الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نال خبر الانسحاب الاختياري لشركة ألافكو صدى واسع بين المهتمين والمستثمرين في السوق الكويتي. ويرجع ذلك لتقديم شركة ألافكو بخدمات مميزة وغير مألوفة في السوق الكويتي. حيث تعتبر الشركة المتخصصة في تأجير الطائرات بأسطول يتحاوز السبعين طائرة مؤجرة على شركات طيران عالمية في أكثر من 15دولة. كما ان ألافكو شركة مدرجة في سوق الأول وهو ما يسمى ايضاً بسوق النخبة مما يجعل دراسة حالة انسحابها أمر جدير بالاهتمام وتسليط الضوء عليه.
مراحل الانسحاب
بدأ الأمر جلياً في فبراير 2024 عندما وافقت الجمعية غير العادية بنسبة تصويت بلغت 97.71% على تكليف مجلس الإدارة بإعداد تصور بشأن استراتيجية الشركة ومستقبلها بعد استكمال جميع إجراءات بيع الطائرات في محفظة الشركة. نعتقد بان ذلك يرجع لنتائج البيانات المالية للربع الأول من السنة المالية 2024/ 2024 التي نشرت في ذات الشهر والتي ذكرت ان هنالك انخفاض لصافي ربح الشركة بنسبة 705% مقارنة بالفترة السابقة والذي يعود بشكل رئيسي إلى الخسارة المسجلة في بيع الطائرات.
في 10 يونيو 2024 انعقدت الجمعية العامة غير العادية لشركة ألافكو لمناقشة بند واحد فقط يخص بتصور مستقبل الشركة والذي اتضح انه كان يتعلق بالانسحاب الاختياري من البورصة وتخفيض رأس مال الشركة وتوزيع الاحتياطات، وتصفية الشركة وتوزيع المتبقي من رأس المال والاحتياطي القانوني، وتكليف مجلس الإدارة بإعداد اللازم. وقد وافق على هذا البند مساهمون يمثلون 99.480 % من إجمالي نسبة الحضور واعترض 0.073% وامتنع عن التصويت مساهمون يمثلون 0.447% من اجمالي نسبة الحضور. بعد ثلاثة أيام افصح مجلس ادارة ألافكو عن نتائج اجتماعه والذي تضمن عدة قرارات منها رفع توصية للجمعية العمومية -والتي لم يحدد وقت انعقادها بعد- بالموافقة على الانسحاب الاختياري من البورصة بسبب إتمام إجراءات بيع أصول الشركة وتوقف الشركة عن مباشرة نشاطها.
أسباب الانسحاب
وبالرجوع إلى الورشة التي أعدتها هيئة أسواق المال في عام 2016 والتي تضمنت دراسة تحليلية للانسحاب الاختياري للشركات ، نرى ان انسحاب ألافكو مُبَرر. حيث ان السبب الأول لانسحاب الشركات اختيارياً في العالم هو عدم قدرة الشركة لمواجهة تحديات تتعلق بتدني فرص النمو وضعف الملاءة المالية وخسارة معظم رأس مالها. فتلجأ الشركة للانسحاب لإعادة هيكلة أنشتطها بما في ذلك تسوية ديونها. وهذا بالفعل ما حصل لشركة ألافكو حيث ذكرت في افصاحها في تاريخ 6 يونيو 2024، ان الأثر المالي من بيع الـ 46 طائرة هو زيادة في النقد وسداد جميع التزاماتها مع البنوك والمؤسسات والتي تبلغ 391.9 مليون دينار وعليه يبلغ رصيد المطلوبات بعد البيع الي صفر دينار كويتي.
كما ان ألافكو لم تستند للأسباب المتعلقة بضعف كميات وقيم التداول في السوق أو المتعلقة بالقيمة السوقية والتي لا تعكس القيمة الدفترية للسهم والتي برأي الهيئة لا تعد أسبابا كافية لتعتد الشركات بها وحدها للانسحاب.
مراعاة متطلبات الانسحاب وتسلسل إجراءاته
بحسب قراءة نص المادة (2- 5) من اللائحة التنفيذية -الكتاب الثاني عشر “قواعد الإدراج” فان طلب الانسحاب الاختياري يجب ان يتوفر فيه جميع الشروط المنصوص عليها وإضافة على ذلك يجب على الشركات مراعاة ترتيب وتسلسل الشروط عند تقديم الطلب.
وهذا الأمر أكدت عليه الهيئة في الورشة السابق ذكرها في عام 2016على ضرورة مراعاة تسلسل الشروط وذلك يرجع لاعتبارات تنظيمية للهيئة ولتجنب ضياع الوقت. فكان ذلك قبل تعديل نص المادة (2-5) الحالي الذي اضيف إليه جملة “وفق ترتيب الشروط والإجراءات التالية”.
وبالتالي فان مجلس الإدارة ألافكو قد حسن صنعاً عندما لم يكتف بتقديم طلب الانسحاب للهيئة مباشرة بعد قرار موافقة الجمعية العمومية غير العادية في 10يونيو 2024 . بل قام في 13 يونيو 2024 بالإفصاح في البورصة عن نتائج اجتماعه والذي تضمن قرار الانسحاب الاختياري مع إبدائه الأسباب وثم رفع هذه التوصية للاجتماع القادم للجمعية العامة لأخذ موافقتها على طلب الانسحاب.
الجدير بالذكر ان تم رفض طلب شركة بيت الطاقة القابضة في 20 ابريل 2023 لعدم التزامها بشروط المادة ٢-٥ من قواعد الإدراج ورفض تظلمها بعد ذلك، والذي يرجع باعتقادي إلى أن الشركة استعجلت في تقديم الطلب دون الرجوع إلى موافقة الجمعية العامة وباقي الشروط مما جعل الشركة تبدأ من جديد بتطبيق الشروط ومراعاة تسلسلها استعدادا لتقديم طلب الانسحاب الاختياري مرة أخرى.
سلطة الهيئة في رفض طلب الانسحاب
طرح البعض تساؤلاً عن مدى سلطة الهيئة في رفض طلب الشركة للانسحاب. وذلك بحسب ان قواعد الإدراج لم تذكر سوى صلاحية الهيئة في تأجيل البت في طلبات الانسحاب الاختياري وذلك إذا اقتضت دواعي المصلحة العامة بحسب المادة 7- 1 وصلاحية الهيئة في قبول او رفض طلب عدول الشركة عن الانسحاب الاختياري بحسب ما نص في ٢-٥-٣.
إلا ان في الحقيقة للهيئة صلاحيات أوسع مما يتخيله البعض. ونستند إلى ذلك إلي مقال رئيس مجلس مفوضي هيئة أسواق المال أ.د. أحمد الملحم المنشور في 2021 والذي كان بعنوان ” وجهة نظر: نظرات في فلسفة هيئة أسواق المال في تطبيق أهدافها”.
والذي ذكر فيه “ان المشرع مد من نطاق اختصاص مجلس المفوضين في الهيئة، ومن ذلك ما حددته المادة الرابعة من القانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية وتعديلاته، لاسيما ما نص عليه البند (12) حيث جاء فيه… “القيام بكل المهام والاختصاصات الموكلة إليه في هذا القانون أو أي قانون آخر بهدف تلافي اضطراب السوق” فيمكننا القول ان بحسب البند الأخير فان صلاحيات هيئة أسواق المال لا تتعلق فقط بقوانين الهيئة ولوائحها، بل تمتد إلى قوانين أخرى ما إذا كانت تتعلق بنشاط الأوراق المالية.
فإذا كان الانسحاب الاختياري لشركة ما يؤدي لاضطراب السوق، فللهيئة رفض طلب الانسحاب وذلك بحسب دراستها للطلب وتحقيق المصلحة العامة وتقديمها على المصالح الخاصة. أما في حالة ما إذا كان الانسحاب الاختياري لا يؤدي إلى اضطراب السوق، بل كان من شأنه فقط الإضرار بحقوق أقلية المساهمين، فان بحسب فلسفة الهيئة في تطبيق قوانينها والتي وضحها أ.د. أحمد الملحم في المقال المشار إليه فان ذلك متوقف على المساهمين المتضررين أنفسهم.
فعلى الرغم من حرص وجهود الهيئة وتوجهها الملحوظ في حماية حقوق أقلية المساهمين والذي يعد أكبر وأهم مثال هو ما نص في المادة (73) من قانون الهيئة والتي قللت من نصاب المساهمين ممن لهم حق الاعتراض على قرارات الجمعية العامة إلى 5% عما هو منصوص في قانون الشركات وهو 15%.
إلا ان قواعد حماية حقوق الأقلية المنصوصة في قانون هيئة أسواق المال ولائحته التنفيذية تظل بلا أثر طالما كان المساهم متكاسلاً وغافلاً عنها ولم يقدم اعتراضه على حرمانه منها. ولهذا يمكننا القول بان الهيئة تؤمن بدور المساهمين النشطاء في الشركة وتشجع المساهمين على ممارسة حقوقهم. لهذا تم التأكيد في المقال ان جميع الاعتراضات المقدمة من المساهمين على قرارات الجمعية العامة تتعلق بطلب الانسحاب الاختياري من البورصة.
وهذا بالفعل ما أكده الواقع العملي. فمثلاً رفضت الهيئة في 3 أكتوبر 2019 طلب شركة التعمير للاستثمار العقاري بالانسحاب الاختياري والذي كان من شأنه الاضرار بحقوق الأقلية. وهذا الرفض باعتقادنا لم يتحقق إلا بعد تقديم أقلية المساهمين في شركة التعمير اعتراضهم للهيئة على الانسحاب كما هو مذكور في التقرير السنوي التاسع للهيئة للسنة المالية (2019 – 2020). وبناء على ذلك فإذا تم اعتراض أقلية المساهمين في شركة ألافكو على قرارات الجمعية العامة القادمة مع مراعاة شروط مادة (73) من قانون الهيئة فيمكن القول بأن هنالك احتمالية برفض طلب الانسحاب بعد قيام الهيئة بالنظر الى اعتبارات ذكرها أ.د الملحم في المقال وهي :
(1) أهمية عدم تعسف الأقلية في ممارسة حق الاعتراض على قرار صادر من الأغلبية.
(2) – يقع على المعترضين عبء إثبات الإضرار بحقوقهم، لأن الأصل صحة القرار الصادر من الأغلبية في جمعية عامة عقدت بصورة قانونية.
(3) – إجراء الدراسة الفنية والقانونية للوقوف على مدى وجود الإضرار بحقوق الأقلية، وفق ما هو مقدم من المعترضين أو وفق الرأي الذي تهتدي إليه الهيئة.
(4) – اتخاذ القرار النهائي من أعلى سلطة بالهيئة وفق جدول الصلاحيات، ممثلة بمجلس المفوضين، بعد إبداء جميع الوحدات التنظيمية ذات العلاقة رأيها بالموضوع”. ولكن ما يعد مشكلة عملية هو ما إذا قامت شركة ألافكو بالفعل بإتمام بيع أصولها وتوقف نشاطها فكيف سيتم رفض طلب الانسحاب في مثل هذه الظروف؟ فلا يسعنا إلا انتظار قرار الهيئة الموقرة في هذا الأمر.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال