الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
العلم (science) كفرع من فروع فلسفة ما قبل العصر الحديث يعرف بأنه فلسفة فهم العالم الطبيعي، وهو الذي قد أتخذ مساراً مستقلاً عن الفلسفة الطبيعية في الفترة من القرن السادس عشر وحتى منتصف القرن التاسع عشر، وبني على ملاحظة العالم الطبيعي التي قادت لموجه من الاكتشافات هي أساس الحضارة الإنسانية الراهنة.
أما التقنية (Technology) فهي حالة الانتقال من الملاحظة العلمية إلى التنفيذ، والتي تشمل النظم التقنية المتقدمة ونماذج تنفيذها من خلال تنظيم العلاقة بين المعرفة العلمية، والتقنية لتحقيق غرض عملي، كالتي – على سبيل المثال – تتمثل بالعلاقة بين الفيزياء والكيمياء من جهة والهندسة من جهة أخرى. وما يوطد العلاقة بين المعرفة العلمية،
والتقنية هو البحث ( (research بشقيه:
العلمي الأصيل (fundamental)، والتقني التطبيقي (applied) أو كليهما اللذين يقودان معاً للاختراع ( invention )، وهو تطبيق المعرفة البحثية لإنشاء فكرة قابلة للتطبيق كعملية إنتاج مادة بتروكيماوية، أو جهاز عملي كهروميكانيكي، أو تطوير عقار طبي.
أما الابتكار (innovation) المبني على الاكتشاف العلمي، والاختراعات المتقدمة، فهو نظام متكامل يشمل البحث، والاختراع، والتطوير باستخدام كل من العلم، والتقنية للخروج منهما بمنتج تجاري (commercialization) قابل للاستخدام البشري، ويخلق قيمة اقتصادية. والابتكار ليس خطوة مستقلة بذاتها، بل هو نظام ناتج عن بيئة متكاملة ومتوازنة ( ecosystem)، ولتطويره، وتحقيقه تتفاعل جميع عناصر هذه البيئة ومكوناتها سواء كانت هذه العناصر الجهات المؤسسية الخاصة كالشركات، والعامة كالجامعات، ومراكز الأبحاث الحكومية، أو الأفراد المطورون.
ومن استقراء الاقتصاديين نلاحظ أن موجة الابتكار تتخذ دورة ما بين 40 إلى 50 سنة تبدأ من أساس اختراع جذري، ثم اختراق تطبيقي، يليه تطبيقات بدائية مشوشة، تتبعه تطبيقات ناضجة تراكمية ترتفع من خلالها الإنتاجية المنظمة، ثم فترة طويلة من التطوير التطبيقي التدريجي.
من مراحل هذه الرحلة الحضارية التنموية التي تبدأ بالعلم، وتنتهي بالابتكار مرحلة تسمى وادي الموت ( valley of death ) حيث يموت الاختراع والابتكار في فجوة منقطعة بين البحث والتطوير تحدث عندما لا تكون المؤسسات العامة الحكومية، والخاصة كالشركات قادرة على سد هذه الفجوة، وتفشل في نقل الفكرة من مرحلة تطوير النماذج الأولية، والاختراع إلى الابتكار.
الرسم التوضيحي أدناه هو جزء من تقرير نشرته شركة ميريل لينش عام 2001م عن دورات اقتصادية لابتكارات ناضجة مثل السيارات، وحالية في وقتها مثل الحاسوب، ومستقبلية آنذاك مثل التقنية النانوية موضوع التقرير. نلاحظ من التقرير الذي مضى عليه إثنان وعشرون عاما توقع نضوج ابتكار الحاسب الآلي في عام 2025م، بينما رأت ميريل لينش في تقريرها حينئذ أن تقنية النانو ستصل لحالة النضج الكامل عام 2081م.
وما يلفت النظر حاليا، ونحن نودع الربع الأول من القرن الحادي والعشرين الميلادي أن الدورات الاقتصادية للمبتكرات تشهد اختصاراً في وقتها، وشكلها، ومراحلها الاقتصادية بشكل كبير بدعم من التقنية ممثلة بثورة المعلومات، وإمكانيات الحوسبة الإلكترونية الفائقة السرعة، وضخامة المعلومات التي تسند الأبحاث الأصيلة والتطبيقية إذ يختصر بها الوقت، ويسرع بالنتائج مما ينقل مراحل الابتكار لآفاق جديدة من التطور غير متوقعة. مثلا شاهدنا بعد مرور أثنين وعشرين عاما على تقرير ميريل لينش ابتكارات أخذت دورات اقتصادية كاملة مثل الهاتف الذكي، ودورات ابتكارية في مراحل النضج مثل السيارة الكهربائية، ودورات ابتكارية في مراحلها الأولى مثل الذكاء الصناعي، والحوسبة الكمومية اللذين سيغيران المشهد التقني والاقتصادي على حد سواء، ولا نعلم ما الذي ستحمله الأيام من ابتكارات تتعلق بالطاقة، والهندسة الحيوية، والطب، والأسلحة، و الفضاء، وإنترنت الأشياء.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال