الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قد يصعب الحديث عن التعاون الصيني السعودي دون ذكر مبادرة “الحزام والطريق” و”رؤية 2030″ للمملكة. إذ أن للتكامل بين المبادرة ورؤية المملكة أهمية كبيرة، وتحديدا من الناحية الاستراتيجية، التي تبدأ بالجانبين الاقتصادي والاستثماري وتنتهي بالسياسي.
عموما تهدف مبادرة “الحزام والطريق” إلى تحقيق الترابط والتواصل، فهي بمثابة الشرايين التي تجري وتنتشر في الدول لتنعشها، فمرور طرق المبادرة بأراضي دول كانت تعد دولا خاملة هو حقيقة إعادة إحياء لتلك المناطق كي تنهض من جديد، فكما يقول المثل الصيني: “إذا أردت أن تصبح ثريا فابدأ ببناء طريق أولا”. وفي الوقت ذاته فإن ما تتضمنه رؤية المملكة من بناء مدن جديدة وتحديث لمناطق كانت قائمة سابقا يعد بمثابة إنعاش لتلك المنطقة بالكامل، لا سيما في ظل أهمية الموقع الجغرافي للمملكة العربية السعودية. وبذلك فإن مرور طرق تلك المبادرة بالمملكة، والتكاتف بين أهداف المبادرة ورؤية المملكة سيساهم بشكل أو بآخر في إحياء نوع جديد من الترابط بين المملكة وجوارها، وهو ما سينعكس على الجانب السياسي، فهذا الترابط البنيوي الذي يتشكل من خلال البنى التحتية كالطرق والجسور هو ليس طرقا وجسورا بقدر ما هو مسار جديد يعبر عن نقلة نوعية في العلاقات الدولية، نقلة ترسمها تلك البنى التحتية بشكل فعلي لتسير بعدها العلاقات السياسية على درب تلك الطرق بسلاسة، بما يُفضي إلى تقديم نموذج “رابح-رابح” وهو نموذج لم تشهده العلاقات بين الدول في العقود السابقة. نموذج له خصوصيته، يقوم على وقائع ملموسة تجسّدت وتمثّلت في طرق ستُعبّد وتمهّد لعلاقات نموذجية.
إذ أنّ هذا النوع من التعاون بين الدول سيكون بمثابة نقطة انطلاق جديدة لعصر جديد في العلاقات الدولية يقوم على التكامل والاستقلال وتبادل المنفعة. فهي من السمات الأساسية للعلاقات الصينية السعودية، إذ أنّ الجانبين قد بدءا عهدا جديدا في مستويات عليا من الشراكات الاستراتيجية لا سيما بعد زيارة الرئيس الصيني “شي جين بينغ” وعقد القمم الثلاث عام 2022. فيوم بعد يوم يتبين العمق الاستراتيجي لهذه العلاقة، عمق قد يكون جوهره أن “العلاقات الصينية- السعودية” ليست مجرد تبادلات تجارية وتعاون اقتصادي واستثمارات وبنى تحتية، بل هي فوائد مشتركة لكلا الطرفين. وهو ما أعلنه رئيس مجلس الدولة الصيني “لي تشيانغ” خلال زيارته في الأيام الماضية إلى المملكة العربية السعودية، إذ قال: “الصين تضع السعودية كأولوية في علاقاتها الدولية”.
وقد يبقى السؤال الذي يطرح نفسه، كيف من الممكن تحقيق التكامل والاستقلال وتبادل المنفعة بدون تبعية؟
تشكّل النقاط السابقة الذكر أساسا للتعاون، إذ تكمن أهمية العلاقات السعودية الصينية أنها بُنيت وتُبنى على أسس صلبة وملموسة، وهو ما قد يكون إعادة إحياء لطريق الحرير القديم بصيغة عصرية. فكما قال رئيس مجلس الدولة الصيني في زيارته الأخيرة إلى الرياض: “تتمتع العلاقات السعودية الصينية بعمق تاريخي وُثقت عبر طريق الحرير منذ 2000 سنة”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال