الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لقد اهتم المشرع السعودي بالمراجعة الداخلية فهي الخط النهائي لمجلس الإدارة الذي يعطيك الأمان لسلامة وفعالية وكفاءة جميع عمليات المنشأة وآخر ما قام به المشرع السعودي في هذا الصدد هو أصدر البنك المركزي السعودي لمسودة مبادئ المراجعة الداخلية لشركات التمويل.
وعندما أراد المشرع في الحكومة تحديد أهداف المراجعة الداخلية في الجهات الحكومية والمؤسسات العامة لم يخجل بأن يذكر ضمن أهدافها هدف ينص على ” حماية الأموال والممتلكات العامة والحد من وقوع الغش والأخطاء واكتشافها فور وقوعها” وأنا أعلم جيدا لو ان مجلس الإدارة لمعظم الجهات الحكومية و لمعظم شركات المساهمة التي تلزمها الأنظمة الحكومية بإنشاء إدارة مستقلة للمراجعة الداخلية عرف ان هذا الهدف من ضمن الأهداف التي يؤمن بها أي مرشح لوظيفة مدير إدارة المراجعة الداخلية لإعتبروه فورا غير صالح للمنصب حيث سيجلب لهم المشاكل التي هم في غنى عنها, و بالتأكيد هذا لا يعني ان يقوم منسوبي إدارة المراجعة الداخلية بالتعامل مع الموظفين وكأنهم متهمون الى أن تثبت براءتهم فالتواصل الفعال ضروري جدا في جميع الوظائف وخصوصا في المراجعة الداخلية فما تؤمن به أمر وكيف تتعامل مع الناس أمر آخر.
المشكلة ليست في المراجعة الداخلية ولكن في أن العمل لم يتم بناؤه في الأصل بشكل سليم واحترافي، فقد ننشئ الإدارات اللازم انشائها لمتطلبات الجودة ولكن تلك الإدارات لا تعمل لتحقيق أهدافها التي نشأت من أجلها وذلك إما بسبب سوء تنظيمي أو بسبب قلة كفاءة من يعملون في هذه الإدارات.
يعتقد كثيرا من الإدارات التنفيذية أن المراجعة الداخلية هي مصدر المشاكل المزعجة حيث أنهم يؤمنون ان كسر الأنظمة أو الالتفاف عليها أحد الضرورات لتسيير العمل وذلك بسبب وضع أنظمة صارمة يصعب الالتزام بها فلكي يسير العمل بشكل جيد يجب كسر تلك الانظمة والالتفاف عليها، وهنا نستطيع أن نقول يجب علينا عدم وضع أنظمة صارمة تطبق بمرونة بل علينا وضع أنظمة مرنة تطبق بصرامة، فنزرع لدى جميع موظفي المنشأة احترام الأنظمة والالتزام بها.
وهناك من الإدارات التنفيذية من يشرك المراجعة بالداخلية في وضع الأنظمة وتكليفهم بمهام الإدارة المالية أو ادارة الشئون القانونية وهذا خطأ فادح فيجب أن تكون المراجعة الداخلية مستقلة تماما عن إدارة الشركة فكيف تشارك في وضع أنظمة سوف تقيمها حين يتم تطبيقها، وكيف تشارك بالعمل التشغيلي وهي المسئولة عن مراجعته.
وقد ورد في المعايير الدولية بخصوص التدقيق الداخلي في فقرة ٢١٢٠ادارة المخاطر ما نصه ” يجب على نشاط التدقيق الداخلي أن يقيّم مخاطر المؤسسة المتعلقة بالحوكمة والعمليات التشغيلية وأنظمة المعلومات بالنظر إلى:
• تحقيق الأهداف الإستراتيجية للمؤسسة.
• موثوقية ومصداقية البيانات المالية والمعلومات التشغيلية.
• فعالية وكفاءة العمليات والبرامج.
• حماية الأصول.
• الامتثال للقوانين والأنظمة والسياسات والإجراءات والعقود.”
وهنا المشرع ايضا لم يخجل من ذكر حماية الأصول حيث ليس من واجب المراجعة الداخلية حمايتها ولكن من واجبها التأكد من أن الإدارة التنفيذية للمنشأة تحميها حيث أنها أحد أهداف الإدارة المالية.
لقد قلت في مقال سابق ان الشركات التجارية غير المساهمة تعتبر وجود المدير المالي رفاهية تنظيمية وهنا اكرر أنها ترى المراجعة الداخلية ايضاً رفاهة تنظيمية، مشكلة الشركات التجارية أنها تعتمد في تسيير أعمالها حسب الخبرات المكتسبة على مر السنين والمشكلة في ذلك ان السوق السعودي كان مغلقا أمام الشركات الأجنبية، فكان على الشركات العالمية منح الشركات السعودية الوكالة للعمل بالسعودية نيابة عنهم وعلى الرغم من أن الشركات السعودية لا تعمل بكفاءة وفعالية فقد نجحوا في تحقيق الأرباح وذلك بسببين الأول قوة المنتجات التي يعملون بها والثاني ان الشركات السعودية الاخرى التي حصلت على وكالات منافسة كانت هي ايضا لا تعمل بالكفاءة والفعالية المطلوبة، وبذلك أصبح كل الوكلاء يعملون بشكل متشابه وكان المستهلك السعودي هو من يدفع ثمن خدمات غير جيدة، والان حيث تسعى الحكومة الى جلب الاستثمارات الأجنبية الى السوق السعودي وهو ما سوف يجعل اقتصادنا اكثر قوة وسوف يؤثر بشكل إيجابي ايضاً في رفع مستوى جودة الخدمات والسلع، وهنا لن تستطيع الشركات السعودية المنافسة في سوق مفتوحة للشركات العالمية، على الشركات السعودية ان تستيقظ من نومها قبل فوات الأوان… اللهم هل بلغت اللهم فشهد
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال