الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
على مر العصور، كانت القصص جزءًا أساسيًا من تراثنا العربي والإسلامي. منذ الجاهلية، جلس أجدادنا تحت السماء الصافية، يروون قصص الشجاعة والحكمة والبطولات. كانت القصيدة تروي ملحمة، والحكاية تعلّم درسًا، والمثل ينقل حكمة الأجيال.
وعندما جاء الإسلام، أضفى على القصص بُعدًا روحيًا، حيث نجد في القرآن الكريم قصص الأنبياء والأمم السابقة، ليس فقط لنأخذ منها العبر، بل لتبقى حيّة في قلوبنا وعقولنا، ترشدنا وتلهمنا.
القصص لم تكن مجرد وسيلة للتسلية، بل كانت نافذة على قيَمنا، وأداة لبناء الروابط بين الناس، كان العرب يتفاخرون بفصاحتهم وقدرتهم على السرد، وكيف كانوا يستخدمون القصص لنقل التراث والحكمة من جيل إلى جيل، وكل قصة كانت تحمل رسالة، سواء كانت قصة عن صبر أيوب، أو عن حكمة لقمان، أو عن شجاعة علي بن أبي طالب أو حدة بصر زرقاء اليمامة.
واليوم، في عصر التكنولوجيا والتسويق الحديث، لم تفقد القصة مكانتها. بل أصبحت هي الوسيلة الأكثر قوة في إلهام الجمهور وربطهم بالعلامة التجارية، حين تحكي العلامة التجارية قصة حقيقية أو مؤثرة، فهي تعيد إحياء هذا التراث الغني الذي تربينا عليه، لتصبح أكثر من مجرد منتج أو خدمة.
تمامًا كما كانت قصصنا سابقًا، يمكن للتسويق اليوم أن يستفيد من قوة القصة لبناء اتصال عاطفي حقيقي، يتجاوز العروض والإعلانات الترويجية ليصل إلى قلوب الناس، حيث يبقى التأثير عالقًا، كما بقيت قصص أسلافنا حيّة في الذاكرة.
سنتناول في هذا المقال ثلاث محاور عن كيفية استخدام القصص في التسويق.
يمكن للقصص أن تُعرّف الجمهور بهوية وقيَم العلامة التجارية. بدلاً من تقديم رسالة تسويقية مباشرة، يمكن للشركة أن تروي قصة عن نشأتها، التحديات التي واجهتها، أو حتى رؤية مؤسسيها للمستقبل فهذا يساعد في جعل العلامة التجارية أكثر إنسانية وأقل حدة وجمودًا، مما يُمكّن الجمهور من التفاعل معها بشكل عاطفي. لذا ابدأ بتحديد القصة الأساسية وفكّر في السبب الذي دفعك لإنشاء شركتك أو الخدمة التي تقدمها والحلم أو الهدف الذي كنت تسعى لتحقيقه والتحديات التي واجهتها في البداية وكيف تطورت العلامة التجارية مع مرور الوقت. هذه الإجابات هي قصة يمكن سردها عبر قنواتك التسويقية لتكون أكثر قربًا من الجمهور المستهدف.
القصص التي تركز على العواطف تمس قلوب الجمهور وتجعلهم يتفاعلون مع الشركة ومنتجاتها على مستوى شخصي. هذه القصص يمكن أن تكون حكايات عن تجارب واقعية لعملاء تأثروا بالمنتج أو الخدمة، أو حتى مواقف إنسانية تعكس قيَم العلامة التجارية، لذا ابحث دومًا عن تجارب العملاء المميزة مع منتجك أو خدمتك، واسألهم عن إمكانية مشاركة قصصهم واجعل القصة تتمحور حول كيفية مساعدتك لهم في حل مشكلة معينة أو تحقيق هدف معين. ركّز على التفاصيل الإنسانية في القصة لجعل الجمهور يتعاطف مع التجربة ويشعر بأنها قريبة من واقعه ويومياته. القصة التي تروي كيف تجاوز العميل مشكلاته أو حقق هدفه تجعل جمهورك المستهدف يتخيلون أنفسهم في القصة.
القصص التي تستند إلى القيم الثقافية المحلية تلعب دورًا كبيرًا في جذب الجمهور وإيجاد صلة حقيقية معهم. من خلال تسليط الضوء على جوانب الثقافة المحلية والعادات والتقاليد يمكن للعلامة التجارية أن تعزز انتماء الجمهور وتجعله يشعر بأن الشركة تفهم هويته ولا تغرّد خارج السرب. استخدم القصص التي تعكس الثقافة المحلية في استراتيجيتك التسويقية، وفكّر في القيم التي يتبنّاها جمهورك مثل الكرم، التعاون، أو روح العائلة واستخدم مؤثرين يتوافقون مع هذه القيم، تفاعل مع المناسبات المحلية والأيام العالمية التي تتقاطع مع نشاطك لتظهر كيف تمثل علامتك التجارية جزءًا من هذا النسيج الثقافي.
القصص ليست مجرد وسيلة للترويج، بل هي أداة لبناء علاقات طويلة الأمد بين العلامات التجارية وجمهورها. باستخدام القصص بذكاء وفعالية، يمكن لأي شركة، صغيرة كانت أو كبيرة، أن تخلق روابط عاطفية متينة مع عملائها، وتساهم في بناء هوية قوية تظل محفورة في ذاكرة الناس.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال