكون استخدام SAF وسيلة لإعادة تدوير ثاني أكسيد الكربون من خلال عملية امتصاص الكتلة الحيوية(Biomass- Microorganisms)  التي تمتص ثاني أكسيد الكربون كغذاء. على سبيل المثال، يمكن للطحالب أن تساعد في امتصاص ثاني أكسيد الكربون لإنتاج المزيد من الوقود الحيوي بكفاءة وتقليل الحاجة إلى أنظمة احتجاز ثاني أكسيد الكربون الباهظة التكلفة. حيث يمكن أن تمتص كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون وتنتج كميات كبيرة تجارية من الدهون. الطحالب يمكن أن تزدهر في البيئات غير التقليدية مثل المياه البحرية والصحاري وحتى مياه الصرف الصحي مما يجعلها وسيلة مستدامة وفعاله .ومع ذلك، هناك تحديات مرتبطة بهذه التكنولوجيا وتطبيقها يتطلب لوائح وتشريعات واسعة النطاق. 

يمكن لـ SAF أن يخلق فرصًا اقتصادية جديدة وإيرادات إضافية للمزارعين خاصة في المواسم الغير زراعية. وتقدر الطاقة الإنتاجية السنوية ل SAF ما بين 50 إلى 60 مليار جالون. متوسط ​​التكلفة هو ٨-٩دولارات أمريكية للغالون الواحد. وتنصح المفوضية الأوروبية باستخدام مزيج 2% من SAF مع الكيروسين الأحفوري في الطيران، مع زيادة تدريجية إلى 70% بحلول عام 2050. وحاليا وصلت النسبة الى ٥٠%.

وقد تم إجراء أول اختبار طيران باستخدام وقود الطائرات الحيوية بواسطة خطوط فيرجن أتلانتيك الجوية في عام 2008. وفقًا لدراسة أجرتها مجموعة عمل النقل الجوي (ATAG)، من الممكن استبدال كل وقود الطائرات الأحفوري تقريبًا بوقود SAF في السنوات القادمة. وفي عام 2024، أظهرت دراسة نشرتها شركة إيرباص وعوداً بخفض البصمة الكربونية للطيران. أظهرت الدراسة دليلاً على انخفاض كبير في تكوين جسيمات الرماد والبلورات الثلجية )اكبر التحديات الشائعة في وقود الطائرات (باستخدام SAF نقي بنسبة 100٪. وحسبت المحاكاة أن استخدام وقود الطيران المستدام في محركات الطائرات التجارية يمكن أن يساهم إلى انخفاض بنسبة 26% في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل عام. 

بالرغم من ذلك، فإن عملية نقل وتوزيع وقود الطيران المستدام أمر ضروري للنظر فيه، حيث يمكن أن يتدهور الوقود مع الشحن لمسافات طويلة. علاوة على ذلك، يجب تحديث البنية التحتية للمطار وخطوط أنابيب التوزيع لاستيعاب التخزين والتوزيع. وان افترضنا جدلا استخدام طائرات كهربائية كبديل للطائرات ذات المحركات التقليدية فذلك يعد امرا مستحيلا بسبب حجم البطاريات الكهربائية الثقيل. و كحل سريع تقوم بعض شركات الطيران بزيادة التشجير في المناطق اللتى تحتاج الى ذلك لتعويض الانبعاثات الناتجة من عملية الحرق .(offset) 

تبعا لموقع وزارة الطاقة الأمريكية استخدم الساف SFA حتى اليوم في أكثر من 360.000 رحلة جوية تجارية في حوالي ٤٦ مطارًا يتركز معظمها في الولايات المتحدة وأوروبا. ختاما التحول الكلي للوقود المستدام ليس سهلا  .تتطلب التكلفة العالية لعملية إنتاج SFA ونقص إمدادات المواد الخام دعمًا حكوميًا هائلا وتطورا تكنولوجيا فارقا وسياسات قابلة للتكيف لتعزيز تطوير سوق وقود مستدام جذاب للمستثمرين. رحلة سعيدة!