أثر التصميم القانوني على البيئة التشريعية بالمملكة

أولاً: إذا كانت لديك الرغبة في النجاح فقد حققت نصف هدفك ، وإذا لم تكن لديك هذه الرغبة فقد حققت نصف فشلك – انتوني روبنز

من المجالات الناشئة والمرتبطة بالابتكار القانوني ما يُعرف بـ التصميم القانوني  (Legal Design): وهو مجال مبتكر يهدف إلى تحسين طريقة تقديم الخدمات القانونية وجعلها أكثر فهماً وسهولةً للوصول إليها من قبل المستفيدين ، ويقوم التصميم القانوني على مبادئ ‏التصميم التجريبي (Experimental design) والتفكير التصميمي(Design Thinking) لتبسيط العمليات القانونية وجعلها أكثر فعالية ومرونة. 

• ‏يركز التصميم القانوني على عدة ركائز منها:

‏- تبسيط الوثائق القانونية وذلك بجعل العقود، والاتفاقيات، والإجراءات القانونية أكثر وضوحًا وفهمًا، باستخدام لغة بسيطة وتصميم بصري يسهل على المستخدمين التعامل معها.

‏- تحسين تجربة المستخدم وتطوير خدمات قانونية تراعي احتياجات العملاء وتوفر حلولًا سهلة وسريعة لمشاكلهم القانونية.

‏- تقديم حلول مبتكرة والاعتماد على تقنيات جديدة وأدوات مبتكرة لتحسين كيفية تقديم الخدمات القانونية.

• ‏يقوم التصميم القانوني على عناصر منها:

‏أ. التفكير التصميمي:(Design Thinking)  وهو نهج يركز على المستخدمين، يتمثل في فهم احتياجاتهم وتحدياتهم، وتطوير حلول مبتكرة تلبي هذه الاحتياجات. يتم تطبيق هذا النهج في التصميم القانوني لتحليل المشكلات القانونية من منظور المستخدمين، سواء كانوا محامين، عملاء، أو قضاة.

‏ب. التصميم البصري Visual Design)): وهو تبسيط المستندات القانونية من خلال استخدام الرسوم التوضيحية، الأيقونات، والجداول لتوضيح المعلومات المعقدة ، وهذا يمكن أن يساعد المستخدمين على فهم العقود والشروط بشكل أسرع ، ويتم تقديم الوثائق والإجراءات القانونية في صيغة خطوات بسيطة وواضحة.

‏ج. اللغة البسيطة Plain Language)): استخدام لغة واضحة ومباشرة تخلو من المصطلحات القانونية المعقدة، مما يسهل على الأشخاص غير المتخصصين فهم الوثائق القانونية، وتساهم اللغة البسيطة في تحسين الشفافية والوصول إلى العدالة، حيث يصبح الأفراد قادرين على فهم حقوقهم والتزاماتهم دون الحاجة إلى ترجمة قانونية معقدة. 

• من التحديات التي يواجها التصميم القانوني والحلول لها وهي وفق ما يلي:

‏أ. مقاومة التغيير من قبل المختصين القانونيين والمحامين والقضاة الذين يفضلون الأساليب التقليدية في تقديم الخدمات القانونية.

‏فمن الحلول لهذا التحدي القيام بتوعية الفاعلين القانونيين والمحامين والقضاة بفوائد التصميم القانوني من حيث تحسين الكفاءة وتقليل الأخطاء، وتقديم التدريب اللازم لهم لتبني هذه النهج الجديدة.

‏ب. التكيف مع المتطلبات القانونية المختلفة وذلك لكثرت وتنوع الانظمة واللوائح المحلية والدولية المتغيرة بشكل دوري مما يشكل تحدياً كبيراً للتصميم للتعامل معها ومحاولة تبسيط وتوحيد الوثائق القانونية.

‏فمن الحلول هو أن التصميم القانوني طّور ليتسم بالمرونة وقابلة للتكيف مع متطلبات التشريعات المختلفة، مع الحفاظ على الوضوح والبساطة.

‏ج. مخاوف حماية البيانات والخصوصية والامتثال لقوانين الخصوصية مع استخدام التكنولوجيا المتقدمة في التصميم القانوني، مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات.

‏فيجب لمواجهة هذا التحدي أن تتضمن عمليات التصميم القانوني إجراءات قوية لحماية البيانات وتشفير المعلومات، بالإضافة إلى الامتثال الكامل للقوانين واللوائح المتعلقة بحماية البيانات.

‏د. تحدي القياس والتقييم فمن الصعب تحديد مؤشرات أداء رئيسية  ((KPIs لتقييم ما إذا كانت الحلول المطبقة تحقق الأهداف المرجوة مثل تحسين تجربة المستخدم أو زيادة الكفاءة.

‏ويمكن أن تتم تطوير منهجيات قياس جديدة خاصة بالتحديات القانونية، مع التركيز على جمع البيانات وتحليلها لتقييم الأداء والتحسين المستمر للوصول لتقييم عادل وواقعي لأداء التصميم القانوني

‏هـ. القبول القانوني والتنظيمي من السلطات القضائية والتنظيمية، التي قد تعتبر أن بعض الابتكارات لا تتماشى مع المعايير القانونية التقليدية.

‏فيمكن العمل مع الجهات التنظيمية من بداية عملية التصميم لضمان توافق الحلول المبتكرة مع القوانين الحالية، وربما التأثير على تطوير التشريعات لتكون أكثر مرونة تجاه الابتكار

• الآثار المستقبلية المتوقعة للتصميم القانوني، وهي وفق ما يلي:

‏1. تحسين الوصول إلى العدالة.

‏2. تبسيط العمليات القانونية.

‏3. تعزيز الشفافية والثقة في النظام القانوني.

‏4. إعادة تشكيل مهنة المحاماة.

‏5. تعزيز الابتكار القانوني.

إن القطاع القانوني بالمملكة عليه مهمة كبيراً في مواكبة التطور التقني الكبير الذي تمر به المملكة وتماشياً مع رؤيتنا 2030 من خلال التعمق في هذه المجالات وتبني المبادرات التي تستهدف هذا المجال المهم جداً، والقيام بوضع مبادئ قانونية تبين وتوضح الالتزامات والمسؤوليات في هذا المجال مما يساهم في رفع كفاءة الجهات بالقطاعات الثلاثة من النواحي القانونية التقنية، وسداً للاحتياج الحالي والمستقبلي للرأي القانوني في مثل هذه الحالات.

أخيراً يقول: مصطفى صادق الرافعي:

المجدُ بينَ موروثٍ ومكتسبِ

والقطرُ في الأرضِ لا كالقطر في السحُبِ

وما الفتى من رأى أباءَه نجباً

ولم يكن هو إنْ عدوهُ في النُّجبِ

وإن أولى الورى بالمجدِ كلُّ فتىً

من نفسه ومِنَ الأمجادِ في نسبِ