الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
شاب يقترب من الثلاثين ادخر نحو 40 ألف ريال، استثمرها في عملات مشفرة أو رقمية قال له “الذكاء الاصطناعي” انها ( ستضرب ) وبالفعل تضاعف المبلغ خلال أشهر وجاء ليعرض على الدخول ويستعرض أرباحه، فقلت له انا من التقليديين في الاستثمار، وفي مرحلة عمرية لا تقبل بالمخاطر العالية حتى لو كانت توقعات الأرباح عالية.
نصحته ان يبيع ما يوازي رأسماله، ويحتفظ بالباقي في انتظار ( ضربات أخرى ) ولكنه أصر على الاستمرار حتى تزداد الأرباح الى اضعاف مضاعفة.
بعد أشهر قليلة وبعد انهيارات الاثنين الماضي سألته عن الثمانين الفا وما آلت اليه، فقال إنها أصبحت 20 ألف ريال، أي أنه خسر مكاسبه ونصف رأسماله، ولكنه مقتنع ان يبقى لان الذكاء الاصطناعي يؤكد انها ستصعد مجددا أو ( تضرب ) على حد تعبير شباب الاستثمار في كل شيء عالمي!
سألته سؤالا بسيطا خطر لي : لماذا لم يحذرك الذكاء الاصطناعي او يتنبأ بهذه الخسائر كما فعل في توقعات الأرباح؟ فلم يجد ما يجيب به، وتركته يحصي خسائره ويعاتب الموقع او المنصة التي تدار بالذكاء الاصطناعي.
لو سألت أي من برامج الذكاء : ما هي توقعاتك لأسعار العقار في أي مدينة في العام 2025 مثلا لأجابك بالطبع، لجمع البيانات الموجودة على الانترنت او التطبيقات وقال لك انه سيرتفع لازدياد عدد السكان والإصلاحات الاقتصادية في تلك المدينة! وهي إجابات تجميعية من اراء وتوقعات خرجت من عقول آدمية تقرأ وتحلل او هي متخصصة في العقار.
انهيارات الأسواق او تراجعاتها الحادة لا يمكن التنبؤ بها بدقة، لان بعضها يحدث فقط لان المتداولين أصيبوا بالهلع، او انتقلت لهم عدوى من أسواق أخرى، ولذا يصعب على البشر المتخصصين وعلى برامج الذكاء الاصطناعي الإحاطة بها لان جزء منها يحدث بسبب الأفكار والنيات التي في عقول من يملكون الأسهم او العقارات او السلع أيا كانت.
الأجيال الجديدة واقعين بين رغبة في الثراء السريع دون تعب او صبر او مثابرة على الادخار والاستثمار، وبين تطبيقات وبرامج ادمنوا عليها لان أحدا ما في مكان ما اثرى منها حسب ما يقرأون في هذه التطبيقات او البرامج، وكثير منهم يضيع ماله ويهدر وقته وهو غارق في أحلام نسجها جهازه الذكي تجعله يدور في حلقة مفرغة.
لقد ثبت – الى الآن على الأقل – ان الذكاء الاصطناعي يمكنه التنبؤ ببعض الاتجاهات في الأسواق لكن دقته ليست كافية، وان نماذج الاستثمار وتحليل الأسواق التي بنيت على الذكاء الاصطناعي لم تنجح فعليا في التنبؤ بشراء أو بيع أو الاحتفاظ بسهم ما او سلعة ما، وفي معظم الحالات أدت الى الخسارة في المحصلة النهائية.
هناك العديد من الأسئلة حول خوارزميات الذكاء الاصطناعي عندما يتعلق الأمر بالاستثمار، لان القانون المعتمد في ذهني هو : طالما ان هناك من يخسر، فهناك من يربح هذه الخسارة.
أتمنى على الشباب استخدام ذكاءهم لإعادة النظر في هذا الذكاء.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال