الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في أطراف الحي الذي اسكن يقع أكثر من مقر حكومي مستأجر واحد على طريق الملك عبدالعزيز واثنان على شارع العليا العام وهي مقرات فخمة وفارهة وجميلة كمنظر بصري، لكنها من الجهة المقابلة مزعجة للسكان القريبون منها – ولست منهم … الى الآن – لأنها لا تمتلك مواقف كافية لمنسوبيها من صغار الموظفين حيث بالكاد تكفي المواقف للإدارة العليا وجزء من الإدارة الوسطى.
تساءلت ماذا سيحدث عندما يصل الدور الى حينا، او أي حي مثله في شمال الرياض حيث تركزت الجهات الحكومية والهيئات وكبرى الشركات على الشوارع الرئيسية، يصل الدور في احتساب رسوم على مواقف السيارات؟
عندما كانت المقرات الحكومية تبني افقيا في الغالب كانت المواقف متوفرة الى حد كبير للموظفين والمراجعين، واليوم مع الاتجاه العمودي في الأبراج الزجاجية أصبحت المواقف معضلة حقيقية خاصة وان هناك غض طرف غير مفهوم عن فرض العدد الكافي من المواقف لكل مبنى ويمكن فهم الصورة بجولة قصيرة خلف أي طريق او شارع مشهور عليه مثل هذه المقرات.
يجب ان نحمد الله كثيرا وان نشكر لقيادتنا رؤية 2030 التي جعلتنا لم نعد بحاجة لمراجعة معظم ان لم يكن كل الجهات الحكومية لأننا اصبحنا افضل الدول في الخدمات الرقمية واستغلال التقنية لرفاه وراحة المواطن وزيادة فاعلية الأداء الحكومي، لكن يظل هناك موظفين وزوار يرتادون هذه المقرات ولا بد من إيجاد حل لهم.
فرض رسوم على مواقف السيارات ممارسة رأسمالية عالمية معروفة وهي من سمات المدن الكبرى والرياض بلا شك واحدة منها، وهي ممارسة لها فوائد صحية وبيئية اذ تشجع على استخدام خيارات نقل أكثر استدامة، مثل المشي أو ركوب الدراجات او استخدام وسائل النقل العام، لان كل هذه الخيارات ان وجدت او تم تسهيل استخدامها تكون اقل كلفة على ذوي الدخل المحدود.
من الجهة المقابلة يمكن أن يكون لرسوم مواقف السيارات المرتفعة تأثير سلبي على الاقتصاد من خلال تثبيط الناس عن زيارة المتاجر والمطاعم والمقاهي وكثير من المنشآت الصغيرة وبالتالي تقليص انفاقهم، وهذا سيؤثر بالطبع على كل نشاط او منشأة يعتمد على زيارة الناس واقعيا او العملاء القريبين منه جغرافيا.
من الناحية الفكرية تتفاوت المدارس الاقتصادية في موقفها حيال رسوم مواقف السيارات ما بين من ينظرون الى تأثيرها على الأعمال الصغيرة وذوي الدخل المنخفض، وبين من يرونها ضرورية لإدارة البنية التحتية والمرافق، ومهمة للبيئة وصحة الناس، وأتمنى أن تكون أمانة مدينة الرياض التي اعتادت على التميز في إدارة العاصمة قد راعت ودرست النطاق الكامل من الآثار عند اتخاذ القرارات بشأن رسوم وقوف السيارات.
هناك طلب عالي على مواقف السيارات في مدينة الرياض الحبيبة، وهناك عرض أقل بكثير، وبهذا المنطق يجب ان يكون هناك رسوم على المواقف حتى تتوفر لمن يحتاجها، لكن أيضا هناك أخطاء تصميمية لكثير من الأحياء فتجد في نفس الشارع او المربع مباني سكنية، وأخرى تجارية، وثالثة حكومية، ورابعة لا تعرف ماذا تسميها، فهل سيكون فرض رسوم المواقف بداية تصحيح خاصة في الأحياء الجديدة او تلك التي لم تخطط بعد؟ ومحفزا لتسريع تشغيل وسائل النقل العام ؟ وعاملا مساعدا على إيجاد مسارات ومواقف للدراجات التي يمكن استخدامها شتاء ؟
الحقيقة اننا سنجرب ونرى، ونصحح ونطور، لكن الحال الآن يذكرني بقصيدة عبداللطيف البناي التي لحنها وشدا بها عبدالله الرويشد – شفاه الله – والتي يقول مطلعها : ” موقفي وياك اكثر من صعب / غامض بالحب وتحكي بالرموز/ انا بـــــس انا اللي احـــــب / ومن طرف واحد الحب لا ما يجوز “.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال