الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تظل “شركة المراعي” من المحطات بالغة الأهمية في مسيرتي المهنية، فهي تمثل واسطة العقد لرحلتي العملية التي بدأت سنة 1998، إذ تعلمت منها الكثير و زودتني بعديد المهارات والخبرات الإدارية، بينما أكثر ما يظل عالقًا بذاكرتي من تلك الفترة الجميلة الدور المحوري والحيوي الذي تضطلع به هذه الشركة الغذائية العملاقة؛ كشريانٍ ورافدٍ أساسيٍ لتغذية وتنمية الاقتصاد الوطني لمملكتنا الحبيبة، وأبعد من ذلك تتسع صورة “المراعي” وتمتد لتصبح جزءًا مهم من الهوية الوطنية الاقتصادية المميزة لبلادنا.
“نموذج المراعي” دفعني للحديث عن قطاع الصناعات الغذائية الذي حظي باهتمام وعناية فائقة من قيادتنا الرشيدة في السنوات الأخيرة، من تعزيز لحجم استثماراتها في البنية التحتية، الى تبني التقنيات المتطورة وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار فيه؛ بوصفه رافدًا مهمًا للاقتصاد السعودي وتنوعه. وقد تم إطلاق مجموعة متنوعة من المبادرات الحكومية والخاصة نحو مبادرة “توطين صناعة الأغذية” الهادفة إلى تحسين الإنتاجية والجودة في هذا القطاع وتعزيز الإنتاج المحلي، تمكينًا لدوره في توفير الغذاء وفرص العمل، وتلبية الطلب المحلي، وزيادة الصادرات للأسواق الإقليمية والعالمية، و يأتي ذلك في صميم رؤية 2030 التي تولي هذا القطاع اهتمامًا كبيرًا بتوفير البيئة الاستثمارية والتطويرية المناسبة بهدف توطين 85% من الصناعات الغذائية.
والمتابع لرحلة هذا القطاع يلاحظ أن هذا الاهتمام انعكس في حجم الاستثمار في صناعة المنتجات الغذائية في المملكة ليبلغ أكثر من 110 مليارات ريال (30 مليار دولار)، وتشكل الاستثمارات في قطاع الغذاء 7.6% من إجمالي حجم الاستثمارات في القطاع الصناعي، وتستهدف السعودية جذب مشروعات استثمارية بقيمة 20 مليار دولار في القطاع بحلول عام 2035، إضافةً إلى زيادة قيمة صادراتها من المنتجات الغذائية إلى 10.9 مليارات دولار.
ونتيجةً للإجراءات التطويرية فإن سوق الصناعات الغذائية في المملكة يتوقع أن ينمو من 41 مليار دولار في عام 2019 إلى 57 مليار دولار بحلول عام 2030، بدعم من زيادة إنفاق المستهلكين على المأكولات والمشروبات بنسبة 1.4%، والنمو السكاني بنسبة 1.73%، مما ستؤدي إلى تحقيق نمو ثابت في مجموعة السلع الصناعية كلها بحلول عام الرؤية.
شهدنا بفخر وإعجاب كيف تخطت بلادنا الحبيبة جائحة كورونا على مستوى الأمن الغذائية بنجاح، بل وتخطت مربع الاكتفاء الذاتي محليًا إلى التصدير الخارجي على مستوى منطقة الخليج والشرق الأوسط، بل إلى العالم بأسره، من خلال إنشاء مصانع وشركات تتوافر على بنية تحتية وإمكانيات وفق أحدث المعايير العالمية يتنوّع نشاطها ما بين إنتاج الألبان والعصائر والفواكة والتمور والزيوت النباتية والأعلاف وغيرها، ولا تزال المملكة تشهد توسعًا في أنشطة الصناعات الغذائية، بل وتُعتبر مركزًا مهمًا في صناعة الغذاء، في ظل الاهتمام بتطوير قطاعات التمور ومنتجات الألبان والمأكولات البحرية، واللحوم، ضمن أهداف الاستراتيجية الوطنية لقطاع صناعة الأغذية. ويُتوقع استمرار سوق المملكة للمواد الغذائية في جميع القطاعات ليصل حجمها إلى 214 مليار ريال سعودي بحلول عام 2030، وما يُحفز الاستثمار في هذه الصناعة عنصرين رئيسين: “كبر حجم السوق السعودي، ومناسبة المنتجات الغذائية سواءً كانت أولية أو ثانوية للتصدير”، وهذا يحقق الهدف الاستراتيجي للمملكة في تنويع الصادرات.
و لا زال هناك العديد من فرص الاستثمار في قطاعات الصناعة الغذائية، و منها البنية التحتية للصناعات الغذائية بتوفير الخدمات اللوجستية والنقل والتوزيع والتخزين والتبريد، التي تسهم في تحسين إنتاجية الصناعات الغذائية، وتحسين جودة المنتجات، وتقليل التكاليف، بجانب تشجيع الشركات الأجنبية على الاستثمار في الفرص المتاحة بالمملكة.
يواجه قطاع صناعة الغذاءات في السعودية تحديات جمّة مثل التغيرات المناخية، وندرة موارد المياه، وارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل، و لكن وإذا ما تم تهيئة الظروف المناسبة والبيئة الملائمة، و منها تقديم الدعم المالي والتقني للشركات الصغيرة والمتوسطة ، إضافة إلى دراسة الفرص الاستثمارية الجديدة والواعدة وتوفير الحماية من المنافسة “غير العادلة” أمام المنتجات المستوردة، بجانب الدعم في مجال الأبحاث والتطوير فأنا على يقين أن المملكة ستتبوأ مكانًا متقدمًا على الصعيد العالمي وستصبح مصدرًا مهمًا للأمن الغذائي، وستكون لديها الكثير من الشركات الشبيهة بتجربة “المراعي” تعزز أمنها الغذائي وتدعم اقتصادها الوطني
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال