الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ارتفاع أسعار تأجير المحلات التجارية يزداد بوتيرة متسارعة، كثير من الشوارع التجارية داخل الأحياء تتغير ملامحها تبعا لذلك، تقل الخدمات الأساسية، وتزداد المحلات الكمالية او الترفيهية.
إذا كان شارعك التجاري في حي قريب من مناطق تجارية مزدهرة او يتفرع من شارع ” مشهور” فلا بد انك لاحظت هجرة او اقفال أنشطة كثيرة كانت تخدمك مثل التموينات ومحلات الصيانة والخياطين والقرطاسيات وغيرها في مقابل ازدياد المقاهي او المطاعم او الصيدليات وغيرها.
الامر ببساطة أن ملاك العقارات يريدون اللحاق بركب الأسعار حتى لو بالغوا أحيانا، فيرفعون الإيجارات الى الضعف، نعم الى الضعف، فتهاجر او تغلق الأنشطة ذات هوامش الربح الأقل وتأتي الأنشطة ذات الهوامش الأعلى وهي بطبيعة الحال ذات مخاطر اعلى.
الشارع السعودي كحيز مكاني فيزيائي شهد تحولات كثيرة مع تغير أنماط الحياة بشكل كبير فأصبح يعج بالمحلات التجارية والمراكز التجارية الحديثة، وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية لسكان الحي، وهو جزء كان وسيظل عليه تحفظات نتجت من كثرة المحلات وتغليب السمة التجارية على السمة السكنية لكثير من الأحياء.
اعتدنا لعقود على ان كل حي تتوفر فيه الخدمات والمنتجات للمعيشة اليومية، واليوم نجد انفسنا في خضم تغيير مختلف، فالمحلات موجودة لكن طبيعتها تتغير، وبعد ان كان تغير نمط او شكل الشارع يستغرق عقودا من الزمن، بات اليوم يتغير في السنة الواحدة أكثر من مرة.
تحولت كثير من الشوارع إلى ورش عمل للترميم والديكور واللوحات لا تتوقف لخروج مستأجرين ودخول آخرين، والمستأجرون الجدد لا يمكثون طويلا لانهم يكتشفون ان ارباحهم تمتصها الإيجارات العالية فيغادرون إلى مواقع أخرى أو يقفلون للابد، فيشعر سكان الحي انه لم يعد شارعهم الذي يلتقون فيها مصادفة بالجيران والأصدقاء، بل اصبح شارع يأتيه زبائن “الهبات الجديدة ” من كل مكان .
الى حد ما كان الشارع التجاري الصغير داخل الحي يمثل مرآة تعكس طبيعة الحي او سكانه، وهو اليوم لا يفعل ، فهل هذا امر ايجابي ام سلبي؟
ربما لأصحاب العقارات يبدو الامر مربحا وان كان بعضهم يخطئ في الحساب لان لديه مدد كثيرة تشغر فيها محلاته في انتظار المغامر الجديد بعد ان أخرج مستأجرين ظلوا دائمين معه ووافين في الدفع لسنوات طويلة.
لسكان الحي احسب ان الأمر ليس سعيدا جدا، فالتكاليف ترتفع عليهم بناء على ارتفاع الإيجارات، ومستوى الزحام والضوضاء يزداد، ويزداد الضغط الأسري لتجربة قهوة او طعام الوافدين الجدد للحي.
يفترض في الشارع ان يلعب دورا في الحياة الاجتماعية، هذا الدور يتقلص مع موجات غلاء الإيجارات، وفي المقابل هناك ملمح لرفاه أكثر وتطورات شكلية نتجت عن المحلات الجديدة، فهل نفرح ام نحزن لما يحدث ؟.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال