الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لطالما سعت الشركات إلى بناء بيئة عمل إيجابية تعزز من انتماء الموظفين وتزيد من إنتاجيتهم. ومن بين الاستراتيجيات المتبعة في هذا الصدد، تبرز فكرة وصف الموظفين بأنهم “عائلة واحدة”. هذه الفكرة، وإن بدت جذابة، إلا أنها تستحق التوقف عندها والتدقيق في مدى واقعيتها وتأثيرها على الموظفين.لا شك أن الشعور بالانتماء إلى فريق عمل متماسك يساهم في تحسين الأداء وزيادة الرضا الوظيفي. إلا أن مقارنة علاقة العمل بعلاقة الأسرة هي مقارنة مجانبة للصواب. العائلة هي الوحدة الاجتماعية الأساسية التي تقوم على روابط الدم والقرابة، وهي علاقة فريدة من نوعها لا يمكن مقارنتها بأي علاقة أخرى.
عندما نستخدم مصطلح عائلة، فإننا بالتأكيد نعني (العائلة الحقيقية) التي تبدأ من الأسرة النووية (الأب والأم والأبناء)، ثم تتوسع لتشمل الأجداد والأرحام. هذه الروابط العائلية قوية ومتينة، وتقوم على أسس من الحب والاحترام والتضامن. أما علاقات العمل، فهي علاقات وظيفية قائمة على أساس التعاقد، وتهدف إلى تحقيق أهداف مشتركة. وهذا يقودنا إلى أن تصنيف فترة التواجد بالعمل كمحطة من محطات الحياة، وكما نعلم أن الحياة مليئة بالمحطات التي ندخلها ونخرج منها (مثلها مثل محطة القطار مجازاً). والعمل هو إحدى هذه المحطات، وإن طالت مدة المكوث فيها. يمكننا أن نترك أثراً طيباً في هذه المحطات من خلال سلوكنا وأفعالنا، ولكن لا يجب أن نتوقع من زملائنا العمل أن يعاملونا كأفراد من عائلاتهم.
لماذا تفشل فكرة “العائلة في العمل”؟
اختلاف الأهداف: الأهداف الأساسية للعائلة تختلف عن أهداف العمل. العائلة تسعى إلى السعادة والتآلف، بينما العمل يسعى إلى تحقيق الأرباح وكل موظف يسعى للوصول إلى قمة الهرم الوظيفي أو الزيادة في الراتب أو على الأقل تجديد العقد على سبيل المثال، وهذا بعكس العلاقة العائلية.
الطبيعة المؤقتة للعلاقات: العلاقات الوظيفية عادة ما تكون مؤقتة لا تتجاوز مدتها المدة التعاقدية وأحياناً أقل أو أكثر، بينما العلاقات العائلية دائمة باستدامة الحياة.
الاختلافات الفردية: الموظفون يختلفون في شخصياتهم وتطلعاتهم وحتى خلفياتهم الفكرية والعقدية، مما يجعل من الصعب بناء علاقة عائلية حقيقية بينهم.
يقودنا تفكيرنا عن التساؤل عن صاحب هذه النظرية إلى أنه ربما يكون من الأشخاص الذين يشعرون بنقص في علاقاتهم العائلية، أو الذين يحاولون الهروب من واقعهم. قد يكونون أيضاً من المديرين الذين يبحثون عن وسيلة لبناء فريق عمل متماسك. إن وصف الموظفين بأنهم عائلة واحدة هو أمر مبالغ فيه وغير واقعي. يجب على الشركات أن تبني بيئة عمل إيجابية تحترم حقوق الموظفين وتقدّر جهودهم، ولكن دون المبالغة في استخدام المصطلحات العائلية.
على الشركات أن تركز على بناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والثقة والتعاون. وأن توفر للموظفين بيئة عمل آمنة ومحفزة، وأن تعترف بجهودهم وتكافئهم. أما بالنسبة للموظفين، فعليهم أن يتقبلوا طبيعة العلاقة الوظيفية، وأن يسعوا إلى بناء علاقات مهنية قوية مع زملائهم.ختاماً، نتفق بأن العائلة هي نعمة من الله، وهي علاقة فريدة لا يمكن مقارنتها بأي علاقة أخرى. يجب أن نحافظ على هذه العلاقة ونقدر قيمتها، وأن لا نحاول نقلها إلى بيئات أخرى مثل بيئة العمل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال