الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في عالم الأعمال السريع والمتغير، أصبح الضغط جزءًا لا يتجزأ من بيئة العمل. من مجلس الإدارة إلى أصغر الموظفين، يشعر الجميع بهذا الضغط، ويجب عليهم التعامل معه بطريقة تساهم في تحقيق أهداف الشركة. ولكن، هل يمكن أن يكون هذا الضغط هو المفتاح لتحقيق النجاح؟ أم أنه مجرد حجر عثرة يعرقل التقدم؟
تبدأ قصة الضغط من قمة الهرم، حيث يكون مجلس الإدارة تحت ضغط مستمر من المساهمين الذين يطالبون بتحقيق أرباح مستدامة ونمو مستمر. هذا الضغط ينتقل تدريجيًا إلى الإدارة التنفيذية، التي تجد نفسها مطالبة بتحقيق توقعات عالية وإدارة التحديات التي تواجهها الشركة. وفي النهاية، ينحدر هذا الضغط ليشمل الجميع، حتى عامل القهوة الذي يجد نفسه مضطرًا لتلبية الطلبات بفعالية، وكأنه في سباق دائم مع الزمن.
في شركة أمازون، يُعتبر الضغط جزءًا من الثقافة المؤسسية، حيث يُطلب من الموظفين العمل تحت أي ظرف لتحقيق أهداف طموحة. هذا الضغط الذي يبدأ من جيف بيزوس وينتقل إلى الإدارة العليا ثم ينعكس على الموظفين في جميع المستويات. وفي الوقت نفسه، تُظهر آبل أيضًا ثقافة الضغط العالي، حيث يتوقع من الفرق العاملة تقديم منتجات مبتكرة ضمن أطر زمنية محدودة جدًا، مما يجعل الجميع يعملون على أطراف أصابعهم.
ولكن، لماذا هذا التركيز الكبير على الضغط؟ السبب بسيط: كل شركة تسعى لتحقيق أهداف معينة لضمان نموها واستمراريتها. هذه الأهداف ليست مجرد أرقام عشوائية، بل هي البوصلة التي توجه جميع الأنشطة داخل الشركة. لتحقيق هذه الأهداف، يصبح الضغط على الموظفين ضروريًا، ليس بهدف إرهاقهم، بل لضمان أن الشركة تسير على الطريق الصحيح. ولكن في بعض الأحيان، قد يضع مجلس الإدارة أهدافًا تبدو غير واقعية. هنا، يجب على الإدارة التنفيذية أن تكون شجاعة بما يكفي لتحدي هذه التوقعات. الإدارة ليست مجرد أداة تنفيذية، بل يجب أن تكون جزءًا من عملية صنع القرار، من خلال تقديم الحقائق والبيانات على طاولة النقاش لضبط توقعات المستثمرين.
في شركة تسلا، يُعرف إيلون ماسك بتحدي التوقعات وتحقيق أهداف طموحة للغاية. ومع ذلك، يدرك ماسك أهمية تحقيق توازن بين الطموح والواقع، حيث يعمل على ضبط التوقعات بناءً على الظروف الفعلية والمتغيرات الخارجية التي قد تؤثر على أداء الشركة. ربما يكون إيلون ماسك قد أتقن فن “السير على الحبل المشدود”، ولكن ماذا عن بقية الموظفين؟ كيف يمكنهم التعامل مع هذا الضغط اليومي دون أن يفقدوا توازنهم؟
إدارة الضغط بشكل فعال هي مهارة يجب أن يتحلى بها كل مدير. المديرون الذين لا يستطيعون التعامل مع الضغط هم كالذين يحاولون الرقص على حافة الهاوية دون توازن. لتحقيق التوازن، يجب على المديرين العمل على تحقيق أهداف الشركة دون التسبب في احتراق وظيفي بين الموظفين. ويتطلب ذلك فهمًا عميقًا لكيفية توزيع الضغط بشكل متوازن. على القادة تقسيم الأهداف إلى مهام قابلة للتحقيق وتوزيع المسؤوليات بشكل عادل بين الفرق. ربما قد يكون هذا التوازن هو السر وراء قدرة شركة غوغل على إدارة بيئة العمل الضاغطة بشكل يعزز الإبداع والإنتاجية. تقدم غوغل بيئة عمل مرنة، مع توفير وسائل راحة متعددة للموظفين تساعدهم في التعامل مع الضغط بشكل أفضل. ربما قد يكون هذا هو السبب الذي يجعل غوغل واحدة من أكثر الشركات ابتكارًا في العالم.
ورغم كل هذا، قد لا يدرك الكثير من الموظفين أن الضغط جزء من الخطة الكبرى للشركة. بدلاً من رؤية الضغط كعدو، من المهم فهمه على أنه أداة تستخدمها الشركات لدفع الفرق نحو تحقيق أفضل أداء ممكن. الشركات التي تعتمد على تحديد مستهدفات غير واقعية قد تدفع موظفيها نحو الإرهاق، مما يؤدي إلى نتائج عكسية. وفي النهاية، يتعين على الشركات أن تنصف موظفيها من خلال تقييمات عادلة وشاملة. من المهم أن يكون هناك نظام حوكمة واضح ومعايير لا يختلف عليها اثنان في عملية تقييم الأداء، بحيث يحصل الموظفون الذين لعبوا دورًا محوريًا في تحقيق الأهداف على الإشادة المستحقة.
في نهاية المطاف، يمكن أن يكون الضغط قوة دافعة للنجاح إذا تم إدارته بشكل صحيح. يتعين على الشركات والمديرين تحقيق التوازن بين وضع مستهدفات طموحة وقابلة للتحقيق، وفي الوقت نفسه توفير بيئة عمل تدعم الموظفين وتحافظ على صحتهم النفسية والجسدية. الإدارة الفعالة للضغط ليست فقط حول تحقيق الأهداف، بل أيضًا حول خلق بيئة يمكن للجميع فيها العمل بأفضل ما لديهم وتحويل الضغط إلى نجاح مستدام. وكما يقول المثل: “الضغط على الفحم يحوله إلى ألماس، عندما يكون في الظروف المناسبة.” ربما نحن جميعًا بحاجة إلى قليل من هذا الضغط، إذا كنا نرغب في التألق مثل الألماس!
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال