الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
منذ سنوات وكثير من الآباء والامهات يعرفون ان روايات المؤلف السعودي اسامه المسلم “ضاربة في السوق” لانهم من يصحبون ابناءهم وبالذات البنات منهم الى المكتبات، او يتلقون طلباتهم لشرائها من داخل او خارج المملكة حسب توفرها.
كانت المسألة بالنسبة لي مبهجة ان صغيرتي تقرأ، وان فحص روايتين او ثلاث منها لأغراض الرقابة الأبوية لم يكشف عن شيء يمنع شراءها، وكنت في داخلي أتمنى ان يقود ذلك الى قراءة ما احسبه روايات افضل واكثر تأثيرا، وهو امر لم يحدث بالصورة التي أتمنى لكنه قادني اليوم بعد الانتشار الواسع لهذا الشاب السعودي في دول كثيرة الى التأمل في هذه الظاهرة من الناحية الاقتصادية او التجارية، خاصة وان أسعار روايات المسلم اغلى بنسبة 40 الى 50 في المئة من روايات الوزن الثقيل المعروفة عالميا او محليا او عربيا.
في نظريات الاستهلاك هناك ما يسمى “سلعة جيفن” أو ما يعرف بالإنجليزية ( Giffen Good) وهو المنتج الذي يستهلكه الناس أكثر عند ارتفاع الأسعار والعكس بالعكس – بحسب القانون الأساسي للطلب في الاقتصاد الجزئي لأي نوع آخر من السلع.
تعتبر سلعة جيفن سلعة شعبية رخيصة بشكل كبير جدا في أذهان المستهلكين (كونها الأكثر طلبا في أوساط منخفضي الدخل) مثل الخبز في بعض البلاد العربية أو الرز في بعض الدول الأسيوية وأحيانا بعض السلع الرديئة، فتنشأ حالة عكسية لتأثير الدخل تطغى على طابع تأثير الإحلال، وبالنهاية فأن التأثير النهائي لارتفاع سعر سلعة جيفن هو زيادة الطلب عليها.
هذا الكلام ربما لا ينطبق حرفيا على سلعة أسامة المسلم الأدبية لكن احد شروط اعتبار السلعة ضمن سلعة جيفن هو ” أن يكون هناك نقص في السلع البديلة القريبة لها “، وهذا ينطبق حرفيا على سلعة المسلم الذي نجح في تقديم ما يحبه الشباب والمراهقين في قالب بسيط يتحفظ عليه النقاد المعنيين بمستويات الحبكة واللغة وأسلوب القص، والذي اذا تكلمنا بصراحة عجز عنه الروائيين، او من يزمعون كتابة روايتهم الأولى.
ستتحول هذه الروايات الى أفلام ومسلسلات ومنتجات ثقافية او فنية احرى، وسيزداد انتشارها وثراء صاحبها بارك الله له، وستزول مع الوقت كثير من التحفظات عليها لان الراي العام الشاب في مجتمعنا يريدها ويؤيدها، وهو لن يختلف عن كثير من قصص وروايات تحولت الى مسلسلات او أفلام واكتسحت العالم رغم ما فيها من مثالب أدبية واخلاقية ورغم ان البعض يعتبرها جزءا من الاستهلاك المفرط وتتبع جموع المستهلكين حتى بدون قناعة شخصية.
سيفتح أسامة المسلم نافذة تجارية كبيرة مثلما فعلت قصص خرافية او غريبة شاهدناها لسنوات تنتشر رغم عدم وجود عائد انساني او ثقافي حقيقي منها على الحضارة البشرية، لكنها الذائقة التي يفرضها من يشتري، المستهلك الذي اختار سلعته، ودفع ثمنها.
ربما الربح المالي هنا يطغى على ما سواه من عوامل ترتبط بهذا الإنتاج الادبي الاستهلاكي، وهذا امر لا ضير فيه، بل انه ربما يسهم بطريقة او بأخرى في القوة الناعمة اذا حققت هذه الروايات لدى مستهلكين آخرين بلغات وثقافات أخرى ما حققته عند المستهلك العربي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال