الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مدينة الرياض عروس الصحراء العاصمة الحبيبة لبلدي الغالي، هي مدينة قديمة جداً تعود إلى عام 715 قبل الميلاد بمسمي “حَجْر” وكانت عاصمة لإقليم “اليمامة” الذي كان يضم العارض والحوطة والحريق وسدير والمحمل والخرج والأفلاج وغيرها، وكعاصمة في الدولة السعودية بدأت بعد أن نجح الإمام تركي بن عبد الله في إعادة تأسيس الدولة السعودية الثانية، وجعل من الرياض عاصمة لهذه الدولة في عام 1824، وخلال هذه الفترة، نمت الرياض وأصبحت مركزاً سياسياً مهماً في منطقة نجد.
وشهدت توسعاً كبيراً في مساحتها عبر الزمن، فبعد أن كانت في أوائل القرن الماضي مدينة صغيرة محصورة ضمن الأسوار القديمة لحمايتها، بمساحة تتراوح بين 8 إلى 15 كيلو متراً مربعاً، وكانت تجمعاتها السكانية والبنية التحتية محصورة ضمن هذا النطاق، والحياة بها والبنية الاجتماعية تقليدية تركز على توفير الاحتياجات الأساسية لقاطنيها، واقتصادها يعتمد على الزراعة وبعض الحرف والتجارة المحلية، ومع اكتشاف النفط في المملكة في الثلاثينيات من القرن الماضي، بدأت ملامح التغيير تظهر تدريجيًا على مدينة الرياض، وحظيت بنمو هائلاً من خلال التوسع الحضري الكبير والنمو السكاني المتزايد، فشملت أحياء جديدة ومنشآت حديثة، وأصبحت مركزاً حضرياً واقتصادياً رئيسياً في المملكة العربية السعودية، وتحولت إلى واحدة من أكبر المدن في العالم وأكثرها تطورًا من الناحية الاقتصادية والتجارية والبنية التحتية، فوصلت مساحتها إلي حوالي 3,115 كيلومتراً مربعاً.
وقد مرت عاصمتنا الحبيبة بمراحل تطور تنموية وحضرية وعمرانية واقتصادية واجتماعية وثقافية عدة، وكان لقائد سفينة السمو والعلو والتقدم السعودي البهيج سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود الدور الأكبر والأطول، والذي إمتد لأكثر من خمس عقود، أكمل من سبقوه يرحمهم الله وهيأ لمن بعده من أصحاب السمو الأمراء عروس صحراوية فريدة، وقد أبدع في تفعيل مجموعة من الأذرع تنموية متعددة الفاعلة، وعلى رأسها بالإضافة للإمارة الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض (الهيئة الملكية لمدينة الرياض) منذ (1974/6/18)، والمراحل هي:
ففي المرحلة الأولى من التنمية الحضرية (1950-1970):
بعد توحيد المملكة العربية السعودية في عام 1932 على يد مجدد التأسيس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود يرحمه الله، بدأت الرياض تأخذ منحى تصاعدي في تطوير بنيتها التحتية، وكانت الخمسينيات والستينيات فترة التأسيس وبناء المؤسسات الحكومية، الطرق، والمدارس. بدأ التخطيط الحضري يظهر في هذه المرحلة، وتم بناء عدد من الأحياء الحديثة لاستيعاب النمو السكاني المتزايد، أحد أبرز المشاريع في تلك الفترة كان بناء “قصر الحكم” كمركز للحكومة.
والمرحلة الثانية: مرحلة الطفرة الاقتصادية (1970-1990):
شهدت الرياض تحولًا كبيرًا خلال السبعينيات والثمانينيات الميلادي، نتيجة الطفرة النفطية التي حدثت في المملكة، وأدي ارتفاع أسعار النفط إلى تدفق عائدات ضخمة استقلت في تطوير المدينة وغيرها بشكل غير مسبوق، فتم إنشاء العديد من المؤسسات التعليمية، الصحية، الثقافية، والرياضية وغير ذلك، كما تم بناء شبكة حديثة من الطرق والجسور، إلى جانب توسيع الأحياء السكنية وإنشاء مراكز تجارية ضخمة، في هذه الفترة، أصبحت الرياض مركزًا سياسيًا وتجاريًا رئيسيًا في الشرق الأوسط.
والمرحلة الثالثة: التوسع العمراني (1990-2010):
في التسعينيات والألفية الجديدة، استمر التوسع العمراني في الرياض بوتيرة متسارعة، تم تطوير العديد من المشاريع العقارية الفخمة، مثل حي العليا وحي السليمانية وحي السفارات وغيرها الكثير، بالإضافة إلى إنشاء المزيد من المجمعات التجارية والفنادق الفاخرة، والتوسع في المؤسسات التعليمية المتنوعة، والكليات العسكرية، كما شهدت المدينة تطورًا في قطاع النقل بإنشاء مطار الملك خالد الدولي، الذي ساهم في تعزيز دور الرياض كعاصمة دولية، وزاد التعداد السكاني بشكل كبير خلال هذه الفترة، ما دفع الحكومة إلى زيادة الاستثمار في البنية التحتية وتوفير خدمات أفضل للمواطنين.
المرحلة الرابعة: الانطلاق الكبير والمتسارع والإضافة النوعية من خلال رؤية 2030 والأعظم بالقرن 21:
مع إطلاق رؤية السعودية 2030 تحت قيادة الملهم عرابها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، تسارعت وتيرة تطوير الرياض لتصبح واحدة من المدن العالمية الكبرى، المشاريع الضخمة فيها تعكس رؤية السعودية لتحويل العاصمة إلى مدينة عالمية متكاملة تعتمد على الابتكار والتكنولوجيا والاستدامة، وتلعب هذه المشاريع الضخمة دورًا كبيرًا في تحسين جودة الحياة في المدينة، بالإضافة إلى تعزيز مكانة الرياض كمركز اقتصادي وثقافي واجتماعي ورياضي وسياحي رئيسي في المنطقة والعالم، من بين أبرز المشاريع التي تم الشروع في تنفيذها:
مشروع الرياض الخضراء:
يعد مشروع الرياض الخضراء أحد أبرز مبادرات رؤية 2030، فهو يهدف إلى تحويل الرياض إلى مدينة مستدامة بيئيًا، ويركز المشروع على زراعة 7.5 مليون الأشجار في أنحاء المدينة، بالإضافة إلى إنشاء الحدائق العامة والمساحات الخضراء، والهدف هو تحسين جودة الهواء وتقليل درجات الحرارة وتحسين جودة الحياة في المدينة.
مشروع القدية:
مشروع القدية هو مدينة ترفيهية ضخمة تقع غرب الرياض، وتعد واحدة من أكبر المدن الترفيهية في العالم. تشمل المدينة مرافق ترفيهية ورياضية وثقافية، وتهدف إلى استقطاب السياح المحليين والدوليين، سيضم المشروع حدائق ترفيهية، مجمعات رياضية، مسارات سباقات السيارات، ومرافق ترفيهية عالمية المستوى.
مشروع مترو الرياض:
مترو الرياض هو مشروع ضخم يهدف إلى إنشاء شبكة مترو حديثة تغطي معظم أنحاء العاصمة. يشمل المشروع ستة خطوط مترو تمتد لأكثر من 176 كيلومترًا، وسيشكل نواة شبكة النقل العام في المدينة، يهدف المشروع إلى تخفيف الازدحام المروري وتحسين جودة النقل.
مشروع المسار الرياضي:
المسار الرياضي هو مشروع يمتد على مسافة 135 كيلو متراً عبر مدينة الرياض، ويهدف إلى تشجيع السكان على ممارسة الرياضة وتحسين جودة الحياة، يتضمن المسار مساحات مخصصة للمشي، الجري، وركوب الدراجات، بالإضافة إلى مرافق رياضية وترفيهية.
مشروع بوابة الدرعية:
بوابة الدرعية هو مشروع تاريخي ضخم يهدف إلى تحويل منطقة الدرعية، مسقط رأس الدولة السعودية الأولى، إلى وجهة سياحية ثقافية، سيتضمن المشروع متاحف، معارض، ومساحات ترفيهية تعرض التراث السعودي، يهدف إلى جذب السياح المحليين والدوليين وتعزيز الهوية الثقافية للمملكة.
مشروع المربع الجديد:
المربع الجديد هو مشروع مستقبلي يهدف إلى تطوير منطقة مركزية جديدة في وسط الرياض، سيضم المشروع مراكز تجارية، مجمعات سكنية، فنادق، ومساحات مكتبية، بالإضافة إلى ذلك، سيكون هناك أماكن ترفيهية وفنية، ما يجعله واحدًا من أكبر المشاريع العقارية في المملكة.
مدينة الملك سلمان للطاقة (SPARK):
مدينة الملك سلمان للطاقة المعروفة باسم “سبارك”، هي مدينة صناعية متخصصة تهدف إلى دعم قطاع الطاقة في المملكة. تقع بالقرب من الرياض، وتضم مرافق صناعية، تكنولوجية، وخدماتية متكاملة تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الصناعي وتطوير الصناعات المرتبطة بالطاقة.
مشروع واجهة الرياض:
واجهة الرياض هو مشروع تجاري وترفيهي يقع شمال العاصمة، يضم مجمعات تجارية، مطاعم، فنادق، ومكاتب، ويعد واحدًا من الوجهات الرئيسية للتسوق والترفيه في المدينة، يقدم المشروع تصميمات معمارية حديثة ومساحات مفتوحة تعزز من تجربة الزوار.
مشروع حديقة الملك سلمان:
حديقة الملك سلمان هي أكبر حديقة حضرية في العالم، حيث تغطي مساحة 16 كيلومترًا مربعًا. سيتضمن المشروع حدائق نباتية، مساحات خضراء، مناطق للفنون، ومرافق ترفيهية ورياضية، تهدف الحديقة إلى تعزيز جودة الحياة في الرياض وجعلها مركزًا حضريًا متكاملًا للترفيه والاسترخاء.
مدينة الفيصلية:
مدينة الفيصلية هي مدينة جديدة تقع غرب الرياض، وهي جزء من خطط التوسع العمراني للمدينة. تهدف المدينة إلى توفير مساحات سكنية وتجارية جديدة لاستيعاب النمو السكاني المتزايد، مع التركيز على تطوير البنية التحتية والخدمات.
والمدينة أصبحت تتمايز باقتصاديات كبيرة تعتبر من بين الأكثر تنوعًا ونموًا في المملكة العربية السعودية، وتلعب دورًا محوريًا في دفع عجلة الاقتصاد الوطني بفضل عدد من العوامل التي تشمل القطاعات التقليدية مثل النفط والغاز، وأيضًا القطاعات غير النفطية مثل التجارة، الصناعة، التكنولوجيا، والخدمات المالية، ومن أهمها:
النفط والطاقة:
تاريخيًا، يعتمد الاقتصاد السعودي بشكل كبير على قطاع النفط والغاز، ومدينة الرياض تعد مقرًا رئيسيًا للعديد من شركات الطاقة الكبرى مثل أرامكو السعودية والشركة السعودية للكهرباء، ورغم أن الرياض ليست مدينة نفطية مثل الدمام أو الجبيل، إلا أن إدارة وتخطيط هذا القطاع تتم بشكل رئيسي من العاصمة، حيث توجد الوزارات والشركات الكبرى التي توجه السياسات الاقتصادية المتعلقة بالطاقة.
القطاع المالي:
يعد القطاع المالي في الرياض من أكثر القطاعات تطورًا، حيث تستضيف المدينة معظم البنوك الكبرى، بما في ذلك البنك المركزي السعودي (ساما)، ومجموعة تداول السعودية التي تدير سوق الأسهم السعودي، هذا بالإضافة إلى مجموعة من الشركات المالية الكبرى مثل البنك الأهلي، وبنك الرياض، والراجحي، يشهد هذا القطاع توسعًا مستمرًا بفضل الإصلاحات التي تهدف إلى تعزيز الاستثمار المحلي والدولي.
التجارة والاستثمار:
تعتبر الرياض مركزًا تجاريًا مهمًا على مستوى المملكة، تستضيف المدينة العديد من الشركات الكبرى المحلية والعالمية، وتتمتع ببيئة تجارية ديناميكية تدعم النمو في قطاع التجارة والاستثمار، الهيئة العامة للاستثمار والهيئة العامة للتجارة الخارجية، تعملان من العاصمة على تسهيل الاستثمار الأجنبي والتجارة الدولية.
بالإضافة إلى ذلك، يعتبر مجمع الملك عبد الله المالي (KAFD) أحد المشاريع الاقتصادية العملاقة في الرياض، وهو مجمع مالي وتجاري يهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتطوير القطاع المالي.
الصناعة والتكنولوجيا:
مع توسع رؤية السعودية 2030، تعمل الرياض على تطوير قطاعات الصناعة والتكنولوجيا، لتعزيز الاقتصاد غير النفطي، ومدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، هما من المراكز البحثية التي تساهم في الابتكار الصناعي والتكنولوجي.
كما تحتضن الرياض عددًا من المدن الصناعية، والتي تضم مصانع ومرافق متطورة في مجالات مثل الصناعات الثقيلة، التصنيع الغذائي، والصناعات التحويلية. هذا القطاع يعتبر جزءًا أساسيًا من الاستراتيجية الاقتصادية للمملكة لتقليل الاعتماد على النفط وتنويع الاقتصاد.
السياحة والترفيه:
السياحة والترفيه هما من القطاعات الصاعدة في الرياض بفضل مشاريع ضخمة مثل مشروع القدية، وبوابة الدرعية، والعديد من الفعاليات الدولية التي تُقام ضمن مبادرات مثل موسم الرياض، هذه المشاريع تساهم في دعم الاقتصاد المحلي عبر استقطاب السياح وتعزيز الإنفاق الداخلي.
قطاع الخدمات:
قطاع الخدمات يمثل جزءًا كبيرًا من اقتصاد الرياض، حيث يشمل الخدمات التعليمية، الصحية، والخدمات الحكومية، مع وجود الجامعات الكبيرة مثل جامعة الملك سعود، وجامعة الأمام محمد بن سعود، وجامعة الأميرة نورة، تسهم هذه المؤسسات في تخريج كوادر مؤهلة تدعم الاقتصاد في مختلف القطاعات.
العقارات والبنية التحتية:
قطاع العقارات والبنية التحتية يشهد نموًا سريعًا بفضل المشاريع الضخمة التي يتم تطويرها في الرياض، مثل مشروع المربع الجديد ومشروع حديقة الملك سلمان، هذا القطاع يعد واحدًا من أكبر محركات النمو الاقتصادي في المدينة، حيث يستثمر فيه القطاع الخاص والحكومي بشكل مكثف لتلبية الطلب المتزايد على الإسكان والمكاتب التجارية.
التكنولوجيا والابتكار:
مع تصاعد دور التكنولوجيا والابتكار في الاقتصاد العالمي، تحاول الرياض تعزيز مكانتها كعاصمة للابتكار في الشرق الأوسط. مدينة الملك عبد الله للطاقة المتجددة، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، (ونيوم)، كلها أمثلة على المبادرات التكنولوجية التي تركز على الذكاء الاصطناعي، الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا الحيوية.
قطاع النقل والخدمات اللوجستية:
يمثل قطاع النقل والخدمات اللوجستية أحد المحاور الرئيسية التي تقوم عليها اقتصاديات مدينة الرياض، مع مطار الملك خالد الدولي، وشبكة الطرق السريعة المتقدمة، ومشروع مترو الرياض، تعمل المدينة على تعزيز دورها كمركز إقليمي للنقل والخدمات اللوجستية، تهدف هذه المشاريع إلى دعم النمو الاقتصادي من خلال تحسين الاتصال داخل المدينة ومع المدن والموانئ الأخرى في المملكة.
مبادرات رؤية 2030:
من خلال رؤية 2030، تسعى الحكومة السعودية إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، الرياض تلعب دورًا مركزيًا في هذه الاستراتيجية من خلال تطوير القطاعات الاقتصادية الجديدة مثل الترفيه، السياحة، والطاقة المتجددة، وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص لجذب الاستثمارات الأجنبية.
الخلاصة:
اقتصاديات مدينة الرياض تعتمد على التنوع الاقتصادي المتزايد من خلال التركيز على القطاعات غير النفطية مثل التمويل، الصناعة، التكنولوجيا، والسياحة، إلى جانب استمرار دورها في قطاع الطاقة. مشاريع رؤية 2030 والمبادرات الحكومية والاستثمارية تعزز مكانة الرياض كواحدة من أسرع المدن نموًا على مستوى العالم، مما يجعلها مركزًا اقتصاديًا مهمًا في المنطقة.
وكل عام وقيادتنا والشعب السعودي بخير في يوم وطني نحتفل فيه جميعا ونحلم ونحقق، وبهذه المناسبة العزيزة أقول:
وطني الحبيب ما أقدس ثراه
وطني الغالي روحي فداه
وطني جميل أحب ما فيه
وطني أفديه بعمري ما يكفيه
حبك وطني ولي غرس فيه
وطناً غالي اتنفس هواه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال