الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يلعب أعضاء مجلس الإدارة، دورًا حاسمًا في توجيه المنظمة والإشراف عليها لضمان نجاحها واستدامتها على المدى الطويل. وتشمل مسؤولياتهم الإشراف الاستراتيجي، والحوكمة، والإدارة المالية، وتقييم المخاطر، واختيار وتطوير القيادات، وإشراك أصحاب المصلحة، والممارسات الأخلاقية. ومن خلال العمل بهذه الادوار، يساعد الأعضاء توجيه الشركة نحو تحقيق أهدافها لضمان نجاحها وامتثالها. فلذلك يُعد تكوين مجلس الإدارة أمرًا بالغ الأهمية لضمان الإشراف الفعال والرقابة الإستراتيجية للشركة. فعادةً تتضمن تخصصات وخلفيات أعضاء مجلس الإدارة مزيجًا ما بين التخصص المالي، والخبرة في الاستراتيجيات والمعرفة العميقة بمجال الصناعة التي تعمل فيها الشركة، كذلك الكفاءة القانونية وحوكمة الشركات، وإدارة المخاطر، بالإضافة الى الخلفية في إدارة الموارد البشرية. ويأتي من بعدها تخصصات وخلفيات اخرى متنوعة حسب الحاجة والمرحلة ومنها التقنيات والابتكار الرقمي والتسويق والعلاقات العامة. ولا يؤدي هذا التنوع إلى تعزيز الحوكمة فحسب، بل يعزز أيضًا قدرة مجلس الإدارة على معالجة الكثير من القضايا الإستراتيجية والتشغيلية وضمان الامتثال.
ناقشنا في المقال السابق عن استحقاق إعطاء مقعد للاستدامة على طاولة مجلس الإدارة، وأن تحظى بمكان ويكون لها موطئ قدم في مجالس ولجان الإدارة أسوة بغيرها من الأدوار والتخصصات الأساسية للأعضاء. لما له من دور فاعل في تحقيق المستهدفات المختلفة بأفضل النتائج والحلول، فضلا عن إسهاماتها وارتباطها في جميع القضايا الاستراتيجية والتشغيلية والامتثال. في هذا المقال سرد لأسباب تجعل المتخصصين والخبراء في مجال الاستدامة من خبراء البيئة والمجتمع أو أولئك الذين لديهم خبرة في العلوم البيئية أو التأثير الاجتماعي يستحقون الجلوس في هذا المجلس وإعلاء كلمة الاستدامة على طاولة المناقشات والقرارات.
أولاً، يعتمد اقتصادنا على الموارد الطبيعية، وتأمينها للأجيال القادمة وهذا مسعى نبيل وضروري. يمكن لخبراء الاستدامة، بفهمهم العميق لهذه الحاجة الملحة وقدرتهم على تحقيق التوازن بينها وبين أهداف الشركة، أن يسلطوا الضوء بشكل أفضل على المخاطر المرتبطة بالموارد الطبيعية من عمليات الشركة وسلاسل الإمداد. فبالإمكان أن تجبر هذه الرؤية أعضاء مجلس الإدارة الآخرين على إعادة التفكير في القرارات المتعلقة بالاستهلاك والإنتاج والاستثمار. كما يساعد هذا التوجيه الشركة على اقتناص فرص لتطوير الحلول القائمة على الطبيعة والمشاريع الداعمة لها.
السبب الثاني الذي يجعل الاستدامة تستحق مقعدًا على طاولة مجلس الإدارة هو خبرة العضو ومعرفته بالممارسات البيئية المستدامة، والية تلبية المعايير المختلفة، ومعالجة مخاوف أصحاب المصلحة بشأن المسؤولية البيئية. ويمكن للعضو خبير الاستدامة تفسير البيانات البيئية المهمة التي تُقدم لهم من الإدارات المعنية، مثل الانبعاثات ومقاييس الحياد الكربوني، وغيرها التي تساعد لتوجيه عملية صنع القرار في مجلس الإدارة. مما يضمن للجميع أن ممارسات المنظمة مستدامة وأخلاقية متوافقة مع أهداف الاستدامة للشركة.
أما المبرر الثالث لترشيح واستقطاب عضو للاستدامة في مجلس الإدارة هي امكانياته في تعزيز المسؤولية الاجتماعية للشركة ودعم القضايا ذات الأولوية بشكل صريح. والآن، أصبحت المعايير الاجتماعية جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيات الشركات وعملياتها، وتشكل عنصرًا أساسيًا في الترخيص الاجتماعي من قبل أصحاب العلاقة. المسؤولية الاجتماعية للشركات تمثل فرصة كبيرة للنمو والاستدامة، وذلك عندما يتم دمجها بشكل فعال في عملية صنع القرار، مما يضمن توافق المبادرات المجتمعية مع قيم الشركة وأهدافها الإستراتيجية.
السبب الرابع لتمثيل الاستدامة داخل مجلس الإدارة هو المساهمة للوصول إلى رؤوس المال. يأخذ المستثمرون في الاعتبار بشكل صريح العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) في قراراتهم الاستثمارية. ومن المرجح أن تجذب الشركات التي تتمتع بممارسات استدامة قوية استثمارات من الصناديق والمستثمرين الذين دائماً يركزون على الحوكمة البيئية والاجتماعية. فعندما يقوم عضو الاستدامة التواجد الدائم في المؤتمرات والزيارات كمتحدث باسم الشركة في قضايا الاستدامة، يعزز ذلك من سمعة الشركة وثقتها مع أصحاب المصلحة الرئيسيين ومنهم المستثمرين. وهذا يسهل الحصول إلى التمويل المطلوب.
أما المبرر الخامس لوجود خبراء الاستدامة بين أعضاء مجلس الإدارة هو من أجل مواءمة الحوافز مع بقية الأعضاء عبر لجنة المكافآت، من خلال ربط حوافز المديرين التنفيذيين وحوافز الموظفين مع أهداف ومؤشرات الاستدامة، مما يضمن المساءلة والتحفيز على التركيز بالمؤشرات البيئية والاجتماعية المستدامة.
السبب السادس لوجود قائد للاستدامة يتعلق بمناسبة ترؤس لجنة الاستدامة أو قيامة بالدعوة إلى إنشائها إذا لم تكن موجودة بالفعل. لكي تركز هذه اللجنة على قضايا الاستدامة، مما يضمن الإشراف المتقن والأسهل لمجلس الإدارة بعد تحديد مسؤوليات اللجنة ونطاقها، بما في ذلك تقديم التقارير المنتظمة لهم لأداء مؤشرات ومبادرات الاستدامة، وضمان الشفافية والدقة في الإفصاح عن أداء الاستدامة.
إن دور عضو الاستدامة بمجلس الإدارة متعدد الأوجه واستراتيجي، ويحتاج مزيجًا من القيادة والخبرة الفنية ومهارات الاتصال الفعالة. ويتطلب دعم الاستدامة من أعلى مستويات المنظمة، لأنها جزء لا يتجزأ من نجاح الشركة ومرونتها على المدى الطويل ومساهمتها بشكل إيجابي في المجتمع والبيئة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال