الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تتمتع الصين والسعودية باستراتيجيات تنموية متوائمة ومفاهيم تنموية متشابهة ومزايا تنموية متكاملة، مما يجعلهما شريكين طبيعيين، حيث تجاوز حجم التجارة الثنائية بين الصين والسعودية 100 مليار دولار أمريكي لمدة عامين متتاليين، وهو ما يمثل أكثر من 35% من إجمالي حجم التجارة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي خلال نفس الفترة. لقد أظهر ذلك بشكل كامل الإمكانات الهائلة للتبادلات الاقتصادية والتجارية بين البلدين. في 10 سبتمبر الجاري، توجه رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ إلى الرياض للمشاركة في رئاسة الاجتماع الرابع للجنة الصينية-السعودية المشتركة رفيعة المستوى وإجراء زيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية بدعوة من ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء محمد بن سلمان آل سعود. وأضافت هذه الزيارة أبعادا جديدة للشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الصين والسعودية وضخت زخما جديدا في التعاون بين البلدين.
وفي المجالات التقليدية مثل النفط والغاز والبتروكيماويات والبنية التحتية والتجارة، حقق التعاون بين الصين والسعودية نتائج ملحوظة منذ فترة طويلة. وتلعب الشركات الصينية دورا مهما في العديد من المشاريع الرئيسية لـ”رؤية 2030″ السعودية، مثل مدينة نيوم، ومشروع “ذا لاين”، ومشروع البحر الأحمر. ويوجد حاليا ما يقرب من 750 مؤسسة وشركة صينية تعمل في السعودية، ولا يزال هذا العدد في ازدياد. وفي الوقت نفسه، وقّع البنكان المركزيان على اتفاقية ثنائية لتبادل العملات المحلية بقيمة 50 مليار يوان (26 مليار ريال سعودي)، ما يعزز تسهيل التجارة والاستثمار بين الطرفين. بالإضافة إلى ذلك، يدرس صندوق الاستثمارات العامة السعودي بشكل كثيف إنشاء مكاتب في بكين وشانغهاي وشنتشن في الصين، ومن المتوقع افتتاح مكتب في بكين قبل نهاية 2024.
وتعد مجالات الطاقة الجديدة والمعلومات والاتصالات والاقتصاد الرقمي والاقتصاد الأخضر وغيرها من المجالات الناشئة اتجاهات مهمة للتعاون المستقبلي بين الصين والسعودية. تشهد الصين تقدما ملحوظا على الصعيد العالمي في القطاعات الحيوية مثل السيارات الكهربائية، وبطاريات الليثيوم أيون، والمنتجات الكهروضوئية، حيث تحتل مكانة رائدة في الأسواق العالمية. بينما تعمل السعودية بنشاط على تعزيز تحولها في هيكل الطاقة. ويواصل الجانبان تعزيز التعاون في مجالات الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والكهرومائية، والهيدروجينية. من خلال الجمع بين التكنولوجيا والابتكار، تسعى السعودية للاستفادة من خبرة الصين في مجالات التكنولوجيا الفائقة والبنية التحتية لدعم تحقيق رؤية 2030 وتحويل السعودية إلى مركز عالمي للتكنولوجيا والابتكار.
كما تتزايد التبادلات الشعبية والثقافية بين الجانبين. وخلال زيارته، أوضح لي تشيانغ أنه من المهم إنجاح الأنشطة لـ”العام الثقافي الصيني السعودي عام 2025″، والدفع بالتواصل والتعاون الإنساني والثقافي في مجالات الثقافة والمؤسسات الفكرية والتعليم ووسائل الإعلام والمجال الشعبي، بما يواصل تعزيز التعارف والصداقة بين الشعبين. وقد توسع التعليم الصيني في السعودية بشكل كبير، حيث وصلت الدفعة الأولى من 175 معلمًا للغة الصينية إلى المملكة، وبدأ عدد متزايد من الطلاب السعوديين في تعلم اللغة الصينية. إن العلاقة بين الصين والسعودية ليست مجرد شراكة مصالح مترابطة، ولكنها أيضا صداقة متصلة القلوب، مما يضع الأساس للتعاون المتعمق بين البلدين في مجالات الثقافة والتعليم في المستقبل.
كما يتعمق التعاون بين الجانبين في الحوكمة العالمية. ولا يركز الجانبان على تعاونهما فحسب، بل يلتزمان أيضا بتعزيز نظام دولي عادل ومعقول على نطاق عالمي. واتفق رئيس مجلس الدولة لي تشيانغ وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال الاجتماع على أن الجانبين سيعززان التعاون في الشؤون الدولية، ويحافظان بشكل مشترك على استقرار سلاسل الصناعة والتوريد العالمية، ويعززان الحوكمة العالمية في اتجاه أكثر عدالة ومعقولية. وهذا لا يعكس المسؤوليات العالمية التي تتحملها الصين والسعودية باعتبارهما دولتين ناميتين رئيسيتين فحسب، بل يقدم أيضا مثالا إيجابيا للتعاون بين البلدان الأخرى.
زيارة رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ للسعودية تعزز عمق واتساع الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، وتفتح آفاقا جديدة للتعاون في المجالات الناشئة والحوكمة العالمية. مع التعاون القائم على المنفعة المتبادلة والتقدم يدا بيد، سيعمل شعبا البلدين على بناء مستقبل أكثر ازدهارا واستدامة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال