الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مقالي هذا الذي ساناقش فيه جذب الاستثمارات الأجنبية، منبعه تحقيق المصلحة الاقتصادية العامة، وفق ما اراه امامي، ليس موجها بأي حال ضد احد، ولا اقصد به ابدا التقليل من جهد جهة او اشخاص (معاذ الله)، بل اسعى من خلاله الى المساهمة في تحقيق مستهدفات الرؤية المأمونة وفق تقديرات منطقية سأذكرها في مقالي هذا.
ايضا وقبل التطرق الى التفاصيل، لا بد من الاشادة بدور الجهات التشريعية المختلفة بجذب الاستثمارات الاجنبية، وعلى رأسها وزارة الاستثمار، والتي تعمل بأقصى طاقاتها ليس فقط لجذب وتسهيل الاستثمار الاجنبي، بل وحتى للاستماع والمناقشة وتدوين الاراء التي يبديها الاجانب الكرام.
في رأيي لا يفهم المستثمر بشكل كامل الا مستثمر مثله، ولا يعي ويفهم هموم القطاع الخاص (في العالم) بشكل كامل الا القطاع الخاص نفسه، وعلى الرغم من اللغات والثقافات والخلفيات المختلفة لدول وقارات العالم، الا ان القطاع الخاص في العالم يفهم بعضه البعض كما لو انهم ولدوا ونشأوا تحت سقف واحد. همومهم واحدة، وتطلعاتهم واحدة، وآرائهم وان اختلفت الا ان نتائجها النهائية واحدة.
نسمع كثيرا عن وفود حكومية تتوجه للخارج للمشاركة في مؤتمرات وللمساهمة في جذب الاستثمارات متحدثين عن التطورات العديدة التي طرأت على المملكة منذ تقديم الرؤية، وعلى اصلاح الانظمة وسن التشريعات التي لم تكن موجودة، ويطرح حينها السؤال، هل بإمكان وفود حكومية اقناع القطاع الخاص في العالم على القدوم؟
في نهاية المطاف لو كان لدى موظفي الجهات الحكومية قدرة على فهم متطلبات وعمل الشركات وفهم دواخل التجارة وبواطنها لرأينا جل الموظفين الحكوميين مستثمرين وملاك شركات، ولكانوا هم انفسهم في القطاع الخاص وليس موظفين في الحكومة. اعتقد ما اطرحه هنا منطقي جدا، واعتقد ان المنطق ايضا يشير الى ان مسؤولية جذب الاستثمارات الاجنبية ينبغي ان يشارك فيه القطاع الخاص ولا يمنع ان يوكل جله للمستثمرين والتجار مقابل (امتيازات) (واعفاءات) ضريبية وزكوية وجمركية واعفاءات من الرسوم، لا بل واعتقد ينبغي ان نذهب خطوة للامام ونقدم (منح) استثنائية لاي تاجر او مستثمر او شركة تساهم في عملية جذب الاستثمارات الاجنبية وفق تشريع واضح يحدد هذا الامر ويعلن ويكون هذا التشريع هو المحفز الاول في هذا الامر.
على سبيل المثال، المستثمر او التاجر او الشركة التي تنجح في استقطاب مليار ريال من الخارج، يعطى اعفاء ضريبي وزكوي وجمركي يعادل 25% من المستحقات المالية للحكومة. وكلما زاد الاستثمار الذي يجلبه يزيد الامتياز وهكذا مع الاشارة الى ان النسبة التي اقدمها هنا هي لمجرد الشرح فقط. اقول هذا لان القطاع الخاص في المملكة ذو علاقات وطيدة مع القطاع الخاص في العالم، ويفهمه، ويعرف مطالبه، كما ويعي الداخل السعودي، واعتقد حين يتحدث سيستمع له اكثر مما يستمع لموظفي الجهات المالية الحكومية المختلفة (على مختلف مراتبهم)، وحين يؤكد القطاع الخاص السعودي فلا شك ان تأكيداته تختلف عن تأكيدات الجهات الحكومية، ففي نهاية المطاف القطاع الخاص السعودي هو من يعيش المعمعه التجارية والاستثمارية وهو صانع نجاحاتها وهو العالم بسلبياتها وايجابياتها وهو الاقدر على شرحها للاجانب وهو من سيدخل شريك مع المستثمر الاجنبي اي سيضخ اموال وكما هو معلوم، رأس المال جبان فلن يستثمر الا اذا رأى فائدة.
ولكي يقوم القطاع الخاص السعودي بهذا الدور (الذي ادعو له)، فلا بد ايضا من عقد جلسات تفصيلية معه للاستماع له ولتحويل آراءه في كل ما من شأنه زيادة الاستثمارات الاجنبية الى واقع ملموس، فلا يعقل ان يسوق القطاع الخاص لشئ هو نفسه غير مقتنع به او يرى ان هناك سبل اكثر نجاح لتحقيقه. القطاع الخاص كان دائما سفير لمملكتتا، وكان خير ممثل لأخلاقنا التجارية والاستثمارية، كما وانه اثبت نجاح خارجي حين يستثمر ويثق به الاجانب حين يستورد ويصدر. ارجو ان لا يخرج علينا احد ويقول ان الوفود التجارية يتم تشكيل معظمها من القطاع الخاص، لا اقصد ذلك، بل يفترض ان القطاع الخاص من خلال اتحاد الغرف السعودية والمجالس البينية، هو من يتولى زمام الامور مع نظرائهم في الدول الاخرى دون مشاركة اي مسؤول حكومي معهم.
مشاركة القطاع الخاص الفعالة في جذب المستثمرين الاجانب من خلال نظام مكافآت واضح المعالم سيجعل وزارة الاستثمار وغيرها من الجهات ذات العلاقة تتفرغ للتشريع وتذليل العقبات، كما سيمكنها من الاستماع اكثر وتمثيل القطاع الخاص بشكل اكثر فعالية لدى الجهات التشريعية الاخرى.
في رأيي، المستثمرين والتجار والشركات السعودية بإمكانهم ليس فقط زيادة الاستثمارات الاجنبية، بل ومضاعفته الى مستويات غير مسبوقة، شريطة تقديم المحفزات لهم والاستماع لهم. وهم اقدر على تمثيل المملكة في المؤتمرات والمحافل الاقتصادية ومقابلة الشركات والمستثمرين الاجانب في مختلف القارات. وهم قادرون ايضا على خلق تحالفات وثيقة تمكننا من ليس فقط الاستفادة التجارية بل تحويل المصالح لعلاقات وثيقة بين الشعوب في العالم. القطاع الخاص قادر لا شك عندي في ذلك.
اكتب هذا مشيرا الى تقرير صحيفة مال والذي اشارت فيه الى ان الناتج المحلي بحاجة للنمو 120% الى عام 2030، وذلك للوصول الى مستهدفات الرؤية. واعتقد لا بد ان يوكل للقطاع الخاص مسؤوليات اكثر، منها جذب المستثمرين الاجانب مقابل تسهيلات وامتيازات، ولا بد من الاستماع للقطاع الخاص اكثر، طبعا انا لا اقول ان الجهات الحكومية لا تستمع له، كل ما اقول انه ينبغي ان يعقب الاستماع واخذ الرأي تحويله لواقع.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال