الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يعد التداول الداخلي مجرمًا في القانون الدولي والسعودي على حدٍ سواء، حيث تُلغى مشروعيته من كونها تدحض كفاءه السوق “شفافية السوق” في عملية وصول المعلومات لكافة جمهور المتداولين في ذات الوقت.
يعرّف التداول من الداخل بعملية اتخاذ قرار التداول بشراء أو بيع أصل بناءً على معلومة يمتلكها المتداول الداخلي عن القيمة الحقيقية لهذا الأصل والتي قد يحصل عليها بشكل قانوني: كحديث مع أحد العاملين في الشركة، أو بشكل غير قانوني عن طريق تهكير نظام الشركة.تناولت النظريات الاقتصادية مفهوم التداول الداخلي للتأكيد على أهمية ضرورة الحفاظ على كفاءة السوق، حيث تؤكد نظرية كفاءة السوق على ضرورة وصول المعلومة لكافة الجمهور مما يدفع الأسعار للتحرك لعكس قيمة الأصل الحقيقية.
من أول الذين أكدوا على تأثير المعلومات على الأسعار هو الاقتصادي بول سامويلسون
Paul Samuelson حيث أكّد فيه أن المتداول لن يقوم باتخاذ قرار شراء أو بيع إلا بناء على المعلومات المتاحة، لكن، ماذا لو أنه لم يقم باتخاذ قرار للتداول على الرغم من امتلاكه لمعلومة عن قيمة الأصل الحقيقية؟
يعتقد الاقتصادي فيتشر بلاك ان ذلك نظريًا يجعل منه متداول ضوضائي. كلمة “ضوضاء” اقتصاديًا تأتي من كونه يتداول دون حصوله على معلومة بقيمة الأصل والتي لم يتم الاعلان عنها بعد لباقي الجمهور وبالتالي تحقيق عوائد بشكل غير منصف، وليس المعنى “عشوائي” بل قد يكون درس وحلل كافة المعلومات المتاحة للجمهور واتخذ قرار صحيح بالتداول.
اذًا مصدر المعلومة لا سلوك التداول هو ما يحدد إن كان التداول مبني على معلومة داخلية أم لا ومن هنا ينبثق الغموض في تحديد مصدر المعلومة التي رافقت قرار التداول.
يؤكد يحيى العُمري (2020) أن المعلومة لها ثلاث مصادر:
1- المتداول الذي يصدر المعلومة يكون عضو في الشركة: كالمدراء التنفيذيين.
2- المتداول الذي يصدر المعلومة غير عضو في الشركة: في هذه الحالة يلزم المدعي العام إثبات أنها معلومة من شخص داخلي، حتى لو لم يثبت اسم أو هوية الشخص الداخلي.
3- المتداول الذي يصدر المعلومة يكون غير محدد (معلوم): وهنا ينبغي للمدعي العام ان يثبت انها معلومة داخلية بإثبات تسجيل صوتي لمحادثة هاتفية مثلًا.
يناقش العُمري في دراسته أن الغموض في التشريعات السابقة تنبثق من الحيثيات، فعلى المدعي العام إثبات مصدر المعلومة التي يدّعي أنها داخلية، فمثلًا يرى القانون أن إن كانت المعلومة من المدراء فهي معلومة داخلية تلقائيًا، ولكن إن كان تم الحصول على نفس المعلومة من قبل شخص غير داخلي، فذلك لا يُعد تداول داخلي حتى يثبت المدعي العام أن مصدر المعلومة داخلي. فعملية تتبع مصدر المعلومة لتمييز إن كانت معلومة داخلية هي عملية غير مثالية قانونيًا.
إذًا ماهي الخيارات أمام الهيئات النظامية والمشرفة على السوق للتعرف على المتداول الداخلي؟
قد تكون عملية تتبع المتداول الداخلي ليست بالعملية اليسيرة فعلًا.
ولكن هناك خصال خاصة في المتداول الداخلي تميزه عن جمهور المتداولين، يرى الاقتصاديين ايزلي واوهارا أن كلما كانت كمية (عدد) الأسهم كبير block trade بأية اسعار – حتى وان كانت غير مثالية للتداول – كلما كان احتمال أن المتداول داخلي كبيرة.
التداول في أكثر الأسعار الغير محببه يعزو لكون المتداول الداخلي لا ينتظر حتى تصبح الاسعار لصالح قرار تداوله وإنما يتداول بأسوأ الاسعار. ولذا يقترح بعض الاقتصاديين أن وضع صناع السوق الاسعار الاسوأ قادر على كشف المتداول الداخلي.
كما ان الباحثين الاقتصاديين يرون بوجود علاقة عالية بين حجم التداول والمعلومة، حيث أن التداول بكميات كبيرة يسبب أثر سعري كبير، ولكن، بناء على نموذج كايل الشهير في شرح التداول الداخلي وأثر المعلومة على الأسعار يرى انه لذلك السبب يميل المتداول الداخلي الى التماهي مع المتداول الضوضائي عن طريق اتباع استراتيجية للتداول تتيح له تقسيم (تجزيء) حجم تداولاته حتى لا يكون لها أثر سعري عالي عند تداوله لتعظيم ارباحه فتنكشف المعلومة لكافة المستثمرين كنتيجة للتداول بكميات كبيرة.
قد قامت الجهات الإشرافية والتنظيمية في المملكة العربية السعودية بجهود كبيرة للحد من التداول الداخلي. تتمثل تلك الجهود في القوانين والانظمة المتجددة فقد تم تحديث لائحة سلوكيات السوق في 2021 والتي تعمل على تضييق هذه التجاوزات والانتهاكات القانونية من قبل المتداولين.
فعلى سبيل المثال قامت الهيئة المالية بالإعلان عن اسمائهم مع الغرامات والعقوبات المقررة بحقهم لانتهاكهم للقانون.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال