الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يعتبر الملجأ الأبرز للشركات والمصدر الرئيس للشهرة والعلن والظهور الى مستوى أخـر رائع من مستويات الأسواق والنفـوذ، ويعتبر مـصدر التمويل الأشهــر مقارنــة مع مصادر الظل الأخــرى، الحديث عن الحــلم للشركـات على مدى طويل من الزمــن، بالبدء من الطرح العام الأولــي في السوق الخاص عند الرومان القديمـة، لتنتقل العدوى بعد ذلك للولايات المتحدة بعد قرون طويلة بطرح بنك أمريكــا الشمالية، وهو الطرح الأول من نوعـه في أواخر القرن السادس عشـر. الطرح الأولــي للعامـة يظهر في جوانبه العديد من المزايـا والمنح، ولكـن الأسواق لا تسمح بهذا النجــاح الطويل أن يستمر بلا عواقب، بدأ الأمــر رائعًـا في كل مرة تسجل شركـة ما ظهورها الأول في الأسواق، لكن للبعض ظهور أول مدمر لم يكن معتاد من قبـل، لتتفتح أبواب الاقتصاد والمـال لدراسة هذا الظهـور الغريب من نوعــه والغير معتاد، كيف لشركـة أن تسجل أرتفاع هائـل في سعرهــا عند تنفسهــا الأول في الأسواق!. بدأت العديد من النظريات العلمـية في الولادة من رحــم هذه الظاهـرة الجديدة، لتعمل على تفسيرها والتقصي خلافهــا لمعرفة كيف لبعض الطروحـات الأوليـة أن تتجاوز أسعار وضعها ملاكهــا الأوائـل!.
مفهوم الطرح العام الأولي في الأسواق هو أن تنتقل الشركـة الخاصة بواسطة بنك أستثمـاري الى السوق العام للأسهم، لتكون بعد ذلك جزء من حصة الشركـة معومـة يتحكم بها العرض والطلب في السوق. البنك الاستثماري يقوم بعملية النقل هذه بتكاليف معينـة تدفعها الشركـة مقابل أعمال النقل الذي يقوم بها. تطرح الشركة نسبة معينة لا يمكن تجاوزها تتحدد من قبل المشرع الرئيسي للسوق ( البورصة ) سواء بقيمة معينة مطلقـة أو بنسبـة معينة من رأس المال. أنتقال الشركـة من الظل الى ضوء الأسواق له العديد من المزايا منهـا التمويل المباشر القادم من العامـة بعد عملية الطرح الأول لتستخدمها في عمليات النمو، سداد الديون أو عمليات رأس المال العامل. أيضًا يوفر للشركة قاعدة تمويلية جديدة وتمكين الوصول الى رأس المال بتكلفة أقـل، والطرح العام يعطي تعرض أكبــر على السوق ويزيد بذلك الهيبـة ويحسن الصورة العامـة ويساعد على أستقطاب الكفاءات على مستوى الموارد البشرية أو عمليات التمويل المتعددة – أسهم جديدة، ديون قابلة للتحويل، أسهم ممتازة – وغيرها. يصاحب الرخاء الكثير من العيوب أبرزها التكاليف العاليــة للطرح، الأفصاحات الإجبارية للقوائم المالية والتقارير الخاصـة، الجهد المضاعف لتحقيق توقعات السوق والمستثمرين ومعضـلة الوكالة وتكاليفها وغيرهـا.
على مدى طويل تجاوز الخمسون عامًـا بين ثنايا الأسواق الماليــة كان متوسط الطروحات الأوليـة منخفضة السعــر للشركات مرتفـعًا، في الولايات المتحدة على سبيل المثال وفي دراسة قام بها سيد الطروحات الأوليـة كما يطلق عليــه البرفيسور ريتر – أقتصادي أمريكي يهتم بدراسة الطروحات الأوليـة – أن متوسط الشركات التي تم طرحها في السوق بسعــر أقل من سعرها الحقيقي 17%، أي أن الشركات المدرجــة تركت مايقارب 125 مليار دولار على الطاولــة. في الصين كذلك عاد الأمــر يتكرر على غرار الولايات المتحدة السوق الأكثر نضوجًـا، ولكن بمتوسط أعلى بكثيـر. أثار هذا الفضول لدراسة ما خلف أسوار التقييم المنخفض للشركات قبل الدخول بها الى الأسـواق، كان حديث ذو شجون لم ينتهي الى الان كما هي العادة في كل حديث سمر للأقتصاد، لا شيء ينتهي بيقين. جاء العلمــاء بعد دراسات طويلة لفترات متعددة من تاريخ الطروحات الأوليــة في الولايات المتحدة بأربع تفسيرات من الممكن أن تعمل على حل هذه المعضـلة. الأربـع هي كالآتي:
عدم التمـاثل في المعلومات
عدم التماثل في المعلومات بين كل من ملاك الشركــة أو المستثمرين المقربين منها وبين الجمهور والعامــة هي أبـرز النظريات المقترحـة التي تحاول تفسير لماذا ترتفع الشركات المطروحـة حديثًــا في أسعارها بشكل مبالغ فيه من قِبل مستمثري السوق. ” نظرية الليمون ” لجورج أركلوف الحائـز على نوبل السبعينيات الميلاديـة قد تشرح عدم التماثل في المعلومــة، لنفترض أن هناك بائـع ومشتري لسيارة مــا، المشتري للسيارة سوف يعمل على تحديد متوسط بيع نفس السيارة في السوق، ولن يدفع أكثـر من المتوسط الذي حصل عليــه وهو أمر منطقي وجيــد، لنفترض أن هناك بائع في الطرف المقابل يملك سيارة نفس النوع، ولكن فيها الكثير من العيوب – أطلق عليها جورج بأنها سيارة الليمون – فأنه على الرغم من كل هذه المشاكل والعيوب فأن البائع سوف يحصل على علاوة ( مبلغ أضافي ) لسيارة غير جيدة بسبب متوسط السوق الذي عمل على الحصول عليــه المشتري. في نهاية المطاف فأن النظرية تقول أن متوسط السوق – القطاع – يقيم الشركة بعلاوة أكبر مما يقيمها ملاكهــا السابقين قبل الطرح للعامة.
مصالح البنك الاستثماري
البنك الاستثماري هو البنك الذي يعمل على نقل الشركة الى السوق، وهو في بعض الأحيان يعمل على شراء جميع الأسهم التي من المتوقع بيعهـا في السوق من الشركة ويعيد بيعها في السوق هو بنفسـه، وأذا لم ينجح في بيع المخزون الذي يملكه الى العامة في عملية الطرح فأنه يتعهد بشرائهــا بنفسه ويتعهد بتغطيتهـا، ليتجنب البنك الاستثماري من فعل هذا فأنـه يعمل على تقييم الشركـة بأقل من سعرها المتوقع وقت الطرح في السوق، ليتمكن من تصريف جميع المخزون لديــه ولا يلتزم بشراء سهم لم يكن الطلب عليه جيد في وقت الطرح ويتحمل بذلك مخــاطر عالية.
مصالح الأدارة
تنص النظرية على أن الادارة هي السبب الأول بالتسعير المنخفض، تفرض التشريعات والقوانين فترة حظر قد تمتد الى سنـة كاملة على ملاك الشركة وكبار الاداريين فيها من التداول لأسهم الشركة في هذه الفترة، لذلك يعمل هولاء على محاولة التقييم بسعر أقل من التقييم العادل للشركة ليرتفع السهم في وقت الطرح، ليستفيدوا من هذا الأرتفاع عند نهاية فترة الحظر المحددة ببيع حصصهم في السهم والحصول على عوائد رأسماليــة مرتفعة.
النظرية السلــوكية
تنص النظرية السلوكية على أن كل من المؤسسات وكبار المدراء يعملون على تخفيض سعر الطرح العام ليستفيدوا من سلوك المتداولين الغير عقلاني والذي يساعد السهم على الأرتفاع بعد ظهوره الأول في الأسواق، ويحققون بذلك عوائد مجزيـة. تعزز نص النظريــة بعد فقاعة التكنولوجبا في مطلع القرن الجديد، حيث حققت الشركات المدرجة حديثًــا في العام 1999-2001م الكثير من الأرتفاعات بشكــل عشوائي بسبب السلوك الفردي.
على الرغم من شكل التقييم ونوعه وتوقيته وأهدافــه، وسواء كان الطرح الأولي للشركة مبالغ فيه أو منخفض بالنسبة للشركـة والناتج عن لاعقلانيـة الأفراد أو من مطاردة المصالـح الشخصيـة، في المدى القصيــر يعود الجميع الى نقطة التوازن الخاصة به، ليست الأسواق من يجعل سهم متضخم في تقييمـه بأن يبقى متضخم طويــلًا، ولولا وجود سلوك الأفراد غير العقلاني لعاد الجميع الى الإتزان قبل أن يختل الإتزان نفسه. لا تزال تظهـر في كل مرة نظرية تعمل على حل معضلة التسعيـر لتنجح في فترة ما ثم تعود ليتبدد بريقهـا لتحـل أخرى مكانهـا، ولكن الثابت الوحيــد أن التسعير دائمًــا تحت سيطرة السوق وفتيانــه العرض والطلب.
اقتباس اقتصادي: ” السعر هو ما تدفعه، والقيمة هي ما تحصل عليه.” – وارن بافيت
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال