الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
اليوم، تعتبر الصين الأعلى تأثيرا على الاقتصاد العالمي، فهي أكبر مستورد للنفط، وذات طابع صناعي متنامي، والعنصر الأساس في حساب توقعات نمو الطلب على النفط، حيث تتأثر توقعات نمو الطلب العالمي على النفط بالبيانات الصينية، ولكن صناعة التكرير في تحدي صعب أمام تباطؤ اقتصادي عالمي يرسم ملامحه، فهل ستستطيع المصافي العالمية (وبالأخص الصينية) الصمود أمام هذه الرياح المعاكسة، أم أن شبح الإفلاس والتراجع سيصبحان العنوان الأبرز لهم في المرحلة المقبلة؟
تواجه صناعة النفط والتكرير العالمية تحديات متزايدة في ظل تراجع هوامش الربح التكريرية للمشتقات البترولية، وأيضا بسبب المعنويات السلبية جراء تباطؤ الاقتصادات الكبرى، فالمؤشرات الاقتصادية الكلية في الصين تشير إلى وضع غير مستقر مع بلوغ معدل بطالة 18.8%، وتواجه أوروبا تحديات اقتصادية مماثلة، حيث يشهد القطاع الصناعي الألماني – كمثال – تقلصًا واضحًا، مما دفع وزير الاقتصاد الألماني للتساؤل عن كيفية الحفاظ على تنافسية قطاع صناعة السيارات، وهذا الهبوط في الطلب يمتد من أوروبا حتى جنوب شرق آسيا، مما جعل قطاع التكرير العالمي يشهد خفضًا في عملياته بسبب التراجع في الطلب.
هذا التراجع، يؤثر بشكل مباشر على المصافي الصينية التي باتت تعاني من تآكل الهوامش الربحية، فمعدل تشغيل المصافي في الصين تراجعت للشهر الخامس على التوالي، متأثرة بانخفاض معدلات تشغيل المصافي في مقاطعة “شاندونغ” التي وصلت إلى 55% فقط، مما يعني أن المصافي الصغيرة المستقلة “Teapot Refineries” تواجه خطر الإفلاس، فقد انخفضت صادرات الصين من المنتجات البترولية بنسبة 16.5% على أساس سنوي، وصادرات البنزين سجلت في أغسطس أدنى مستوى لها منذ أبريل، كما شهدت صادرات الديزل تراجعًا بنسبة 30% على أساس سنوي، وإن كان يعتبر أفضل من انخفاض يوليو الذي بلغ 41.2%، إلا أنه يظل في دائرة الانخفاض.
الحاصل تدعمه عدة تقارير قد اشارت إلى أن المصافي في الصين باتت تبيع مخزوناتها وتخفض إنتاجها، وبعضها يواجه صعوبات مالية قد تؤدي إلى الإفلاس، ومع التزامن مع قرب موسم الصيانة، فقد يؤدي هذا الوضع إلى شح في المنتجات البترولية بغض النظر عن توقعات الطقس الشتوي.
أسواق النفط تُظهر ضعفًا عاماً، مما يعكس حالة عدم الاستقرار وعدم اليقين، إلا أن التفاؤل مازال متواجداً في بعض الأوساط بفضل خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس (نصف نقطة مئوية) الذي أقره بنك الاحتياطي الفيدرالي، ومتوقع أن هناك خفض آخر هذا العام، بالرغم من أن وكالات الطاقة الكبرى (وكالة الطاقة الدولية، وإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، ومنظمة أوبك) خفضت توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط لعام 2024، في مؤشر على أن التحديات الاقتصادية العالمية ستستمر في التأثير السلبي على أسواق النفط.
لذلك، تُطرح التساؤلات حول إذا ما كان هناك ما يدعم مثل هذا التفاؤل في ظل مشاكل المصافي نتيجة تباطؤ الطلب العالمي، إضافة للتأثيرات الجيوسياسية، والسياسات الصارمة المنتهجة لتعزيز التنمية عالية الجودة للابتكار الأخضر في صناعة التكرير، فالقطاع النفطي العالمي وخاصة في الصين يبدو جلياً أنه يواجه تحديات هيكلية متزايدة، مما يضع ضغوطًا زائدة على صناعة التكرير ويثير القلق حول آفاق هذا القطاع المستقبلية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال