الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الشركات العائلية تشكل نسبة كبيرة من المشهد الاقتصادي، ومع ذلك فإن النجاح المستدام لهذه الشركات غالباً ما يتعثر بسبب تحديات داخلية، مثل النزاعات على الإدارة أو تعيين أقارب غير أكفاء في مناصب عليا. في هذه الحالة، لن تنفع الشركة جودة منتجاتها أو قوة السوق أوالظروف الاقتصادية في حين كان البيت الداخلي للشركة في وضع سيء.
قصة غوتشي (Gucci) : تأسست شركة غوتشي، العلامة التجارية الإيطالية الفاخرة، في عام 1921م، على يد غوتشيو غوتشي، ونمت بسرعة تحت إدارة أبنائه الثلاثة. ولكن بعد وفاة أحد الأبناء، حدث تحول جذري في مسار الشركة عندما دخل أحد أحفاد العائلة إلى الإدارة. أدى ذلك إلى تصاعد التوترات بينهم، وتصاعدت هذه الخلافات إلى المحاكم حتى أثرت على سمعة الشركة وأدائها المالي، إلى أن فقدت العائلة السيطرة عليها في عام 1993م.
لماذا نحتاج للحوكمة؟
قصة غوتشي ليست استثناءً؛ بل هي واقع متكرر في تاريخ الشركات العائلية التي غالباً ما تفشل بسبب عدم القدرة على إدارة البيت الداخلي لها. هذه التجارب تسلط الضوء على أهمية الحوكمة لضمان استمرارية الأعمال وتجنب دوامة النزاعات. على العكس من ذلك، تستفيد الشركات العائلية من تطبيق الحوكمة في عدة جوانب، أهمها التالي:
أولاً: تحسين عملية اتخاذ القرار
في أي شركة، يعتبر اتخاذ القرارات هو أحد أهم العناصر التي تحدد مصير الشركة. ولكن في الشركات العائلية قد يكون اتخاذ القرارات أكثر تعقيدًا. مثلا، قد يتأثر مدير الشركة العائلية بظروفه الصحية أو تحيزاته الشخصية، مما قد يدفعه إلى اتخاذ قرارات غير موضوعية أو غير مدروسة.
هنا تأتي الحوكمة لتعمل على توزيع الصلاحيات والمسؤوليات بين الأطراف. وتساعد على اتخاذ قرارات متوازنة ومستنيرة تستند إلى مصالح الشركة بدلاً من التحيزات الشخصية. علاوة على ذلك، تضمن الحوكمة المساءلة، مما يقلل من مخاطر اتخاذ قرارات خاطئة قد تضر بمستقبل الشركة.
ثانياً: تسهيل التعاقب الوظيفي وإعداد الجيل القادم
واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الشركات العائلية هي عملية التعاقب الوظيفي أو نقل القيادة من جيل إلى آخر. العديد من الشركات العائلية تفشل في هذا التحدي (ربما بسبب عدم القناعة في قدرات الخليفة الجديد، أو من باب الخوف من الاقصاء، أو الخوف من فقدان المكانة الاجتماعية… إلخ) وقد يتسبب ذلك في نزاعات عائلية حول من يجب أن يتولى القيادة بعد الجيل الأول أو الثاني ويؤدي هذا إلى تقسيم الشركة وانهيارها.
الأسلوب الأمثل لتفادي هذه المشاكل هو تبني حوكمة تضع إطارًا واضحًا للتعاقب. يساعد هذا الإطار في تحديد القواعد والمعايير التي يجب اتباعها عند اختيار القيادة الجديدة، ويضمن أن يكون الانتقال سلسًا ومنظمًا. بالإضافة إلى ذلك، تتيح الحوكمة للشركات إعداد القادة الجدد بشكل جيد عبر تطويرهم المهني المستمر، وإشراكهم في اتخاذ القرارات المهمة، واطلاعهم على تطورات الشركة بشكل دوري.
ثالثاً: زيادة الجاذبية لاستقطاب الكفاءات
تعد القدرة على جذب الكفاءات البشرية من العوامل الرئيسية التي تساهم في نجاح أي شركة. من المعروف أن الشركات العائلية المحوكمة أكثر جاذبية للكفاءات وأصحاب الخبرة. السبب في ذلك بسيط، وهو أن الموظفون يرغبون في العمل في بيئة تحكمها قوانين وإجراءات عمل واضحة وتستند إلى مبادئ مؤسسية، وليس على أهواء أحد أفراد العائلة المالكة للشركة.
رابعاً: زيادة فرص النمو والتوسع
لا تؤثر الحوكمة فقط على العمليات الداخلية للشركة العائلية، بل تؤثر أيضًا بشكل مباشر على سمعة الشركة في السوق. فمثلاً، البنوك والمستثمرون ينظرون إلى الشركات التي تعتمد على حوكمة مؤسسية ككيانات أكثر استقرارًا وموثوقية. هذا يعزز من قدرة هذه الشركات على الاقتراض وزيادة رأس المال عند الحاجة أو جذب المستثمرين لها.
الخلاصة، الحوكمة ليست فقط تنظيم للبيت الداخلي للشركات العائلية، بل هي ضمانة لاستمراريتها ونجاحها، ومن خلالها تستطيع الشركات العائلية تحسين عملية اتخاذ القرار، تسهيل التعاقب الوظيفي، تعزيز قدرتها على استقطاب الكفاءات، وزيادة فرصها في النمو والتوسع.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال