3666 144 055
[email protected]
التغير الذي شهده المشهد السياحي في المملكة خلال أعوام قليلة يعطي نموذجاً على أهمية الإدارة الجادة للملفات المهمة.
قبل بضعة أعوام كان الحديث عن السياحة أقرب إلى الحلم. بل ربما رافقته سلسلة من العقبات التي لم يكن من الممكن إيجاد حلول ناجعة لها بدون توفر الدعم والممكنات من القيادة الرشيدة.
إذن بدأ الأمر بإرادة من القيادة. وظهر ذلك من خلال تساؤل طرحه سمو ولي العهد في حواره مع تركي الدخيل على قناة العربية عندما أكد قبل ثمانية أعوام قناعته بضرورة الاستثمار في السياحة داخل المملكة.
مع مطلع 2019 انطلقت خطوات تحويل السياحة إلى صناعة. تولى إدارة هذا الملف معالي الأستاذ أحمد الخطيب الذي بدأ رئيسا لهيئة السياحة والتراث الوطني ثم وزيرا للسياحة بعد تحويل الهيئة إلى وزارة تمهيدا لبناء منظومة سياحية كاملة.
قبل نهاية 2019 كان لدينا استراتيجية وطنية للسياحة. حدث ذلك خلال أشهر معدودة. في نفس العام تم فتح التأشيرات السياحية الإلكترونية.
كانت تلك البداية لانطلاقة مسيرة الأحلام لاستقطاب السياح من مختلف أرجاء العالم. لم تتوقف المسيرة بسبب كورونا. إذ رغم كل ما تسببت به الجائحة من أذى للقطاع السياحي العالمي، لكنها بدت وكأنها فرصة سانحة لإكمال بناء منظومة السياحة بهدوء ومراجعة تجربة استقبال السياح من الخارج خلال الأشهر التي سبقت الجائحة.
خلال العام 2020 بدأت تتضح صورة منظومة السياحة : الإعلان عن إنشاء وزارة. إطلاق الهيئة السعودية للسياحة. إنشاء صندوق التنمية السياحي. تشكيل برنامج الربط الجوي. واكب ذلك بدء عمليات تدريب القدرات البشرية في القطاع السياحي.
إضافة إلى ذلك عززت المملكة حضورها وفاعليتها في منظمة الأمم المتحدة للسياحة وسوق السفر العالمي.
يمكن القول دون مبالغة إن هذا التفاعل أعطى للسياحة العالمية ممكنات ساعدتها في تجاوز مضاعفات الجائحة. وكان من حظ العالم احتضان المملكة قمة الـ 20 في الرياض.
استطاعت المملكة من خلال البنية التقنية عالية الجودة أن تنظم قمة الـ 20 في عام الجائحة بمنتهى النجاح. وقد ساعدت هذه الاجتماعات التي انعقدت على مدار العام في تبني مبادرات ملهمة. كان للقطاع السياحي حظ كبير في قمة الـ 20. لأن تعطل السياحة كان له أثر بالغ على كل المجتمعات المحلية. إذ فقد الملايين وظائفهم وأفلست شركات طيران وأغلقت فنادق أبوابها. لم تقتصر تراجيديا الجائحة على الجانب الصحي بل إنها هزت اقتصاديات الدول والأسر التي تعتمد على السياحة كمورد للدخل والعيش. في حالة المملكة لم يكن ثمة أثر على قطاع السياحة باعتباره في بداية انطلاقته وما زال حينها في مرحلة التأسيس.
مع نجاح المملكة في السيطرة على كورونا عاودت السياحة المحلية انطلاقتها وكان إغلاق مطارات العالم فرصة لأبناء وبنات المملكة للتمتع بالتجوال في بلادهم من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها. وقد شاركهم هذه المتعة المقيمين في المملكة.
كانت تلك مرحلة الانطلاق صوب التعافي من جائحة عصفت بالعالم. خلال الجائحة أكملت وزارة السياحة الهيكلة وبناء الأنظمة ووضع المعايير والضوابط.
لم تكن المسيرة لتصل إلى ما وصلت عليه لولا التمكين والتحفيز والدعم من القيادة. هذه العبارة تكررت على لسان معالي وزير السياحة مرات عديدة آخرها خلال المؤتمر الصحفي الحكومي الذي انعقد في أبها خلال هذا الاسبوع.
واقع الحال أن سمو ولي العهد وهو يقود رؤية السعودية 2030 يجعل كل وزير معني بأحد الملفات يشعر أن هذا الملف يمثل أولوية عليا لدى القيادة. والواقع أن برنامج التحول الوطني ورؤية المملكة بكل مبادراتها تحظى بأولوية عليا لدى سمو ولي العهد.
لهذا السبب رأينا سلسلة من النجاحات على صعيد النقل بمختلف أنواعه والطاقة وبدائلها والحلول الإلكترونية والصناعة والثقافة والبيئة… إلى آخره. الحقيقة أنك لا تكاد تجد منشأة لم تحقق قفزات غير مسبوقة تستحق السرد.
أكتب هذه المقالة من أبها، حيث قررت أخذ إجازة قصيرة هناك. لست ضيفاً على أي جهة، ولكنني سائح يرغب أن يتمتع بأجواء وطنه الشامخ العظيم. بعيداً عن أي التزامات. كان الأمر عبارة عن عناق مع الناس والطبيعة والمطر والانفراد بكل هذا الجمال.
هذه المدينة تحمل كل قمة من قممها قصصاً ملهمة.
وربما كما قال وزير السياحة في المؤتمر الصحفي الحكومي سوف تكون سردية قصة نمو السياحة أكثر إثارة وتشويقاً.
من يصدق : خلال ثلاثة أعوام تحققت مستهدفات 2030. الآن أصبح المستهدف 150 مليون. خلال منتصف هذا العام جال في هذا البلد الشامخ من الداخل والخارج 60 مليون زائر. لا يمكن نسيان إسهام السياحة في تقليص معدلات البطالة وتعظيم العائد في الدخل المحلي غير النفطي.
شكراً للقيادة ولكل مسؤول شارك في صياغة رؤية المملكة 2030. والشكر حتماً لكل شابة وشاب ساهم في تحقيق هذه المنجزات.
في هذا البلد العظيم يتماهى الشعب مع القيادة في التطلعات نحو الأفضل.
ذات مرة همس لي شخص ما : عندما أطلقنا مواسم السعودية، لم نكن نتخيل أن يكون التفاعل مع المبادرة بهذا القدر.
قلت له : هذا الأمر يؤكد أن الرؤية جاءت لتحقق طموحات الإنسان الذي تفاعل معها وأعطاها دفعة كبيرة.
في بلادنا : الشعب والقيادة مثل جبل طويق : شموخ وصلابة وتلاحم وإصرار على صياغة رد الأحلام وتحويلها إلى واقع.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734