الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عندما يُعين المدير أو عضو مجلس الإدارة الشركة فإن عليه أداء مهام والقيام بعدة أمور طوال فترة أداء مهمته
ومصدر الإلزام بهذه الواجبات على المدير هو نظام الشركات السعودي فلقد ألزم بها ولا يعذر بالجهل لعدم تطبيقها
ولو طلب المدير الاستقالة فلا تقبل منه إلا بعد مدة ورضى الإدارة بفسخ عقده ولو اعتزل الإدارة من تلقاء نفسه مباشرة فإنه يكون مسؤولا عن التعويض عن الأضرار التي ترتبت على تركه إدارة الشركة وكذا يحق لملاك الشركة محاسبته لقاء ما قام به أثناء تولي الإدارة ولو بعد تركه لها كما يحق لأي من خصوم الشركة رفع الدعوى ضده بصفته الشخصية عندما يخالف النظام بعد تطبيق سلسلة من الإجراءات القانونية.
لذلك كله فتولى المناصب الإدارية بالشركات لها تبعات ويحسن بمن سيقدم على مثل هذه المناصب إعداد نفسه لها ومن ذلك الإلمام بالواجبات القانونية عليه سواء بتثقيف نفسه وهذا أمر صعب ويتعذر على الكثير أو الاستعانة بمستشار يثق به يعينه على أداء مهامه، وهذا الأمر يعتبر من الوقاية القانونية للشركة وللشركاء ولذات المدير أو عضو مجلس الإدارة.
وفي ظل التطور التشريعي الحالي فنظام الشركات الصادر عام 1443ه يحمي كل من يتعامل معه سواء أفراد أو شركات وخلافه كما أنه يرتب عقوبات وغرامات لملاك الشركات ومدراءها وأعضاء مجالس إداراتها بصفاتهم الشخصية كما أنه يوقع عقوبة السجن لمدد تصل لسنوات وهذه العقوبات متدرجة بحسب فداحة المخالفات بحسب ما تقرره الجهات المختصة، فالوعي القانوني وإدراكه أول طُرق تجنب مخالفة النظام لكون من يجهل النظام سيرتكب المخالفات بكافة أنواعها ليس رغبة في المخالفة وإنما لجهله ومن هنا تتضح أهمية رفع الوعي القانوني لدى إدارة الشركة باتباع أساليب الوقاية القانونية لكونها تحمي ذات المدير وتعطيه حصانة من الطعن في قراراته أو القدح في نزاهته وتحميه من مثل ادعاء استغلال الشركة لمصلحته والباب واسع لثغرات قانونية غير المدرك لها يقع فيها بسهولة ويفتح المجال لخصومه بتساهله وعدم تطبيقه النظام بأن يجدوا عليه مستمسكا بواسطته تكون الغلبة لهم في أي خصومة تقام أمام المحكمة والشيطان حاضر والانفس يغلبها الشح ولا توكل الأنفس وخاصة فيما يتعلق بالمال وخاصة إذا كانت المبالغ كبيرة للثقة لا بالشرع ولا بالنظام فقلد قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) فقد نصت الآية على توثيق الدين الكتابة عند التعامل المالي كما أن قوله تعالي (وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ) نص على أنه في حال لم يتمكنوا من الكتابة لسفر فعليهم أخذ الرهن كما أن المادة 66 من نظام الإثبات نصت على أن الإثبات لأي مبلغ زاد عن مئة ألف ريال لا يكون إلا بالكتابة إلا ما استثني وهو نطاق ضيق
إذا كان المدير أحد الشركاء بالشركة وبينه وباقي شركائه علاقة متينة سواء كانت هذه العلاقة صداقة أو قرابة أو لم تكن فعليه أن يوثق حصوله على الموافقات النظامية من باقي الشركاء كتابة ويحرص على حفظها لديه لكي تحميه مستقبلا فإن الإنسان ينسى مع مضي الزمن كما أن الأفهام تختلف إذا كان كل شيء مشافهة وليس كتابة مما يسبب نزاع فضلا عن كون اعتماد المشافهة فقط دون كتابة مخالف للنظام كما أن النفس الأمارة بالسوء والشيطان والمال وسطوته قد تغري البعض بأكل مال غيره كما أن الشريك الذي تأمنه وتثق به قد يموت ويأتي ورثته أو قد يبيع حصته لأخر وليس بينك وبين المالك الجديد أي علاقة أو ثقة فلا ينفع عندئذ إلا توثيق حقك وحقوق جميع شركائك بكل طرق الإثبات كما ينبغي على المدير أن يوثق اتباعه للطرق النظامية في كافة إجراءاته تحسبا لما قد يحصل بالمستقبل، فلا يحسن بالإنسان إذا شاخ وكبر أن يستدعى في المحاكم لأجل إجراءات قام بها أثناء إدارته كان بالإمكان إحكامها قانونيا في وقتها، بل وبعض هذه الإجراءات إغفالها يطبق عليها عدة أنظمة منها نظام مكافحة الاحتيال المالي الذي يشتمل عقوبة السجن لمدد تصل إلى سبع سنوات.
كما أن على أعضاء مجلس إدارة الشركة مسؤولية متابعة وتقويم مدير الشركة فيما يقوم به من أفعال تكون مخالفة للنظام أو لنظام الشركة أو لمصالحها وحينما لا يقومون بدورهم يكونون عرضة للمسائلة والغرامة وأحيانا السجن، وعمل عضو مجلس الإدارة بالغ الأهمية وخاصة بالشركات الكبيرة وعبره تستطيع الإدارة العليا تقويم ومتابعة الإدارة التنفيذية فالعناية والاهتمام باختيار الأكفأ لعضوية مجلس الإدارة والذي لديهم تفرغ وحماس للعمل له أثر كبير في منع الأخطاء قبل وقوعها ومعالجتها حال حدوثها كما أن له أثر في تطور الشركة وفي وضع الاستراتيجيات والخطط لنموها، وهذا يستغرق ويستنفذ الجهد والوقت فيستحق عضو مجلس الإدارة مقابل ذلك مكافأة مجزية ( كتبت هذه الفقرة لأن البعض يستكثر ما يحصل عليه بعض أعضاء مجالس الإدارة من مكافآت)
وعند استيعاب واجبات مدير الشركة وفق نظام الشركات السعودي نجد أنها واجبات متعددة طوال حياة الشركة بل حتى عند خسارتها وأثناء تصفيتها فيكون المدير مطالب بالقيام بإجراءات رغم أن الشركة خاسرة وليس عندها أي قدرة مالية لأداء أي عمل يتطلب نفقات، وهذه الإجراءات تستغرق وقت وجهد فالإدارة ليست بالأمر الهين بل في أحوال كثيرة تكون الإدارة عبارة عن مشقة وعناء يود صاحبها لو استقبل من أمره ما استدبر ولم يقبلها.
سأضرب مثالين لنماذج من واجبات المدير التي تتحول لمسؤولية تضامنية
الأول
المادة 132 وتخص الشركات المساهمة والمادة 182 وتخص الشركات ذات المسؤولية المحدودة نصت كلتاهما على أن خسائر الشركة إذا بلغت نصف رأس مالها فإن على مدير الشركة لذات المسؤولية المحدودة وعلى مجلس إدارة الشركة المساهمة اتخاذ إجراء إما رفع رأس مال الشركة أو حلها ويكون هذا الإجراء بناء على قرار من الجمعية العامة وفق إجراءات محددة نظاما وللأسف هناك شركات قائمة الآن تمارس نشاطها وتراكم الديون فوق الديون وهي تعلم علم اليقين أن ديونها بلغت نصف رأس مالها بل إن بعضها ديونها أكلت كل رأس مالها وملاك الشركة ومديرها ومجلس إدارتها يعلمون بذلك ولازالت هذه الشركة تمارس عملها بأخذ بضائع بالأجل ثم عدم دفع ثمنها أو تقوم بالحرص على اخذ قروض وهي تعلم عدم قدره الشركة على الوفاء بهذه القروض وعبر هذه السبل تعيش الشركة وتستمر قائمة وبهذا تكون تجاوزت المهل النظامية عند تجاوز خسائر الشركة ل 50% من رأٍس مالها ولم تحل الشركة أو تصفى فهذه مخاطرة جسيمة تنطبق في حقهم الفقرة 1 من المادة 28 من نظام الشركات ونصها ( يكون المدير وأعضاء مجلس الإدارة مسؤولين بالتضامن عن تعويض الشركة أو الشركاء أو المساهمين أو الغير عن الضرر الذي ينشأ بسبب مخالفة أحكام النظام أو عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساس، أو بسبب ما يصدر منهم من أخطاء أو إهمال أو تقصير في أداء أعمالهم. وكل شرط يقضي بغير ذلك يعد كأن لم يكن) مما يجعلهم عرضة للعقوبة الواردة في المادة 261 من نظام الشركات وهي سجن يصل لسنة وغرامة مليون ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كما أن مراكمة الديون مع عدم إعلام الدائن أن الشركة خسرت أكثر رأس مالها داخل في نظام مكافحة الاحتيال الذي نص في مادته الأولى على أن من أساليب الاحتيال الكذب أو الخداع أو الإيهام فمن يوهم الآخرين أن شركته لم تخسر رأس مالها ويأخذ الديون بضمانة رأس مالها ثم يتفاجأ الدائنون أن المدين أخفى معلومات لو علموها لما أعطوا الدين لهم فهذا هو عين الكذب والخداع والإيهام كما أنه داخل في نص المادة 90 من نظام التنفيذ ونصها “يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة كل مدين ثبت قيامه بتبديد أمواله إذا كانت الأموال كثيرة ولو ثبت إعساره. ويعد ذلك من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف” فلا يغر الإنسان الطمع وأحلام اليقظة أنه سيربح ثم سيقوم باسترداد رأس مال الشركة دون إبلاغ الجهات المختصة فينبغي على المدير المسارعة في تطبيق النظام بالإبلاغ عن وقوع الخسائر وإِشهارها إبراء لمسؤوليتهم وحماية لهم من أي عواقب تلحقهم حال تأخرهم أو إخفائهم الخسارة.
الثاني وهو استكمال للأول ففي حال الخسارة أحد الحلول التصفية أو بيع المنشأة وهو ما يسمى بالعرف العامي بالتقبيل.
المادة 242 من نظام الشركات نصت على أن الشركة إذا كانت أصولها لا تكفي لسداد ديونها فإنه لا يجوز للشركاء أو الجمعية العامة أو المساهمين اتخاذ قرار بحل الشركة، وإلا كانوا مسؤولين بالتضامن عن أي دين متبق في ذمتها، وهذا أمر خطير ويعطي مؤشر لأهمية المدير والشركاء معك قبل دخول التجارة، فليس هناك حد أعلى تقف عنده مقدار المسؤولية التضامنية، وبهذا يكون المدير والشركاء الموافقين على هذه الإجراء أساؤوا لأنفسهم من حيث يظنون أنهم أحسنوا.
كما أن بيع الشركة أو ما يسمى بالعرف العام بالتقبيل ولو نص في عقده على أن المشتري يتحمل ديون الشركة فهذه لن تغني شيئا ولن تنفع البائع أو المشتري مالم يطبقا المادة 9 من نظام الأسماء التجارية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال