3666 144 055
[email protected]
لنبدأ بالقصة من البداية كان شعب المملكة قبل عهد المغفور له الملك عبد العزيز رحمه الله شعب أمي فقير يفتقر إلى الأمن حيث كانت جميع أنحاء الجزيرة العربية مرتعا للمجرمين وقطاع الطرق، فلما وحد الملك عبد العزيز الجزيرة العربية تحت مظلة الدولة السعودية الثالثة نجح في توفير الأمن للشعب الذي كان متعطشا لذلك، ولم يستطع ان يقضي على الفقر والأمية بسبب قلة موارد الدولة الاقتصادية وعلى الرغم من ذلك كان شعب المملكة سعيد جدا بما حصل عليه من الأمن والأمان على الرغم من الحياة الاقتصادية الصعبة التي كان يعيشها حيث كان الجميع يعلم انه لم يكن لدى الدولة موارد طبيعية كافية لتوفير الرفاهية للشعب السعودي.
و في عهد المغفور له الملك خالد رحمه الله ومن آتى بعده من الملوك كان الوقت مناسب لبدء النهضة في تلك الدولة التي تجرعت لفترة طويلة مرارة الفقر والأمية والخوف فبدأت النهضة بكل مجالات الحياة وبدأت الدولة بإنشاء الكثير الجامعات الحكومية والكليات التقنية والمتوسطة ولم تكتفي بأن تجعل التعليم الجامعي مجاني بل وأصبحت تصرف مكافآت مالية للطلبة لتشجيع الدخول الى تلك الجامعات، وبدأت الدولة بابتعاث الشباب السعودي الى مختلف الدول المتقدمة للدراسة، وكان كل ذلك بسبب وجود حاجة لدى مختلف الجهات الحكومية لتعيين كوادر سعودية مؤهلة.
والوضع الحالي هو أن مخرجات تلك الجامعات والكليات التقنية والمتوسطة أصبحت أكثر بكثير من حاجة الجهات الحكومية وحاجة القطاع الخاص الذي تتوفر فيه فرصة مناسبة لتطور الموظفين السعوديين عبر السنين وذلك بالتطور المالي والوظيفي والعلمي، حيث ان الشركات الصغيرة غير مناسبة للموظفين السعوديين لعدم توفر إمكانية التطور فيها عبر السنين وقد ناقشنا ذلك بالتفصيل في مقالة سابقة.
والحل هنا حسب ما أراه هو إلغاء مكافآت للطلبة وفرض رسوم على الدراسة بالجامعات فتتحول تلك الجامعات الحكومية الى مراكز ربحية تسعى الى استقطاب أكبر عدد ممكن من الطلبة مما يجعل الجامعات تتنافس فيما بينها على رفع مستوى جودة التعليم لكي يحصل منسوبيها على أفضل عروض التوظيف بعد التخرج مما يزيد الإقبال على المنشآت التعليمية المميزة وبالتالي زيادة إيراداتها.
كما أرى ألا يتم السماح لإنشاء شركة ذات مراكز بيع للمستهلكين النهائيين تقل عن عشرة مراكز بيع لكي يتمكن الموظفين السعوديين فيها من التطور فيها عبر السنين ماليا ووظيفيا وعلميا، كما يتم السماح للمتخصصين ان يفتحو مركز بيع واحد يديروه بأنفسهم فيسمح للصيدلي مثلا بفتح صيدليته الخاصة على أن يديرها بنفسه بشرط ان يتدرب لدى شركة كبرى تملك الكثير من الصيدليات أو لدى المستشفيات الكبيرة لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات.
كما يمكننا من منح قروض لمن يرغب بفتح صيدليته الخاصة عن طريق هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة فيصبح لدى كثير من الصيادلة صيدليتهم الخاصة التي يديرونها بأنفسهم مما يمكننا من استيعاب الاعداد الكبيرة من خريجي الجامعات في تلك النشاطات التجارية الفردية، وكذلك نفعل بالتخصصات الأخرى.
كما يمكن توجيه الطلبة الى المنشآت التعليمية التي يحتاجها المجتمع، من خلال دراسة عميقة للسوق تتضمن تحديد الاحتياجات لدى القطاع الحكومي و القطاع الخاص عن طريق وزارة المـوارد البشـرية والتنميـة الاجتماعية بمشاركة كل من وزارة التجارة والغرف التجارية وهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة ومن ثم تحديد التخصصات التي يجب توجيه الطلبة إليها وذلك عن طريق تخفيض النسبة المطلوبة للقبول فيها ورفع نسب القبول بالتخصصات الغير مطلوبة، فقد تكون تخصصات مثل تخصص ميكانيكيا السيارات أو تخصص الكهرباء أو اللحام في المعاهد الفنية تخصصات مطلوبة بشدة وقد تكون تخصصات مثل تخصص طب الأسنان أو تخصص بكالوريوس المكتبات تخصصات غير مطلوبة …وهكذا.
لو طبقنا هذا النظام سوف لن يتمكن من التعليم الجامعي سوى الطلبة المنحدرين من العوائل الغنية، لذلك علينا منح مِنح حكومية للطلبة المتفوقين لتعليم جامعي مجاني وبذلك يتم توجيه الطلبة الغير متفوقين وبذات الوقت الغير قادرين على تحمل رسوم الدراسة الجامعية الى التخصصات التي يحتاجها القطاعين العام والخاص.
إننا أشبه بشعب يعاني من السمنة المفرطة والأمراض المزمنة، والحل لمعالجة ذلك هو في أن نزاول الرياضة ونأكل الأكل الصحي وعلى الرغم من أن ذلك سوف يكون متعبا للجميع الا انه سوف يجعلنا شعب ينعم بصحة جيدة وشيخوخة رائعة … أمل ألا يغضب على أصحاب مطاعم المأكولات السريعة.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734