الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
على الرغم من أن التحديات الخارجية، مثل التطورات التكنولوجية وتغيرات سلوك المستهلكين، تشكل تهديدًا حقيقيًا أمام الشركات لتحقيق أهدافها، إلا أن الخطر الأكبر الذي قد يعصف بتلك الشركات ويقوض خططها، بل وقد يؤدي إلى فشلها، هو الخطر الداخلي.
تتجلى المخاطر الداخلية في ضعف أساليب القيادة وإدارة المؤسسة، والتي يمكن أن تضر بالاستراتيجية السليمة من خلال رؤية مضللة عن المنافسة، والإخفاقات التنظيمية، وقلة الرغبة في النمو.
مع ضغط الملاك على الإدارة لتحقيق عوائد مالية ليست فقط مجزية بل ومتزايدة باستمرار، تظهر الرغبة في النمو العشوائي كأحد أكبر التحديات التي تواجه المديرين التنفيذيين. تدفع هذه الضغوط قادة الشركات إلى توسيع خطوط الإنتاج، وإضافة ميزات جديدة للمنتجات، وتقليد خدمات المنافسين، وتحسين العمليات التشغيلية، وحتى الانخراط في عمليات الاستحواذ الرأسية والأفقية.
التحدي التالي الذي سيواجه قادة الشركات بعد الرغبة في النمو هو كيفية بناء استراتيجية واضحة وقابلة للتطبيق والحفاظ عليها من الانحراف عن الأهداف. هنا يجب على المديرين التمييز بوضوح بين الفعالية التشغيلية والاستراتيجية؛ فكلاهما ضروري، لكن لكل منهما أجندته الخاصة، كما يوضح مايكل بورتر. الفعالية التشغيلية تتعلق بالأعمال الداخلية مثل تحسين الجودة، وتقليل التكاليف، وإضافة ميزات جديدة للمنتجات، وهي ما ميز الشركات اليابانية والكورية وأوصلت تويوتا إلى قمة صانعي السيارات وسامسونغ إلى صدارة صانعي الرقائق. أما الاستراتيجية بمعناها الدقيق فهي تتعلق بالتموضع وإعادة التموضع المستمرة، أو بمعنى آخر، تحقيق تفرد في المكانة حتى لو كان ذلك مؤقتًا، كما فعلت شركة آبل.
تتميز الشركات الأمريكية بالتموضع الاستراتيجي والتفرد في خلق آفاق جديدة للابتكار، بينما تتفوق الشركات اليابانية والكورية، والآن الصينية، في الفعالية التشغيلية ومحاكاة الابتكارات الأمريكية والألمانية. يُعتبر التحسين المستمر المحرك الأساسي للفعالية التشغيلية، وهو جوهر استدامة الشركات، ووقود منافستها، وضابط الحفاظ على حصتها السوقية، وتلبية احتياجات عملائها، وتحسين نتائجها المالية بشكل مستمر. أما الاستراتيجية فهي وظيفة القيادة العليا، ونظرتها الطموحة نحو المستقبل من خلال خلق تمايز فريد للشركة، سواء عبر منتجاتها أو طرق إنتاجها.
التوازن بين الفعالية التشغيلية والخطط المستقبلية للتوسع هو الفارق بين القيادة الناجحة والفاشلة في الشركات، مع أهمية البدء بتحسين الأداء الداخلي قبل الانطلاق في استراتيجيات النمو. ففي عام 2015، باعت شركة فورد الأمريكية خمسة آلاف سيارة في اليابان، ثم قررت الانسحاب من السوق الياباني في العام التالي، مما أدى إلى فشل استراتيجيتها للنمو في اليابان وإندونيسيا. في المقابل، لم تتمكن تويوتا من بيع أكثر من ثلاثمائة سيارة خلال السنة الأولى من دخولها السوق الأمريكية في أوائل السبعينيات، لكنها تمكنت اليوم من الحصول على 15% من السوق بفضل خطط نمو واضحة مدعومة بفاعلية تشغيلية عالية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال