الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لا زلت اذكر قرار السوق المالية قبل أكثر من عام بعدم قبول أي طلبات تسجيل للأوراق المالية وطرحها في حال كانت القوائم المالية المعدة لهذا الغرض تمت مراجعتها من قبل أربعة محاسبين قانونيين أعلنت أسماء مكاتبهم مبينة أن ذلك يسري على الطلبات التي تقدم للهيئة منذ تاريخ القرار ولمدة 24 شهرا.
أتذكر القرار جيدا وكتبت عنه في حينها تحت عنوان “إزالة مكياج الإدراج” واقصد به قيام بعض الشركات التي تزمع طرح نسبة منها في سوقي “تاسي” او ” نمو” بتلميع ارقامها عبر محاسبين مثل الذين تم إيقافهم، التلميع الذي يمكن اعتباره من حقها إذا ارتكز على حقائق محاسبية سليمة، وإذا كان ما يعلن من خطط واستراتيجيات نمو وتوسع صادقا وسيتم تنفيذه.
يمكننا تسمية هذه الممارسة بالتجميل، أي وضع “المكياج”، مكياج الإدراج، والتجميل مثله مثل صبغ الأشياء يتم عبر عدة مراحل او خطوات مثل تنظيف البشرة، ثم وضع دهان او مساحيق الأساس، ومن ثم وضع الطبقة النهائية.
الحظ اليوم مشكلة جديدة وأعمق، تشبه “البوتكس” الذي يصعب ملاحظته وبالتالي تصعب ازالته، لاحظتها مرتين عند بدء الحملة الإعلامية والاتصالية لطرح شركات لمنتجات استهلاكية تبيعها بالتجزئة نشرت ما اسمته بند “هوامش الربح “.
احدى الشركتين نشرت ما اسمته “هامش اجمالي الربح ” وكانت الأرقام خارقة بمعنى الكلمة فمن بين خمسة قطاعات تعمل فيها كان أقل هامش ربح نحو 40%، وأعلاها يقترب من 80%، وأتمنى ان تكون هذه النسب دقيقة وان تستمر حتى بعد الادراج.
عندما نقرأ مثل هذه الأرقام في أي اكتتاب – هنا نشير إلى أننا لا نتحدث عن شركة بعينها، وليس المقصود الشركتين اللتين لاحظت ارقامهما أصلا – عندما نقرأ مثل هذه الأرقام سيكون الاكتتاب مغريا جدا، لكن ما حدث وقد يحدث ومن تجارب كثيرة ليس آخرها شركة المطعم الشهير، أن هذه الهوامش تبقى “تحت الجلد”، بالضبط مثل “البوتكس”، ولا نراها في الأرباع التي تلي أول ربع او اثنين بعد الإدراج، وتبدأ سلسلة الخسائر، وتساق الحجة تلو الحجة، وعند بحث المستثمر أو المكتتب عن الأداء وتلك الهوامش التي يسيل لها اللعاب لا يجد أمامه سوى المثل الشهير “سعيد سف الدقيق”، وقصته مشهورة ومعروفة.
على من يساهم في تضليل عامة الناس بهذا التجميل أن يتقي الله أولا، ثم يتبع المهنية الحقيقية سواء كان مستشار طرح، او وكالة إعلانية، او مؤثرا وشهيرا يروج لشركة ما او يبهرج أدائها.
أيضا على المستثمر والمكتتب ان يقرأ بتمعن، وان يتعظ من تجارب مرصودة ونشرت قصصها على الملأ، تجارب لم تستشعر الأمانة وعظم ذنب اكل أموال الناس بالتدليس والنية المسبقة للتخارج غير النظيف.
هناك ملاك يحتفظ لهم التاريخ الاقتصادي والاستثماري بالاحترام، طرحوا شركاتهم وحافظوا عليها واشركوا الناس في أرباحهم لانهم ببساطة باعوا الحصص التي باعوها بربح يرضيهم ويغطي قيمة جهدهم ومالهم ووقتهم الذي بذلوه في تأسيس وتنمية شركاتهم.
وهناك من لا يهتم الا بجمع المال، والخروج من الاكتتاب بربح مبالغ فيه، ثم اهمال شركاتهم او نهبها لأنها أصبحت ملكية عامة، وهؤلاء سيكون النظام لهم بالمرصاد، وستلاحقهم دعوات المظلومين.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال