3666 144 055
[email protected]
يشكّل العلم الوطني للمملكة العربية السعودية عبر تاريخه الممتد منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى في عام 1727م، قيمة خالدة ورمزاً للعزة والشموخ، ودلالة على القيمة الوطنية، وشاهداً على حملات توحيد البلاد، التي خاضتها الدولة السعودية قبل ثلاثة قرون.
ويعتز كلُّ مواطن ومواطنة في وجدانهم بالعلم الوطني المسطَّر بشهادة التوحيد، افتخاراً بالهوية، وتعبيراً عن مشاعر التلاحم والحب والوفاء النابعة من روح الانتماء والولاء للقيادة والوطن. هذه المقدمة وردت في تقرير لوكالة الأنباء السعودية، تعليقا على صدور أمرا ملكيا بتحديد يوم 11 مارس ليكون (يوم العلم).
والعلم السعودي مر على مدى القرون الثلاث الماضية بتغيرات في شكله وترتيبه وصولا الى وضعه الذي يعرف به حاليا مُنذ قرابة القرن من الزمان، وأصبح أحد الرموز الأساسية التي تعرف بها الدولة السعودية.
الآن وبعد هذه السنوات الطويلة، يبرز السؤال التالي خاصة بين النخب السعودية، هل حان وقت تغيير العَلم السعودي؟ ما يدفع إلى هذا السؤال هو ان الزمان تغير والمستجدات كثيرة والمعطيات التي يمكن ان نستند عليها اكثر.
علمنا السعودي يتميز بكلمات لفظ الجلالة، وهذا اللفظ الكريم يعظمه ويجله المسلمين واليهود والمسيحيين. ويعظم لفظ الجلالة المنصفون والعدول من الملاحدة الذين يحترمون معتقدات الشعوب والذين نحترم شخوصهم وارائهم. ويعظم لفظ الجلالة الطيبون والأخيار من اتباع الديانات القديمة في قارة اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية وغيرها ولا يسمحون بأي أمر يمس قدسيته، ولشخوصهم ومعتقدهم الاحترام. لفظ الجلالة يعظم شأنه كل من يحترم انسانية البشر، والبشر العدول لا يسمحون بأي امر سلبي يمس لفظ الجلالة او اي امر يخص معتقدات الشعوب في مختلف ارجاء الارض.
اقرأ كثيرا اننا نشهد في المملكة (انفتاح) على العالم، ولكن في رأيي تجاوزنا ذلك، وأصبحنا (جاذبين) للعالم. اصبحنا قوة جذب للشعوب بطريقة لم يشهد التاريخ في المنطقة لها مثيل. اصبحنا نجذب السياح، ونجذب الفعاليات، ونجذب المثقفين في شتى المناحي، ونجذب الشركات، ونجذب الجامعات، ونجذب الهيئات الغير ربحية، والقادم افضل، والكل مرحب به، والكل آمن مطمأن فلا يعتدي احد على احد، ومن يتجاوز فالقانون والأمن كفيل بضبط الأمور في لمح البصر. اكتب هذا مؤكدا اننا اصبحنا نمثل البشر، اصبحت المملكة العربية السعودية تختزل الانسانية في كيانها، اقول أصبحنا نمثل تاريخ البشر من النشأة والى يومنا هذا.
فعاليات دولية كثيرة ستستضاف، منها على سبيل المثال كأس العالم، وسيتوافد لنا الملايين، وكثير منهم تعبيرا عن حبهم للمملكة سيرفعون الاعلام، وقد يوضع العلم عن غير قصد في مكان غير لائق، او قد يرمى في سلة المهملات بعد اي مباراة، او غير ذلك، على الرغم من أنه يحتوي على لفظ الجلالة. ايضا شركات راعية، اجنبية ومحلية، قد تضع العلم على بروشور او منتج او غيرة وينتهي به المطاف بعد الفعالية في سلة المهملات او مرميا على الارض او حتى ان بعض الشركات العالمية المنتجة للمشروبات الروحية على سبيل المثال قد ترعى أحداثا عالمية تكون المنتخبات السعودية مشاركة فيها وتضع أعلام الدول المشاركة على منتجاتها فمن غير اللائق وجود لفظ الجلالة المعظم على هذه المنتجات.
طبعا انا ذكرت كأس العالم كمثال، ولكن الفعاليات قائمة على قدم وساق، خصوصا الترفيهية منها، والعَلم السعودي مصاحبا دائما لرواد الفعاليات، غنائية او فنية او سينمائية او شعرية او رياضية ولا يخفى اين ينتهي به المطاف في كثير من الأحيان. ايضا اليوم الوطني ويوم التأسيس، حيث يحتفل السعوديين بكل فخر وعزة وفي كل مكان، ويكون العلم مصاحبا لا شك، وحين الانتهاء قد يوضع العلم (عن غير قصد) او يرمى في مكان لا ينبغي أن يكون للفظ الجلالة.
حتى في العرف الدبلوماسي، الدول تعبر عن مشاركتها لأحداث حزينة في دولٍ أخرى عبر تنكيس العلم، ولكن وجود لفظ الجلالة يحول دون ذلك، على الرغم من أن الحدث قد يستوجب ذلك تعبيرا عن مشاركة المملكة لهذه الدولة الشقيقة أو الصديقة في حزنها. لذا اعتقد ان لفظ الجلالة لا ينبغي في رأيي أن يكون في العَلم، فالمملكة تحتوي على الحرمين الشريفين ولا نحتاج اثبات امر اجلالنا للاسلام دينا وعقيدة لا لأنفسنا ولا لأحد.
العَلم ليس شئ لا تغيره الدول، بل قد يتغير، واعتقد بالنسبة للعلم السعودي ينبغي أن يتم النظر في هذا الأمر سواء من مجلس الشورى مثلا أو أي جهة ترفع بمقترح للقيادة التي عودتنا على تقبل الآراء، ليكون العَلم معبرا أكثر عن المملكة العربية السعودية، وبما لا يوجد به لفظ جلالة أو أمر آخر لا يعبر عن المملكة.
المراجعة والتغيير سمة الحاضر، الرؤية أتت بها، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان وبدعم من الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظهما الله، جعل من المملكة نواة جذب للحضارات والشعوب والأديان والعلوم والثقافات، قادم الأيام يحمل الكثير والكثير.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734