الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في البداية لا بد من الاشادة بالتطورات التشريعية في السنوات الأخيرة والمتعلقة بسوق الأسهم والسندات والصناديق، وتحديدا منذ اطلاق الرؤية. فالسوق زاد عمقة، والرقابة الفعالة من هيئة السوق المالية اصبحت مفعلة والتي اتت بطمأنة المتداولين على اموالهم. هذا التطور التشريعي والرقابي لاحظه ايضا وأقر به الأجانب، والآن ملكية الأجانب من السوق حوالي ال 10%، وهذا من غير الملكيات الاستراتيجية للأجانب.
مؤسسات السوق ايضا تطورت، فبعد ان كانت مجرد أقسام تابعة ضمن البنوك، اصبحت شركات مستقلة بمجالس ادارات وبلجان منبثقة وبإدارة تنفيذية وبأنظمة وإدارات رقابية وادارات ائتمان ومخاطر. شركات الكابيتال اصبح لها قوائم مالية مستقلة، ومراكز داخلية للدراسات ولها حضور قوي في المحافل الاقتصادية وتدير مجتمعة صناديق يبلغ اصولها اكثر من 870 مليار ريال وبعدد صناديق 1285، وبمجمل مشتركين يتجاوز عددهم 1.1 مليون مشترك (كل هذا بنهاية 2023). اقول هذا مشيدا بالتطور الذي شهدته مؤسسات السوق المالية، والذي يمثل نجاح تظافر وتكامل جهود القطاع الخاص مع العام ممثلة في ملاك ومجالس ادارات والادارات التنفيذية لمؤسسات السوق وهيئة السوق المالية.
ومع هذا التطور الرائع والذي انعكس على سوق الأسهم، ومع ما نطمح ان نصل اليه بأن نكون من اكبر 3 اسواق اسهم في العالم، الا ينبغي علينا التفكير مليا في تمكين مؤسسات السوق. وهنا ساقدم مقترح كان مطبقا في السابق الا ان ضعف عمق السوق في السنوات الماضية وعدم نضوج التجربة انتج بعض التصرفات التي ادت نتائجها الى امور سلبية اهل الاختصاص اعرف يها. اليوم اقترح على المشرعين وتحديدا هيئة السوق في السماح لشركات الكابيتال بتحديد نسب صفقات هامش التغطية بشكل تدريجي ليصل لصلاحية كاملة وفق جدول زمني تحدده هيئة السوق المالية ليكون دور الهيئة بنهاية الجدول الزمني المراجعة على الملفات الائتمانية للتأكد من جودة منطقها في اعطاء التسهيلات والتأكد من سياسات المؤسسات المالية المنظمة لهذا الأمر وللتأكد من اي امر تريد هيئة السوق المالية التأكد منه. هذا الامر سيؤدي الى نتائج ايجابية كثيرة من اهمها زيادة تنافسية شركات الكابيتال التي اصبحت بعضها مدرجة في السوق.
الآن، التشريع يحدد وبكل وضوح ان هامش التغطية الأولي الواجب على المستثمر او المضارب تغطيته 50%، وهذا ملزم لكافة مؤسسات السوق. ولكن لماذا لا يبدأ بتخفيض هذه النسبة الى 35% (على سبيل المثال) للمؤسسات المالية التي تدير 20 مليار فاكثر عن طريق الصناديق، وبهذا نشجع المؤسسات المالية على تطوير وجذب المستثمرين للصناديق وفي نفس الوقت نعطيهم بحبوحة في ان يكون لهم هامش التغطية الأولي لعملاء هذه المؤسسات تحديدا 35% (مثلا). واذا تم طرح المؤسسة المالية في سوق الأسهم تعطى تمكين اضافي وثقة اضافية بأن ينخفض هامش التغطية الأولي عندها الى 25% (مثلا). ولا يمنع ابدا من وضع شروط اضافية ممكنة لمؤسسات السوق التي تبدي جدية في جذب الصناديق وفي الطرح.
الشرطين الذي ذكرتهم اعلاه تحديدا جاء لسببين منطقيين. السبب الأول يكمن في افتراضي ان من ينجح في استقطاب 20 مليار ريال او اكثر لا شك يعمل على اسس علمية ومهنية وبمنطق استثماري حصيف، ولو لم يكن كذلك لما نجح في استقطاب 20 مليار وأكثر. والسبب الثاني يكمن في ان الادراج يعمق من العمل المؤسساتي المهني وفق هيكل واضح ومنطق واستقلالية لادارة المخاطر والائتمان. طبعا اقتراح الشروط لا نهاية له، ولكن ينبغي علينا جميعا العمل على اعطاء مؤسسات السوق فرصة في رفع هامش التغطية الأولي وفق جدول زمني ينتهي بإعطاء مؤسسات السوق الحق كاملا في تحديد النسب وفق تحليل ائتماني يأخذ في الحسبان المخاطر كلها.
أمر آخر اود التطرق له، وهو التشريع الذي صدر عن هيئة السوق المالية والذي يحظر على الشخص المرخص له تنفيذ صفقات هامش تغطية على اسهم الشركات المدرجة التي بلغت خسائرها المتراكمة 50% من راسمالها. ولكن قبل ان اطرح رأيي حيال هذا التشريع أود ذكر سيناريو معين. لنفترض ان احد المستثمرين قام بتحليل شركة خسائرها المتراكمة تتجاوز الـ 50%، ووجد هذا المستثمر ان هذه الشركة يمكن اعادة هيكلتها بما يضمن تغطية الخسائر بل وتكوين فائض يمكن تحقيقة كأرباح مبقاة، ولنفترض ان هذا المستثمر ذهب لمستثمرين آخرين وأقنعهم بذلك وراجعوا تحليلاته ووجدو انه بالفعل يمكن القيام بذلك، ولنفترض ايضا انهم لا يملكون المال الكافي وانهم بحاجة ل 3× ما لديهم، وذهبوا مجتمعين لاحدى مؤسسات السوق وعرضو عليهم تحليلاتهم، ومن ثم اقتنعت مؤسسة السوق بتحليلاتهم، سؤالي هنا، لماذا تقيد هيئة السوق المالية مؤسسة السوق هذه عن القيام بتمويل الصفقة اللازمة للاستحواذ بنسبة 3× من رأسمال المستثمرين كل على حدة. اعتقد التشريع يجب ان يمكن القيام بالصفقات ويسهل ذلك ولا يقيده، والتشريع الاستثماري الذي لا يحقق ذلك ينبغي مراجعته، وينبغي اعطاء المؤسسات المالية مساحات اكبر للتوسع وفق شروط تضعها الهيئة، فمؤسسات الكابيتال اليوم بلا شك تختلف عن الماضي فكريا ونضوجا، لعل من المناسب ان تراجع الهيئة مثل هذه الصفقات قبل الموافقة عليها، اما منعها على المطلق فينبغي مراجعته في رأيي. ما يدعوني لهذه المقترحات هو ما نراه في الهيئة من قبول المقترحات ودراستها والاخذ بها اذا ما اثبت المقترح فائدته.
هيئة السوق المالية تضرب اروع الأمثال، مؤسسات السوق يضربون اروع الأمثال ولا يحتاجون الا الى التحفيز، المستثمرين والمضاربين يضربون اروع الأمثال ايضا، المحللين يضربون اروع الأمثال كذلك. المؤكد ان كافة الاطراف ذات العلاقة بالسوق نضجت وتطورت، وهذا مع أمور أخرى، يبشر بأننا سنكون من اكبر 3 اسواق بحلول 2030. انها الرؤية، انها الرؤية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال