الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يُعتبر الفساد من أعظم التحديات التي تواجه الحكومات والمجتمعات حول العالم، حيث يؤثر الفساد على التنمية الاقتصادية، ويقوض الثقة في المؤسسات العامة، ويعوق التقدم الاجتماعي.
ومع تزايد تعقيدات الفساد وتنوع أساليبه، تبرز الحاجة إلى أدوات فعالة ومبتكرة للكشف عنه ومكافحته. وفي هذا السياق، يدخل الذكاء الاصطناعي (AI) كأداة تحول مهمة، حيث يمكن أن يلعب دورا حاسما في مكافحة الفساد من خلال تحسين جمع البيانات، وتحليل المعلومات، وتقديم التحليلات والتنبؤات المتقدمة.
ويعرض الفساد نفسه في صور عديدة، منها الرشوة، والاختلاس، والجرائم المالية. وغالبا، تُعد قوانين الضوابط والمراقبة التقليدية غير كافية لمواجهة هذا الظاهرة العالمية. ولذلك، يجب أن تكون هناك حلول أكثر ابتكارا وفاعلية.
ومن هنا، يمكن أن يساهم الذكاء الاصطناعي في محاربة الفساد من خلال تحليل كميات هائلة من البيانات بسهولة وسرعة عالية. وعلى سبيل المثال، يمكن تحليل بيانات المعاملات المالية الحكومية واكتشاف الأنماط غير العادية أو غير المنطقية والتي قد تشير إلى فساد محتمل، من خلال جمع البيانات المتعلقة بالمعاملات المالية الحكومية.
وقد تشمل هذه البيانات سجلات الإنفاق الحكومي، والمدفوعات لموردي الخدمات، وتفاصيل المناقصات والعقود، وكذلك معلومات الضرائب والمصروفات.
ثم بعد ذلك، يتم تحليل تلك البيانات، وتتضمن هذه العملية اكتشاف السجلات أو المعاملات التي تختلف بشكل كبير عن النمط العام، مثل يمكن أن تشمل المدفوعات التي تزيد عن متوسط القيم السابقة بشكل غير منطقي، أو المدفوعات التي تتجاوز الإيرادات بشكل متكرر، أو تكرار المعاملات الكبيرة في فترة زمنية قصيرة، أو التعامل مع موردين غير معروفين أو غير موثوق بهم، أو استخدام البطاقات الائتمانية في اكثر من دولة في زمن قصير، وغيرها من المعاملات المشبوهة.
كما يمكن للذكاء الاصطناعي رصد السلوكيات المالية الأخرى غير المقبولة والتي قد تشير إلى فساد محتمل، مثل إجراء المعاملات من قبل موظفين لديهم سجل سابق حافل بالمخالفات، أو المعاملات التي تتم في توقيت غير عادي مثل خلال عطلات نهاية الأسبوع، وغيرها من السلوكيات المشبوهة.
وعندما يكتشف النظام، الذي يتبنى الذكاء الاصطناعي، تلك الأنماط غير العادية، يمكنه أن يقوم بتقديم تحذيرات للجهات المختصة أو فرق التدقيق لإجراء مراجعات إضافية، أو تقديم تقارير تحليلية تتضمن تفسير لماذا تم تصنيف بعض المعاملات كمشتبه بها، أو تطوير نماذج للتنبؤات المستقبلية والتي قد تساعد السلطات في تحديد المجالات الأكثر عرضة للفساد.
وبعد اكتشاف تلك الأنماط غير العادية، يجب مصادقة تلك النتائج، من خلال التدقيق والمراجعة وإجراء تحقيقات ميدانية في المعاملات المثيرة للشك، إن لزم الأمر. وكذلك، يمكن أن تتم مراجعة السياسات والإجراءات الحالية لتحسينها بما يتناسب مع النتائج المكتشفة.
إن استخدام الذكاء الاصطناعي لا يقتصر فقط على الاكتشاف، بل يمكن أن يساعد أيضا في بناء “ثقافة الشفافية” والمساءلة داخل المؤسسات الحكومية من خلال نشر المعلومات وتحليل البيانات. ويمكن للجميع مراقبة نتائج تلك المعاملات وبالتالي، زيادة مستوى الثقة في جودة وكفاءة الأداء التشغيلي في الكشف السريع عن عمليات الفساد، وبالتالي تعزيز الشفافية والمصداقية في المؤسسات المختلفة حول العالم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال