الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
وفقًا لدراسة صادرة عن “ANA” (Association of National Advertisers) في الولايات المتحدة عام 2020، تشكل نسبة النساء 52% من العاملين في مجال التسويق، ولكن نسبة تمثيلهن في المناصب العليا لا تتجاوز 33% أي ما يقارب الثلث.
وفي دراسة أخرى من “Statista” لعام 2022، أظهرت أن النساء في أوروبا يشغلن 28% فقط من المناصب التنفيذية في وكالات التسويق الكبرى، ما يشير إلى وجود فجوة كبيرة بين الجنسين، ليس بالتواجد في القطاع بل أيضًا في قيادة المنشآت التسويقية والإبداعية. ورغم أنه لا توجد إحصائيات دقيقة عن النسبة في المملكة العربية السعودية، لكن أعتقد أنها في العالم العربي بشكل عام مقاربة للنسب العالمية.
ورغم هذا التقدم الكبير الذي حققته المرأة في مجالات مختلفة، إلا أنها واجهت ولا تزال تواجه عدة تحديات تعيق وصولها إلى مراكز القيادة والتأثير تحديدًا في المجال التسويقي والإبداعي. هذه التحديات تتنوع بين معوّقات اجتماعية، ثقافية، واقتصادية، وتشمل تحديات تتعلق بالأجور، الفرص التدريبية، وتحقيق التوازن بين الحياة المهنية والشخصية.
من خلال عملي في القطاع لأكثر من عشرين عامـًا انتقلت فيها عدة مرات بين الشركات الإبداعية العالمية والمحلية وبين القطاع الخاص والحكومي، أعتقد أن التحدي الأكبر هو نفسه النتيجة – بمعنى أن النسبة المنخفضة للنساء في المجال تساهم في استمرار هذه الأنماط التي بدورها تمنعهم من الدخول للمجال والاستمرار فيه، ولا أخفيكم أنه خلال مسيرتي المهنية عملت في ثلاث شركات مختلفة كنت فيها الفتاة الوحيدة بالفريق الإبداعي إن لم يكن بالشركة كاملة.
لعل أبرز تحدي هو أن العمل في المجال التسويقي يتطلّب بشكل مستمر تحقيق التوازن بين الحياة المهنية والشخصية خاصةً في المواسم التسويقية وفي بيئات العمل ذات الرِتم السريع والمزدحم، وهذا يعني ساعات طويلة من العمل، وضغطًا مستمرًا لإنجاز المشاريع في مواعيد نهائية ضيقة، ما يجعل من الصعب على النساء اللاتي لديهن مسؤوليات عائلية التقدم في مسيرتهن المهنية. في تقرير صادر عن “McKinsey & Company” لعام 2021 حول المرأة في مكان العمل، أكدت 42% من النساء العاملات في التسويق أن صعوبة التوازن بين العمل والحياة الأسرية تعوق تقدمهن المهني.
بالإضافة إلى غياب القدوة أو النماذج الناجحة والملهمة من النساء في هذا القطاع مما يجعل الأجيال الجديدة المقبلة على المجال أقل حماسًا واهتمامًا بالدخول للمجال. كما يتطلب تواجد المرأة في الشركات التسويقية وجود دعم مستمر من الفريق مُتمثلاً في قيادة متفهمة وبيئات عمل مهيأة بشكل مختلف وزميلات يتشاركن الرؤى والبصائر والاهتمامات ويعملون سوية كفريق. هذه الأسباب بالإضافة للتحديات الاجتماعية والثقافية جميعًا تجعل المجال أقل إغراءً للمبدعات خاصةً مع انخفاض الوعي بجدوى العمل في المجال وتفاصيله وغياب المحتوى التوعوي عنه.
على الرغم من من هذه التحديات إلا أنه وخلال العشر سنوات الماضية طرأت تغييرات جذرية ساهمت في تغيير هذا النمط وأصبحت التخصصات الإبداعية والتسويقية محل اهتمام الفتيات في المرحلة الجامعية، مما ساهم في ظهور جيل متمكّن ذو خلفية أكاديمية.
كما ظهرت لدينا نماذج مختلفة من الشركات المحلية التي استطاعت أن تتجاوز هذه المعوّقات وصنعت توازن ممتاز داخل الشركة يمكن للمرأة من خلاله أن تبدع وتنجح وتضع بصمتها. وصرنا نشهد الآن تواجد شركات تقودها نساء أو على الأقل يشكّل فيها النساء نسبة عالية خاصةً إداريًا أو في المناصب العليا مما يجعل دخول المرأة وتوظيفها أسهل.
الهدف من تعزيز تواجد المرأة في هذه الشركات ليس “تكملة عدد” بل هو تعزيز وصول الحملات التسويقية وتحسين نتائجها. حيث أثبتت الدراسات أن تعزيز تواجد النساء في القطاع يساعد في تحويل العلامات التجارية للشركات نحو حملات تسويقية أكثر تأثيرًا في الجمهور وذلك باستهداف شرائح متنوعة من المستهلكين بأساليب أكثر إبداعًا وشمولية مما يجعل النساء في محل “الصانع” للمحتوى الإعلاني والتسويقي بدلاً من “المستقبل” والمشتري فقط.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال