إدارات الالتزام في شركات القطاع الخاص والتحول نحو الامتثال المؤسسي

يشير مفهوم “الامتثال المؤسسي” إلى استجابة الشركات لمجموعة من المتطلبات القانونية، والتنظيمية، والأخلاقية، وفي ظل التغيرات الاقتصادية المتسارعة تطورت مهام إدارات الالتزام في القطاع الخاص وتحولت من كونها مجرد وحدة إدارية إلى عنصر استراتيجي يعزز من قدرة الشركات على تجنب المخاطر وتحقيق النجاح المستدام، وفيما يلي استعراض لبعض النقاط فيما يتعلق بهذا التحول:

أولاً: تطور المفهوم من الالتزام التنظيمي إلى الامتثال المؤسسي

 كانت إدارات الالتزام تركز بشكل أساس على الامتثال للأنظمة واللوائح ذات العلاقة بإعمال الشركة ومع تزايد تطور الأعمال وتوسعها، أصبح من الضروري أن تتجاوز إدارات الالتزام مجرد الامتثال القانوني لتشمل الامتثال الأخلاقي والسلوك المهني من خلال تبني مفهوم الامتثال المؤسسي الذي يتشكل من مجموعة من العناصر أهمها:

1-الالتزام التنظيمي: وهو أساس الامتثال ويعتبر أساس إدارات الالتزام التقليدية، ويشمل هذا الالتزام التأكد من أن الشركة تلتزم بكافة الانظمة واللوائح المعمول بها، ويساهم في الوقاية من العقوبات القانونية التي قد تترتب على عدم الالتزام، وكذلك يساهم في حماية سمعة الشركة من المخاطر التي قد تؤثر على ثقة العملاء والشركاء.

عناصر الالتزام التنظيمي:

• الالتزام بالأنظمة المحلية والدولية: نظام العمل، وحماية البيانات، ومكافحة الفساد، وغيرها.
• التقارير والامتثال التنظيمي: التأكد من تقديم التقارير اللازمة للجهات المنظمة والرقابية.

2-الالتزام الأخلاقي: يركز هذا الجانب على تبني سلوكيات وأخلاقيات عمل تتجاوز المتطلبات القانونية بما يساهم في تعزيز الثقة وبناء علاقات قوية مع العملاء والمستثمرين، وكذلك يساهم في تحقيق التميّز التنافسي.

ومن أهم عناصر الالتزام الأخلاقي:

• الشفافية: ضمان الشفافية في التعاملات الداخلية والخارجية، مما يعزز الثقة بين الموظفين والعملاء والمستثمرين.
• أداء الأعمال بنزاهة: الالتزام بممارسات تجارية عادلة وصحيحة، مثل تجنب الفساد والمحسوبية. 
• المسؤولية الاجتماعية: الالتزام بالقضايا الاجتماعية والبيئية، مثل دعم المبادرات البيئية أو المساهمة في الأعمال الخيرية.

ثانياً: الرقمنة في إدارة الالتزام

أحدث التطور التقني نقلة نوعية في كيفية إدارة الالتزام في الشركات، فالأدوات الرقمية والتحليل البياني ساهم في تعزيز قدرة إدارات الالتزام على:

• جمع وتحليل البيانات: استخدام أدوات التحليل لتحسين القدرة على مراقبة الامتثال وتحديد المشكلات المحتملة بشكل استباقي.
• الرقمنة: رقمنة العمليات والأنشطة الخاصة بإدارة الالتزام لتقليل الأخطاء البشرية وتعزيز الكفاءة.
• الشفافية: تعزيز الشفافية من خلال تحسين التوثيق وتوفير تقارير دقيقة في الوقت المناسب.

ثالثاً: تعزيز الثقافة المؤسسية للامتثال

الشركات التي تبني ثقافة مؤسسية للامتثال تركز على الالتزام بالأخلاقيات والقيم وتعمل على إيجاد بيئة عمل جاذبة وتزيد من فعالية برامج الامتثال، ويمكن تعزيز الثقافة المؤسسية من خلال:

• التوعية والتدريب: تنفيذ برامج للتوعية والتدريب للتأكد من فهم الموظفين لأهمية الامتثال.
• المكافآت والعقوبات: تنفيذ سياسات مكافآت وعقوبات تشجع على السلوكيات الإيجابية وتعزز الامتثال.

رابعاً: دور إدارات الالتزام في تعزيز سمعة الشركة تعتبر سمعة الشركة من الأصول القيمة التي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على نجاحها، فالشركات التي تلتزم بأعلى معايير الأخلاق والامتثال تتمتع بسمعة قوية، مما يساهم في زيادة ولاء الموظفين والثقة بين العملاء والشركة، وكذلك يساهم في جذب المستثمرين.