الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مع تفاقم مشكلة الشيخوخة في المجتمع الصيني، أصبح من المهم جدا إيجاد طرق فعّالة لمواجهة هذا التحدي. وفقا لبيانات المكتب الوطني للإحصاء الصيني التي تم الإعلان عنها في 17 يناير، ارتفع عدد السكان الذين تبلغ أعمارهم 60 عاما فما فوق من 280 مليونا في نهاية عام 2022 إلى 300 مليون في نهاية عام 2023، مما يشكل 21.1% من إجمالي السكان، وهذا يشير إلى استمرار الاتجاه نحو الشيخوخة، بينما أظهرت دراسة نُشرت مؤخرا في مجلة “دراسات السكان” أن عدد المسنين الذين تجاوزوا سن المئة في الصين قد بلغ 119 ألف شخص، وهو أعلى رقم في العالم.
وفي هذا السياق، تظهر التكنولوجيا الروبوتية، وخاصة في مجال رعاية المسنين، كواحدة من الحلول المحتملة الأكثر فعالية لمواجهة هذه التحديات. لنأخذ المدن الصينية، شانغهاي على سبيل المثال، حيث تسعى بنشاط إلى دمج التكنولوجيا الروبوتية في خدمات رعاية المسنين، بهدف تحقيق تحول نوعي في هذا المجال.
تنتقل “رعاية المسنين بمساعدة الروبوت” من قصص الخيال العلمي إلى الواقع الملموس. يُذكر أن “الروبوتات الشبيهة بالبشر” لا تقدم المساعدة لكبار السن في التمريض وإعادة التأهيل والمرافقة والأعمال المنزلية من خلال محاكاة المظهر والسلوك البشري فحسب، بل يمكنها أيضا تقديم الدعم النفسي والعاطفي، مما يُحسّن من جودة حياة المسنين ويخفف من الأعباء على المجتمع والأسر. أصدرت شانغهاي مؤخرا رسميا “خطة عمل شانغهاي لتعزيز التطوير المبتكر لتكنولوجيا vعاية المسنين (2024-2027)”، مما يجعل نموذج رعاية المسنين “الذكاء الاصطناعي + الروبوت” متوقعا للغاية.
تتضمن الخطة عددا من الكلمات المفتاحية المتعلقة بالروبوتات مثل “روبوتات إعادة التأهيل”، و”روبوتات الهيكل الخارجي”، و”روبوتات التمريض”. حيث تقدر هذه الروبوتات على تقديم المساعدة في الحياة اليومية للمسنين، كما تلعب دورا كبيرا في التدريب التأهيلي وتقديم الرفقة العاطفية للمسنين وغيرها، مما يخفف بشكل كبير من النقص في طاقم التمريض ويحسن جودة وكفاءة خدمات رعاية المسنين.
على سبيل المثال، يُعتبر الروبوت “قوانغهوا 1” من الروبوتات المتقدمة في هذا المجال، حيث يمكنه مساعدة المسنين على المشي والتفاعل مع تعابير وجوههم، مما يزيد من شعورهم بالراحة والاطمئنان. ومع استمرار تطور التكنولوجيا، من المرجح أن تصبح هذه الروبوتات جزءًا لا يتجزأ من حياة المسنين.
في السنوات الأخيرة، شهدت تكنولوجيا “الذكاء الاصطناعي + رعاية المسنين” تطورا كبيرا، حيث توسّع تطبيقها لتشمل العديد من السيناريوهات. ففي العام الماضي، أصدرت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية بالتعاون مع 17 جهة حكومية أخرى “خطة عمل لتطبيق الروبوتات+”، التي تهدف إلى دمج الروبوتات في سيناريوهات مختلفة ومجالات رئيسية لخدمات رعاية المسنين وتحسين مستوى الرعاية الذكية. كما أصدر المكتب العام بمجلس الدولة وثيقة حول “تنمية الاقتصاد الفضي وتعزيز رفاهية المسنين”، التي أكدت على ضرورة الابتكار في منتجات الرعاية الصحية للمسنين، وتطوير روبوتات الرعاية الصحية والأجهزة المساعدة.
وبطبيعة الحال، فإن تطبيق الروبوتات في مجال رعاية المسنين لا يحدث بين عشية وضحاها. على الرغم من أن تكنولوجيا الروبوتات قد حققت تقدما كبيرا، إلا أنه لا تزال هناك أوجه قصور في العديد من الجوانب، مثل القدرة على التكيف في البيئات المعقدة والتواصل العاطفي مع كبار السن. ومن الضروري مراعاة خصوصية فئة كبار السن، ليس فقط للتأكد من أن تصميم الروبوت يلبي احتياجاتهم الفسيولوجية والنفسية، ولكنه أيضا لضمان سلامة واستقرار الروبوت في البيئات المعقدة. وبالإضافة إلى ذلك، إن التكلفة تشكّل كذلك عاملا مهما. في الوقت الحاضر، تعد روبوتات رعاية المسنين عالية الأداء باهظة الثمن نسبيًا، مما يحد من الترويج لها وتطبيقها.
وفي التنمية المستقبلية، سيصبح الترويج المزدوج للبحث والتطوير التكنولوجي والإدراك الاجتماعي هو المفتاح. ومن خلال الترويج لنموذج “الروبوتات + رعاية المسنين”، تقدم شانغهاي مثالا قيما للصين والعالم. وبتوجيه من مفهوم “الشيخوخة النشطة والشيخوخة الصحية” الذي اقترحه الرئيس الصيني شي جين بينغ، ستواصل الروبوتات لعب دور محوري في مجال رعاية المسنين، مما يساهم في تحقيق قفزات نوعية في مواجهة تحديات الشيخوخة في المجتمع الصيني، وتطوير المزيد من السيناريوهات التطبيقية للروبوتات الشبيهة بالإنسان، وتعزيز الاقتصاد الفضي، وخلق حياة أكثر سعادة وراحة للمسنين.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال