التحول الأخضر في السعودية يعزز التعاون الصيني السعودي

زار مؤخرا وفد من صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) الصين، حيث أثارت أحدث التعاونات بينهما في مجالي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح اهتماما واسعا. لا يرمز هذا التعاون فقط التحول والابتكار في مجال الطاقة في السعودية فحسب، بل يعرض أيضا الدور الحيوي للصين في سلسلة التوريد العالمية. من خلال تعزيز التعاون مع الصين في مجال الطاقة النظيفة، تسعى السعودية إلى الاستفادة من التجربة الصينية الناجحة لتعزيز القدرات الصناعية المحلية وسلاسل إمداد أنظمة الطاقة الخضراء لديها، ودفع استراتيجية التنمية المستدامة الوطنية.

تحديدا، وقعت شركة “Sungrow” الصينية للطاقة الشمسية عقداً لأكبر مشروع لتخزين الطاقة في العالم بسعة 7.8 جيجاوات ساعة (GWh) مع شركة “ALGIHAZ” السعودية في 15 يوليو، محطمة بذلك الرقم القياسي الذي حققته شركة “Huawei Digital Power” لمشروع تخزين الطاقة الأكبر في العالم بسعة 1.3 جيجاوات ساعة في أكتوبر 2021.

كما أعلنت كل من JinkoSolar وTCL Zhonghuan، وهما شركتان رئيسيتان لتصنيع المعدات الكهروضوئية، عن إنشاء مشاريع مشتركة مع PIF وشركة توطين الطاقة المتجددة (RELC) وشركة “رؤية للصناعة”. ستقوم شركة JinkoSolar ببناء وتشغيل مشروع الخلايا والوحدات الكهروضوئية عالية الكفاءة بقدرة 10 جيجاوات في السعودية، باستثمارات إجمالية تقدر بحوالي 1 مليار دولار أمريكي. وستركز شركة TCL Zhonghuan على الإنتاج المحلي للرقائق البلورية الشمسية الكهروضوئية في السعودية، ومن المتوقع أن يصل إجمالي مبلغ الاستثمار في المشروع إلى حوالي 2.08 مليار دولار أمريكي. وتبلغ الطاقة الإنتاجية السنوية لهذا المشروع 20 جيجاوات، وبمجرد اكتماله، سيصبح أول مشروع لرقائق الكريستال الضوئية في السعودية وأكبر مصنع لرقائق الكريستال في خارج الصين في الوقت الحاضر.

وفي الوقت نفسه، أعلنت مجموعة “Envision” بالاشتراك مع PIF وشركة “رؤية للصناعة”، عن تأسيس شركة مشتركة لإنتاج معدات طاقة الرياح في السعودية. يهدف المشروع إلى بناء مصنع لإنتاج توربينات الرياح ومكوناتها الرئيسية محليا. وستكون “Envision” أكبر مساهم في المشروع المشترك، بينما ستكون  PIFثاني أكبر مساهم، وتمتلك شركة “رؤية للصناعة” الحصة المتبقية. وستساعد هذه الشركة المشتركة في تحقيق هدف السعودية لتوطين 75% من حجم طاقة الرياح بحلول عام 2030. 

هذه التعاونات ستزيد من قدرة الصناعة التحويلية المحلية في السعودية على الاستفادة من التحول العالمي في مجال الطاقة، وستدعم صندوق الاستثمارات العامة في تعزيز مكانة السعودية كمركز عالمي لتصدير منتجات وخدمات قطاع الطاقة المتجددة.

في مايو الماضي، أشار وزير الطاقة السعودي عبدالعزيز بن سلمان في اجتماع منتدى بوآو الآسيوي بالرياض إلى أن التعاون بين السعودية والصين لم يعد يقتصر على مجال البتروكيماويات التقليدي، وأن الصين تعد شريكا مهما في تحول الطاقة في السعودية، والسعودية مستعدة للعمل مع الصين لتعزيز التعاون.

في ديسمبر العام الماضي، أكد وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح خلال زيارته للصين على أن السعودية تعمل جاهدة للحاق بالموجة العالمية للتحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، وتوفر فرصا كبيرة للتعاون مع الشركات الصينية. دعا الفالح الشركات الصينية إلى النظر في الاحتياجات الضخمة في السعودية ودعاهم للمشاركة في مشاريع الإسكان والتطوير الحضري والمدن الذكية في السعودية.

وتعد زيارة وفد صندوق الاستثمارات العامة السعودي إلى الصين وتعاونه معها في مجالات الطاقة الكهروضوئية وطاقة الرياح رمزا لسير البلدين جنبا إلى جنب في عملية تحول الطاقة.

تبنت الحكومة الصينية في السنوات الأخيرة سلسلة من تعديلات السياسات ولوائح الصناعة التي تهدف إلى توجيه تطوير صناعة الطاقة النظيفة بشكل عالي الجودة. من الأمثلة على ذلك ” الشروط القياسية لصناعة التصنيع الكهروضوئية (إصدار 2024)” و”تدابير إدارة الإعلان عن معايير صناعة التصنيع الكهروضوئية (إصدار 2024)” الصادرة عن وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية. وقد أدت هذه السياسات إلى رفع عتبة دخول الصناعة، وتجنب التوسع المتكرر على مستوى منخفض، وشجعت الابتكار التكنولوجي وبناء القدرات الإنتاجية المتقدمة، مما دفع إلى تطوير الصناعة بشكل منظم وفعال.

تواصل شركات الطاقة النظيفة في الصين الابتكار والتحسين من خلال الانضباط الذاتي وعملية المنافسة، حيث تتمتع الشركات بالانضباط الذاتي الصارم في الاستثمار في البحث العلمي والتطوير والمعايير الفنية وجودة المنتج وغيرها من الجوانب، مما يشكل بيئة منافسة جيدة في السوق. أما في السوق العالمية، ففازت الشركات الصينية بثقة وتعاون العملاء الدوليين بمنتجاتها عالية الجودة وخدماتها المثالية.

إن مسار التنمية عالي الجودة الذي تسلكه الصين في مجال الطاقة النظيفة يظهر مسؤولية والتزام دولة كبيرة في معالجة تغير المناخ وتعزيز تحول الطاقة. وفي المستقبل، سيتم تعميق التعاون بين الصين والسعودية والدول الأخرى في مجال الطاقة النظيفة، مما يضخ زخما جديدا في تطوير الطاقة النظيفة العالمية.